أَسائَلُ دَمعي هَل غَدَوتَ مُجيبي
أَسائَلُ دَمعي هَل غَدَوتَ مُجيبي المؤلف: شكيب أرسلان |
أَسائَلُ دَمعي هَل غَدَوتَ مُجيبي
إِذا شِئتَ أَطفى حُرقَتي وَلَهيبي
وَهَيهاتَ أَن يَقوى عَلى النارِ صيبِ
وَريحُ الرَزايا آذَنَت بِهُبوبِ
لَئِن بَكَتِ الخَنساءُ صَخراً فَإِنَّهُ
لَقَد باتَ يَبكي الصَخرُ طولَ نَحيبي
يَقولونَ لي صَبراً فَقَد ذُبتُ لَوعَةً
وَما ذوبَ مِثلي في الأَسى بِعَجيبِ
أَأَحسَبُ قَلبي مِن حَديدٍ وَإِن يَكُن
فَكَم مِن شَرارٍ لِلحَديدِ مُذيبِ
وَقالوا أَلا مَهلاً تَأسَ بِمَن مَضوا
فَلَيسَ مُصابٌ جازِعٌ بِمُصيبِ
فَقُلتُ ذَروني وَالأَسى لَيسَ مُغنِياً
كَلامَ خَطيبٍ مَعَ كَلامِ خُطوبِ
أَجَلَّ مَقامي في المَحَبَّةِ وَالوَفا
عَنِ اللَهوِ وَالسَلوانِ بَعدَ حَبيبِ
وَرُبَّ مُحِبٍّ باتَ يَسلو حَبيبَهُ
أَلا تِلكَ أَجسامٌ بِغَيرِ قُلوبِ
أَفي كُلِّ يَومٍ لِلمَنِيَّةِ حادِثٌ
يُسيلُ مِنَ الأَجفانِ كُلَّ صَبيبِ
تَعَمَّدنا رَيبَ المَنونِ بِضَربَةٍ
أَبى الدَهرُ أَن يَأتي لَها بِضَريبِ
أُصِبنا بِعَبدِ القادِرِ اليَومَ إِذ غَدَت
تَناطَ بِهِ آمالَ كُلِّ لَبيبِ
هَوى كَوكَباً باتَت لِوَقعِ غُروبِهِ
جَميعَ المَآقي مَترَعاتُ غُروبِ
هَوى كَوكَباً كَالبَدرِ تَمّاً وَإِن غَدا
قَريبُ المَدى مِن مَشرِقٍ لِمَغيبِ
فَقُل أَيُّ وَجدٍ في الجَوانِحِ مَحرِقٌ
عَلى أَيِّ غُصنٍ في التُرابِ رَطيبِ
لَئِن لَم يُجاوِزُ سِتَّ عَشرَةَ حِجَّةً
لَقَد جازَ في الإِدراكِ أَهلُ مَشيبِ
قَرَأتُ لَهُ كُتُباً قُبَيلَ نَعِيِّهِ
بِأَمثالِها يَختالُ كُلَّ أَديبِ
اَبى نَكَدُ الأَيّامِ إِلّا أَقولُهُ
وَهَل تُؤثِرُ الدُنيا حَياةَ نَجيبِ
وَكانَ الَّذي لَو عاشَ أَحيا جُدودَهُ
وَأَمسى بِوادي النيلِ كُلَّ خَصيبِ
عَزيزٌ نَماهُ عَرشُ مِصرَ وَقَد قَضى
مَنِيَّةً ناءَ في البِلادِ غَريبِ
مِنَ العَلَويينَ الأَعاظِمَ فَضَلَّهُم
عَلى كُلِّ قاصٍ عَنهُم وَقَريبِ
يُرجيهِمُ الإِسلامُ في كُلِّ مَأزِقٍ
وَفي كُلِّ يَومٍ لِلزَمانِ عَصيبِ
قَضى العَدلُ أَنّا في الكَوارِثِ كُلِّها
نُشاطِرُ مِن أَحزانِهِم بِنَصيبِ
سَأَلتُ لَهُم طولض البَقاءِ وَسيلَةً
لِنُصرَةِ أَقوامٍ لَهُم وَشُعوبِ
وَرِفعَةَ أَوطانٍ وَعِزَّةِ مِلَّةٍ
وَكَبَت عدو كاشِحٍ وَرَقيبِ