إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف المؤلف: محيي الدين بن عربي |
إذا أنت لم تعرف إلهك فاعتكف
عليهِ بما تدري ولا تتخذ خدنا
فإني لكلِّ الاعتقاداتِ قابلٌ
وإني منكمْ مثلُ ما أنتمُ منا
مننتُ عليكم بالذي جئتكم به
على ألسنِ الأرسالِ حباً لكمْ منا
بعثتُ إليكم واحداً واصطفيته
لنا ولكم منكم فبنتم وما بنا
وحلتمْ عنِ العهدِ الذي كانَ بيننا
بمشهدٍ قبض الذرّ فيه وما حلنا
أجازيك لي بالصوم إذ كان لي بكم
فيا ليت شعري هل تدين كما دنا
وزلتم بلا أمر ولا عين مبصر
عنِ العينِ بي دونَ الأنامِ وما زلنا
وكنا على أمرٍ بهِ قدْ عرفتمُ
ونحن عليه ما نزال وما زلنا
ونعلمُ أنا إذْ تجولونَ في بنا
بميدانِ أشهادِ جحاجحة ٍ جلنا
فإن قمتَ لي فيما أمرتك طائعاً
بأمرك يا عبدي إذا قمت لي قمنا
وما أبتغي في ذاك أجراً ولا أرى
وفي النفي عرفاني فنحن كما كنا
فما تبتغي نفسي سراحاً لذاتها
فقد ألفت من ذاتها القيد والسجنا
وهذا مَجال فكها وسراحها
ولم ندر هذا الأمر إلا إذا صمنا
ولكن بإذنِ الشرعِ لا بعقولنا
ولوْ قالَ عقلي ما أعرتُ لهُ أذنا
خلافُ الذي قالَ الحكيمُ بفكرهِ
منَ الحكمِ بالتسريحِ جهلاً بما فهنا
فنحنُ على ما قدْ علمتم كذاتهِ
إذا فارقتْ معنى يقيدها معنى
فإطلاقه إن أنتَ أنصفتَ قيدَه
فلا تنتظرْ فيهِ خطاباً ولا إذنا
فلم نخلُ عن مجلى يكون له بنا
ولمْ يخلُ سرٌ يرتقي نحوهُ منَّا
رقيُّ معانٍ لارقيَّ مسافة ٍ
على صورٍ شتى تكونُ بنا عنا
إذا كان هذا الأمر بيني وبينه
فقدْ نالَ أيضاً مثلَ ما نحنُ قدْ نلنا
قدِ انبهمَ الأمرُ الذي كانَ واضحاً
لعقلي بشرعي فالأمور كما قلنا
فقالَ لي: المطلوبُ لستُ بغيركمْ
إذا فزتمُ فزنا وإنْ عدتمُ عدنا
كما جاءَ في الشرعِ المطهر أنهُ
يمل إذا مل العبيد فما فزنا
بشيءٍ لنا نمتازُ عنهُ بهِ ولمْ
يحز دوننا أمراً لديه ولا حزنا
لقد جزتُ فيما قلته حدَّ نشأتي
فيا ليت شعري هل يجوز كما جزنا
وهذا غريبٌ إنْ يقع فهو مطلبي
عليهِ رجالُ اللهِ إنْ ساءلوا حلنا
وما أحدٌ منا إذا جاز حدَّه
إلى ضدِّه يلتذ فيه فإن امنا
فذلك أقصى ما يكون من المدى
وقائلهُ دونَ الأنامِ قد استغنى
ومنهُ يقولُ الحقُّ عني بالغنى
وفي عبدهِ في نجمِ قرآنه أغنى
وبالكسبِ نال العبد هذا الذي أتى
إلى قولهِ أغنى قنى ً ما بهِ أقنى
تقربَ ما نادى الذبيحُ إلههُ
طواعية ً منكمْ ولا تقربِ البدنا
وجلْ بمفازاتِ المعارفِ تائهاً
تزادُ بلا زادٍ ولا تدخلِ المدنا
فإنَّ عوامَ الناسِ قد ينكرونه
إذا جاءكم فليتخذ بعدهم جنا
فإن اتخاذ الستر فرضٌ معيَّنٌ
كذا جاءنا فيما بهِ اللهُ قدْ دنا
ولوْ لمْ يكنْ هذا لكانتْ دماؤنا
تباحُ فيا أهل الوجودِ قد أعلمنا
نصحناكمُ عن إذن ربي وما بقى
سوى أنْ تعوا ما قلتهُ حينَ أفهمنا
أتينا بها بيضاء مثلي نقية
عنِ الغرضِ النفسيِّ حقاً وبينا
وراثة علمٍ من شرائعِ رسله
لنرجعَ فيه للإله إذا أبنا
فمنْ كانَ ذا علمٌ وكشفٍ محققٍ
إذا كان يدعو فليتب مثلَ ما تبنا
عليه مدار الأمر في كلِّ مُرسَلٍ
فقلت لهم فابنوا على مثل ذا يبنى
لقدْ صدقتْ نفسي لكمْ في مقالها
ووالله، خاضت ونحن فما خضنا
عليكَ بصدقِ القولِ في كلِّ حالة ٍ
ولا تتأولْ واتخذهُ لكمْ حصنا
ولا تعجز الحق الذي هو قادر
وكن كالذي قال الإله لهم عنا
فقدْ بانَ في شخصٍ جليلٍ مقامهُ
وأثر فيه بالذي كان أعلمنا
حياؤً وتعظيماً لهُ وترفقاً
وعاد علينا قوله فتضرّرنا
عليه صلاة الله ما ذرَّ شارقٌ
وما ناح للشربِ الحمام وما غنى