أَفِدَ الرَّحِيلُ وحثَّنِي صَحْبِي
أَفِدَ الرَّحِيلُ وحثَّنِي صَحْبِي المؤلف: بشار بن برد |
أَفِدَ الرَّحِيلُ وحثَّنِي صَحْبِي
والنفسُ مشرفة ٌ على النَّحبِ
لمَّا رأيتُ الهم مجتنحاً
في القلب والعينان في سكب
والْبيْنُ قدْ أَفِدَتْ ركائِبُهُ
والْقوْمُ مِنْ طَرِبٍ ومِنْ صَبِّ
ونادْيتُ: إِنَّ الْحُبَّ أشْعرنِي
قَتْلاً وما أَحْدَثْتُ مِنْ ذَنْبِ
أَهْدَى لِعَيْنِي ذِكْرُكُمْ سَهَدَاً
مِنْ غيْرِ ما سَقَمٍ ولا طَبِّ
إِلاَّ التَّمَنِّي أنْ أفُورَ بِكُمْ
فتحرَّجي يا "عبدَ" من غضبي
لَوَجَدْتِ حُبَّكِ قاتِلِي عَجَلاً
إنْ لمْ يُفرِّجْ كَاشِفُ الْكرْبِ
وعلاَمة ٌ مِنْكُمْ مُبيَّنة ٌ
حسبي بها من حبِّكمْ حسبي
أنِّي أُكِبُّ إِذا ذكرْتكُمُ
مِنْ مجْلِسِ القُرَّاءِ والشَّرْبِ
حتِّى يقول الناس بينهم:
شَغَفُ «الْمُرَعَّثِ» دَاخِلُ الْحُبِّ
ما زلت أذكركم وليلكمُ
حَتَّى جَفَا عَنْ مَضْجَعِي جَنْبِي
وعلمتُ أنَّ الصَّرمَ شيمتكم
في النأي والهجران في القربِ
فَظَلِلْتُ لا أدْرِي: أُقِيمُ علَى الْـ
ـهِجْرانِ أوْ أغْدُو مع الرَّكْبِ
فلئِنْ غدوْتُ لقدْ أُصِبْتُ بِكُمْ
ولئِنْ أقمْتُ لَمُسْهَبُ اللُّبِّ
قامت تراءى لي لتقتلني
في القرطِ والخلخالِ والإتبِ
فدعوتُ ربِّي دعوة ً جمعتْ
رغبَ المحبِّ وشدة َ الرهبِ
ألاَ تَرَاكِ بِنَا مُتَيَّمَة ً
فأجابَ دعوة عاشقٍ ربِّي
أهذي بكم ما عشتُ إنكمُ
يَا حِبُّ وَافَقَ شِعْبُكُمْ شِعْبِي
ورأت عجاباً شيبتي عجباً
إنَّ العجائبَ في "أبي حربِ"
ولقد أتانا أنَّ غانية ً
أخرى وكنتُ بهنَّ كالنَّصبِ
يأملنني ويرينَ منقصتي
عندَ الرِّضا عنها وفي العتبِ
لمَّا مررْتُ بها مُسَتَّرة ً
في الحيِّ بين خرائدٍ عربِ
قالت لنسوتها على عجلٍ:
أنى لنا بمصدع القلبِ
لسمَاعُهُ ـ إنْ كان يُسْمِعُنا ـ
أشْهى إِلَى قلْبِي مِن الْعَذْبِ
فَأجبْنهَا: إِنَّ الْفَتَى غَزِلٌ
وأحب من يمشي على التربِ
لاَ تُعْجِلِينا أنْ نُوَاعِدَهُ
فيكونَ مجلسنا على خصبِ
وننالَ منهُ غيرَ واحدة ٍ
إِنَّ السَّمَاعَ لأَهْوَنُ الْخَطْبِ