إليك من الصمان والرمل أقبلت
إليك من الصمان والرمل أقبلت المؤلف: الفرزدق |
إلَيْكَ مِنَ الصَّمّانِ وَالرّملِ أقبَلَتْ
تَخبّ وَتَخدي من بَعيدٍ سَباسبُهْ
وَكائِنْ وَصَلْنَا لَيْلَةً بِنَهَارِهَا
إلَيْكَ كِلا عَصْرَيْهِمَا أنا دائبُهْ
لِنَلْقَاكَ، وَااللاّقِيكَ يَعْلمُ أنّهُ
إلى خَيرِ أهل الأرْض تُحدى ركائبُهْ
أقُولُ لهَا إذا هرّتِ الأرْضُ وَاشتكتْ
حِجارَةَ صَوّان تَذُوبُ صَيَاهِبُهْ
فَإنّ هِشَاماً إنْ تُلاقِيهِ سَالِماً
تَكوني كمَنْ بالغيثِ يُنصرُ جانبُهْ
لِتَأتي خَيرَ النّاسِ وَالمَلِكَ الّذِي
لَهُ كُلُّ ضَوْءٍ تَضْمَحِلُّ كوَاكبُهْ
ترَى الوَحشَ تستحييه وَالأرْضَ إذا غدا
لَهُ مُشرِقاً شَرْقِيّهُ وَمَغَارِبُهْ
فُرَاتُ هِشَامٍ، وَالوَليدُ يَمُدّهُ
لآلِ أبي العاصي، فُرَاتٌ يُغالبُهْ
عَلَيْكَ كِلا مَوْجَيْهِما لكَ يَلتقي
عُبابُهُما في مُزْبِدٍ لَكَ ثائِبُهْ
إذا اجتَمَعَا في رَاحَتَيكَ، كِلاهُما،
دُوَينَ كُبَيْداتِ السّمَاءِ غَوَارِبُهْ
وَمن أينَ أخشى الفقرَ بَعد الذي التَقى
بكَفّيكَ من مَرُوفِ ماأنا طالِبُهْ
فَإنّ ذَنُوباً مِنْ سِجَالِكَ مالىءٌ
حِياضي، فَأفْرِغْ لي ذَنُوباً أُنَاهِبْهْ
أنَاهِبُهُ الأدْنَينَ وَالأبْعَدَ الّذِي
أتاكَ بهِ من أبْعَدِ الأرْضِ جَالِبُهْ
وَما مِنْهُمَا إلاّ يَرَى أنّ حَقّهُ
عَلَيْكَ لَهُ يا ابنَ الخَلايفِ وَاجبُهْ
أبى الله إلاّ نَصْرَكُمْ بِجُنُودِهِ،
وَلَيْسَ بمَغلُوبٍ مِنَ الله صَاحِبُهْ
وكائِنْ إلَيكُمْ قادَ مِنْ رَأسِ فتنَةٍ
جُنُوداً، وَأمْثَالُ الجِبَالِ كَتائِبُهْ
فَمِنْهُنّ أيّامٌ بِصِفّينَ قَدْ مَضَتْ،
وَبالمَرْجِ وَالضّحَاكُ تَجرِي مَقانبُهْ
سَمَا لهُما مَرْوَانُ حَتى أرَاهُمَا
حِيَاضَ مَنايَا المَوْتِ حُمراً مشارِبُهْ
فما قَامَ بَعدَ الدّارِ قَوّادُ فِتْنَةٍ
لِيُشْعَلَهَا، إلاّ وَمَرْوَانُ ضَارِبُهْ
أبَى الله إلاّ أنّ مُلْكَكُمُ الّذِي
بِهِ ثَبَتَ الدِّينُ الشّديدُ نَصَائبُهْ