أُولئكَ قوْمي فإن تسألي
أُولئكَ قوْمي فإن تسألي المؤلف: حسان بن ثابت |
أُولئكَ قوْمي، فإن تسألي،
كرامٌ، إذا الضيفُ يوماً ألمّ
عِظامُ القُدُورِ لأيْسارِهمْ،
يكبونَ فيها المسنَّ، السنمْ
يُواسونَ مَوْلاهُمُ في الغِنى،
ويَحْمونَ جارَهمُ إن ظُلِمْ
وكانوا مُلوكاً بأرْضِيهِمِ،
يُبادُونَ غَضْباً، بأمرٍ غَشِم
مُلوكاً على النّاس لم يُمْلَكوا
من الدّهرِ يوْماً، كحِلّ القَسَمْ
فأنْبَوْا بِعادٍ وأشياعِها،
ثمودَ، وبعضِ بَقايَا إرَمْ
بيَثْرِبَ قد شيّدُوا في النَّخيلِ
حصوناً، ودجنَ فيها النعمْ
نَوَاضِحَ قدْ عَلَّمتْها اليَهُودُ
عُلَّ إليكِ، وقوْلاً هَلُمّ
وفيما اشتهوْا من عصِيرِ القِطافِ،
وعيْشٍ رَخيٍّ على غيْرِهِمْ
فساروا إليهمْ بأثقالهمْ،
على كلّ فحلٍ هِجانٍ قَطِم
جيادُ الخيولِ بأجنابهمْ،
وقدْ جللوها ثخانَ الأدمْ
فلما أناخوا بجنبيْ صرارٍ،
وشَدّوا السُّرُوجَ بِلَيّ الحُزُمْ
فما رَاعَهُمْ غيرُ مَعْجِ الخيو
لِ، والزّحفُ من خلفهم قد دهِم
فطاروا شلالاً وقد أفزعوا،
وطرنا إليهمْ كأسدِ الأجمْ
على كلّ سَلْهَبَة ٍ في الصيّا
نِ، لا تستكينُ لطولِ السأمْ
وكلِّ كميتٍ، مطارِ الفؤادِ،
أمينِ الفصوصِ، كمثلِ الزلمْ
عليها فوارسُ قدْ عاودوا
قِرَاعَ الكُماة، وَضرْبَ البُهَمْ
لُيوثٌ إذا غَضِبوا في الحُرُو
بِ، لا يَنكِلون، ولكن قُدُمْ
فَأُبْنا بِسادتِهِمْ والنّسَا
ءِ قَسْراً، وأموالِهِم تُقتَسمْ
ورثنا مساكنهمْ بعدهمْ،
وكنا ملوكاً بها لمْ نرمْ
فلمّا أتانا رَسُولُ المَلِيـ
ـكِ بالنُّورِ والحقّ بعد الظُّلَمْ
ركنا إليهِ، ولمْ نعصهِ،
غداة َ أتانا منَ ارضِ الحرمْ
وقلنا: صَدقتَ، رَسولَ المليك،
هلمّ إلينا، وفينا أقمْ
فنشهدْ أنكَ، عندَ الملي
كِ، أرسلتَ حقاً بدينٍ قيمْ
فنادِ بما كنتَ أخفيتهُ،
نداءً جهاراً، ولا تكتتمْ
فإنا وأولادنا جنة ٌ،
نَقِيكَ وَفي مالِنا فاحتكِمْ
فنحْنُ وُلاتُكَ، إذ كذّبوكَ،
فنادِ نداءً، ولا تحتشمْ
فطارَ الغواة ُ بأشياعهمْ
إليهِ، يظنونَ أن يخترمْ
فقمنا بأسيافنا دونهُ،
نُجالِدُ عَنْهُ بُغاة َ الأُمَمْ
بكلّ صقيلٍ، لهُ ميعة ٌ،
رقيقِ الذبابِ، غموسٍ خذمْ
إذا ما يُصادِفُ صُمَّ العِظا
مِ لمْ يَنبُ عنها، ولمْ ينثلِمْ
فذلكَ ما أورثتنا القرو
مُ مجْداً تليداً، وعِزَّاً أشَمّ
إذا مرّ قرنٌ كفى نسلهُ،
وخلفَ إذا ما انقصمْ
فما إنْ من النّاسِ إلاّ لنا
عليه، وإن خاس، فضلُ النعمْ