إني لأجهل ذات من علمي بها
إني لأجهل ذات من علمي بها المؤلف: محيي الدين بن عربي |
إني لأجهل ذات من علمي بها
عين الجهالة ِ فالعليم الجاهلُ
فإذا طلبتُ بحارَ معرفتي بها
جاءتْ بحارُ ما لهنَّ سواحلُ
ما يشغلُ الألبابَ إلا ذاتها
فلقلبنا في الذاتِ شغلٌ شاغلُ
ما نالها من نالها إلا بها
وبما لها فهيَ المنالُ النائلُ
ما قلتُ قولاً في الوجودِ محققاً
إلا وأنت هو المقول القائل
فانظر بعيني ما تراه فإنه
عيني على التحقيق وهو الحاصل
لا تفصلوا بيني وبين أحبتي
إن المحب هو الحبيبُ الفاصل
إني مررتُ بغادة ٍ في روضة ٍ
ترعى الخزامى لم يرعها حابل
تصطادُ لا تصطادُ فهيَ فريدة ٌ
في شأنها فصفاتُها تتقابلُ
لوْ أنها ظهرتْ بنعتِ مقامها
حازتْ أعاليها لذاك أسافلُ
العلمُ مني بالإلهَ فريضة ٌ
فأنا الفريضة والحبيبُ نوافلُ
وبذا أتى وحيُ الإلهِ لسمعنا
في نطقهِو الصدوقُ القائلُ
ما مرّ بي يومٌ أراه بناظري
يمضي بنا إلا ويأتي الآجلُ
ما قسمَ الدورَ الذي لا قسمة ً
في ذاتهِ إلا الحجابُ الحائلُ
فيقال ليلٌ قد أتاه نهاره
ليريلهُ وهوَ المزيلُ الزائلُ
فإذا ظهرتَ لمستوى نعتي لهُ
لمْ تبدُ أعلامٌ هناكَ فواصلُ
فالأمر بين تردّ وتحيرّ
وأبان سحبان
الفصاحة باقلُ
كلٌّ إلى علمِ الحقيقة آئل
فلمثلِ هذا يعملُ الشخصُ الذي
هو في الحقيقة بالشريعة عامل
وهوَ الذي فاقَ الوجودَ تظرفاً
وتصرفاً وهوَ الشخيصُ الكاملُ
صغرته في اللفظ تعظيماً له
وهو المكبر والغنيّ العائل
فهو المجيبُ إذا سألت جلاله
وإذا أجبت نداه فهو السائل
فالأمرُ بينَ ترددٍ وتحيرٍ
وتماثلٍ وتقابلٍ متداخل
سفرتُ عن الشمسِ المنيرة إذ علتْ
فوقَ العماءِ فحارَ فيها الداخلُ
لله نورٌ كالسراجِ يمدّه
وهنَ التقابلِ بالنزاهة ِ يأفلُ
مثلٌ أتاكَ ولمْ تكنْ تدري بهِ
والضاربُ الأمثال ليس يماثل
لا يقبلُ الإنسانُ علمَ وجودِه
إلا به فهو العليُّ السافل
ولمَّا درَّ في فضلِ معنٍ مدخلٌ
وأبانَ سبحانُ الفصاحة ِ باقلُ
نفسُ الثناءِ أسماؤه وهيَ التي
ظهرتْ بنا ولنا عليهِ دلائلُ
لوْ لمْ يكنْ ما كانَ ثمَّ بعكسهِ
قالتْ بما قلناهُ فيهِ أوائلُ
لولا منازلُنا لقلتُ معرِّفاً
لكِ يا منازلُ في الفؤادِ منازلُ
إن النجومَ إذا بدت أنوارها
هي في السماء لمن يسير مشاعل
يسري لنور ضيائها أهلُ السُّرى
أهلُ المعارجِ في العلومِ أفاضلُ
وضعت يدي للمهتدين وزينة
للناظرين فسوقة وأقاول
إني أحامي عنْ وجودِ حقيقتي
بحقيقة ٍ عنها اللسان يناضلُ
لا يعرفُ الحق المبين لأهله
إلا الإمام اليثربيّ العادل
لا تعذلوا منْ هامَ فيه محبة ً
قد أفلح الراضي وخابَ العاذلُ
والمحصناتُ المؤمناتُ أعفة ٌ
لا ترمهنّ فإنهنّ غوافل
يا مصغياً لنصيحتي لا تغفلنْ
وأعمل بها فالخاسر المتغافل
واحذر نداءَ الحقِّ يومَ ورودكم
عند السؤالِ بعلمهِ يا غافلُ
المنزلُ المعمورُ إن أخليته
عن ساكنيه هوَ المحلُّ الآهلُ
لا يعرف القدرَ الذي قد قلته
في نظمنا إلا اللبيبُ العاقلُ
القولُ قولُ الشرعِ لا تعدِل به
زُهر النُّهى عند الحقيقة ِ ذابلُ
تجري على حكم الوجودِ قيودُه
فهو المحبُّ المستهامُ الناحل
لا تأملْ إلا منْ ينفذُ حكمهُ
قدْ خابَ منْ غيرِ المهيمنِ يأملُ
منْ كانَ موصوفاً بكلِّ حقيقة ٍ
كونية ٍ هو للمعارفِ قابل
لا تنفرد بالعقلِ دون شريعة ٍ
روضِ النهى عند الشريعة ماحل
لا يقبلُ الإلقاء إلا عاقلٌ
فإذا تخلّى عنه ما هو عاقل
بيني وبينَ أحبتي سمرُ القنى
عندَ الحمى وتنائفٌ ومجاهلُ