إني أنا جسم فنفس فروح
إني أنا جسم فنفس فروح المؤلف: عبد الغني النابلسي |
إني أنا جسم فنفس فروح
ثلاثة فيهن أغدو أروح
وهن أصل واحد حادث
يخفي سريعا وسريعا يلوح
وراءه الأمر الذي يقتضي
حقيقة تجهلها كل روح
تنزهت في غيبها عندنا
فما لها إلا شميم يفوح
كاللمح من أبصارنا أمرها
وهو الذي منه يكون الفتوح
يا واحدا وهو كثير كما
قلنا ولكني به لا أبوح
خوفا على حرمته عند من
يجهله أو يعتريه جموح
فإن كل الفانيات التي
بها الوجود الحق كان السموح
ما غيرته مذ تجلي بها
وباطل في نور حق يطوح
خذ لي أمانا منك يا سيدي
جوانحي للقرب فيها جنوح
وإنني أرجوك في كل ما
أدعوك من خير وقلبي لحوح
حقيقتي أنت ولكن غدا
من بعد موتي لي بهذا وضوح
يوم اللقا مرجعنا كلنا
إليك يا مرجع أنوار يوح
طوبى لمن يفهم أقوالنا
كفهمنا فهو طروب صدوح
أو يترك الإنكار إن لم يكن
يدري ويصغي لكلام النصوح
فإن حانات دواويننا
خمارها يولي الغبوق الصبوح
ولا ينال الكأس إلا فتى
فيه لأسرار المعاني صلوح
عليه ما نرمز لا يختفي
وعنده من كل لفظ شروح
وسر هذا أنه مؤمن
بالغيب من معنى النظام السنوح
يحفظ من طوفان وسواسه
سفينة كان بها حفظ نوح
لا تقرب المنكر يا مسلما
فربما تعديك منه القروح
وربما سالت جراحاته
فنجست منك الفؤاد الطموح
كم عصبة من جهلهم حالنا
كادوا علينا يلبسون المسوح
ما آمنوا بالغيب حتى على
قلوبهم فيض التجلي يسوح
بل صوروه في خيالاتهم
وعندهم فيما رأوه رجوح
وهو بعيد غاية البعد عن
أن يشبه الغيب الحقيق النزوح
والله مع هذا عليم بهم
وإنه ذو العفو وهو الصفوح