الرئيسيةبحث

أَتُنكِرُ نَبذَ الصُبحِ في ما تُحاوِلُهُ

أَتُنكِرُ نَبذَ الصُبحِ في ما تُحاوِلُهُ

أَتُنكِرُ نَبذَ الصُبحِ في ما تُحاوِلُهُ
المؤلف: شكيب أرسلان



أَتُنكِرُ نَبذَ الصُبحِ في ما تُحاوِلُهُ
 
بِعَذلٍ وَباكي العَينِ جارَت عَواذِلُهُ
وَتَحجو اِنصِبابَ الدَمعِ مُنكِراً
 
إِذا دَبَجَت خُضرَ الرَوابي هُوَ أَطَلُّهُ
فَأَروِد فَاِقصِر عُمرَكَ اللَهُ وَاِتَّئِد
 
فانَأى مِنَ العَنقاءِ ما أَنتَ آمِلُهُ
تُحاوِلُ تَجفيفاً لِدَمعي كَعامِدِ
 
لِتَجفيفِ بَحرِ مَحوَرِالأَرضِ ساحِلُهُ
وَإِطفاءِ نارٍ بِالحَشى مِثلَ مَن أَتى
 
لَظى سَقرَ يُطفي الصَلا وَهوَ آكِلُهُ
أَيا لائِمي في الحُزنِ كَلَّني لِلأَسى
 
شَجياً فَقَد طابَت لَدى مَناهِلُهُ
وَلا تَتعَبَنَّ أَوتَعتِبتَنَّ تَجهَل هَمُّهُ
 
أَلا فَاِعذُلَنّي بِالَّذي أَنتَ عاقِلُهُ
وَلَو كُنتَ تَدري ما الرَزيئَةُ لَم تَلُم
 
وَلَكِنَّما يَستَصغِرُ الأَمرُ جاهِلُهُ
مُصابٌ بَدَت لِلمَوتِ فيهِ شَدائِدٌ
 
بِما لَم تَكُن تَدريهِ يَوماً غَوائِلُهُ
بِهِ ذَهَبَ اليَومَ الرَدى كُلَّ مَذهَبِ
 
كَأَنَّ الرَدى لَم يَدرِ ما هُوَ فاعِلُهُ
أَزالَ بِأُفقِ المَجدِ شَمسَ فَضيلَةٍ
 
تَميدُ بِها مَن ذا الزَمانُ جَلائِلُهُ
عَقيلَةُ صَونٍ قَد أُصيبَ بِها العُلى
 
عَلى مِثلِها ماتَ العُلا وَعَقائِلُهُ
تَعَطَّلَ خَسفاً جيدَ ذا الدَهرِ بَعدَما
 
تَحَلّى بِها دَهراً مِنَ الدَهرِ عاطِلُهُ
مَضَت فَمَضى مِنها إِلى اللَهُ مُمتِعاً
 
بِنُعماهُ شَخصٌ لا تَعُدُّ كَمائِلُهُ
فَقامَت لَها في كُلِّ حَيٍّ نَوادِبُ
 
لِحُسنِ ثَناءٍ يَفعَمُ البِرُّ نائِلُهُ
أَلا إِنَّ لُبنانَ الأَغَرَّ تَخَضَّبَت
 
رُباهُ دَماً مِمّا بَكَتهُ قَبائِلُه
تُمَثِّلُ دَكَّ الطورِ في صَعَقاتِهِ
 
دَمادِمُهُ مَمّا تَميدُ مَعاقِلُهُ
أَمصَرعَها يَومَ الثَلاثا وَقَد سَرى
 
بِها نَعشَها كَالفَلَكِ وَالدَمعِ حامِلُهُ
تَصعَدُ فيهِ الناسُ كُلَّ شَرارَةٍ
 
بِما فيهِ قَد ساوَت ضَحاهُ أَصائِلُهُ
فَيا قَبرَها في الحازِمِيَّةِ فَوقَهُ
 
غِطاءً مِنَ العَفوِ المُهينُ سادِلُهُ
سَقَتكَ شَآبيبُ الرِضى كُلِّ غَدوَةٍ
 
وَظَلَّ الحَيا يَنهَلُ فَوقَكَ وابِلُهُ
أَراحِلَةٌ مِن عالَمِ المَوتِ لِلبَقا
 
وَيا حَبَّذا مِن ذَلِكَ الحَيِّ راحِلُهُ
لَكَ اللَهُ بِالصَبرِ الَّذي قَد قَضَيتُهُ
 
بِداءَ مَدى السَبعِ السِنينَ يُناضِلُهُ
تَخِذتُ اللَيالي النابِغِيَّةِ مَألفاً
 
فَما شَأنُ طَرفِ حالِكَ اللَيلُ كاحِلُهُ
وَتَصبِرُ حَتّى أَصبَحَ الداءُ عِندَها
 
أَواخِرُهُ قَد سُوِيَت وَأَوائِلُهُ
فَوَيحَ الرَدى كَيفَ اِنبَرى لِاِختِطافِها
 
وَلَم تَدُم مُذ مَدَّت يَداهُ أَنامِلُهُ
تَخَرَّمَها لا يَرهَبُ البَأسُ مِن حِمى
 
وَزيرَ وَفَت أَسيافِهِ وَعَوامِلُهُ
فَلَم يَتَهَيَّب لِلوَزيرِ بَسالَةً
 
تَسامَت وَلَم تُغَنِّ الوَزيرَ مَناصِلُهُ
أَقامَ السَرايا فَوقَ لُبنانَ تَنجَلي
 
فَأَينَ السَرايا لِلحِمامِ تَنزِلُهُ
أُصيبَ لَعَمرِ اللَهِ لَيسَ تُفيدُهُ
 
فَتيلاً عَلى دَرءِ المُصابِ جَحافِلُهُ
وَلا غَروَ فيهِ مِن مُصابِ مُعظَمِ
 
فَما واثِبُ الضِرغامُ إِلّا مُماثِلُهُ
وَأَنَّ الَّذي جَلَّ الزَمانَ بِفَضلِهِ
 
لا حَرى بِأَن هانَت عَلَيهِ نَوازِلُهُ
لَقَد جَلَّ أَن يَخشى مِنَ الدَهرِ بَأسُهُ
 
بَل الدَهرُ يَخشاهُ فَلَيسَ يُعادِلُهُ
وَزيرٌ إِذا قَلَّ الثَناءُ فَإِنَّما
 
شَمائِلُهُ بِالالتِفاتِ شَوامِلُهُ
هَنيئاً لِلُبنانَ بِهِ أَنَّ ذِكرُهُ
 
يَضوعُ بِأَذكى ما تَضوعُ خَمائِلُهُ
تَوَلّاهُ واصاً حَيثُ واصى أَيادِياً
 
تَواصي الثَنا طولَ المَدى وَتُواصِلُهُ
فَدُنياكَ طَراً لا تُطِع باعِثَ الأَسى
 
فَإِنَّكَ لا يَعينكَ في الخَطبِ هائِلُهُ
وَأَنَّ الَّذي قَد صَلَّتَتهُ يَدُ القَضا
 
حُسامٌ غَدَت أَمرَ الإِلَهِ حَمائِلُهُ
فَهَل في قَضاءِ اللَهِ تُنجيكَ حيلَةٌ
 
إِذا نَصَبَت لِلاقتِناصِ حَبائِلُهُ
وَهَل كُلُّ شَأَنٍ مُبتَغيهِ وَسائِلُهُ
 
يَصِحُّ بِهِ فيما يَرومُ وَسائِلُهُ
فَجَدَلتُ ذا العُدوانِ بِالسَيفِ عُنوَةً
 
وَلَكِن هَذا المَوتُ لَيسَ يَشا كُلُّهُ
فَعَطفٌ عَلى المَكروهِ نَفساً فَإِنَّهُ
 
قَضاءٌ عَميمٌ مَقصِداتُ مُقاتِلُهُ
فَمِثلَكَ لا يَعنو لا ثِقالَ نَكبَةٍ
 
عَلى أَن حَزَمَ الرَأى إِذا ذاكَ كاهِلُهُ
وَمِثلُكَ في لُبنانَ هِمَّتُهُ اِنتَضَت
 
فَوائِفٌ ما كانَت تَرجى أَواهِلُهُ
نَشَرتُ لِواءَ العَدلِ فَوقَ هِضابِهِ
 
خَفوقاً بِآلاءِ غَدَت لا تُزايِلُهُ
فَدُمتَ عَلَيهِ والِياً تُسعِدُ الوَرى
 
كَما دُمتَ جوداً فيهِ يَخضَرُّ وابِلُهُ