أَتُرى يَحِلُّ هَواكِ بَينَ الأَضلُعِ
أَتُرى يَحِلُّ هَواكِ بَينَ الأَضلُعِ المؤلف: شكيب أرسلان |
أَتُرى يَحِلُّ هَواكِ بَينَ الأَضلُعِ
وَيَحِلُّ لي بِسِواكِ ذَرفُ الأَدمُعِ
وَأَبيتُ أُشرِكَ فيكِ في دينِ الهَوى
وَأَكونُ لِلتَوحيدِ أَوَّلِ مُدَّعِ
وَتَظَلُّ تَشرُدُ بي لِغَيرِكَ صَبوَةً
هِيَ مِن سُجونِكَ في المَحلِ الأَمنَعِ
وَأَسيمُ في رَوضِ الحِسانِ مَوزِعاً
قَلباً وَهيَ بِالحَملِ غَيرَ موزِعِ
قَلبٌ عَلَيكَ تَخَتَّمَت أَبوابُهُ
ما نَحوَهُ لِسِواكَ طَرفَةَ مَطمَعِ
إِنّي طَوَيتُ عَنِ النَسيمِ شَغافَةً
أَن جاءَني مِن غَيرِ تِلكَ الأَربَعِ
وَأَبَحتُ إِلّا في العَواطِفِ حَجبَهُ
إِلّا الحَنينَ لِبَدرِ ذاكَ المَطلَعِ
وَأَبَحتُ إِلّا في الغَرامِ هَوادَةً
وَمَنَعتُ إِلّا أَنَّهُ المُتَوَجِّعُ
أَضَحتَ تُغايِرُ في هَواكَ جَوارِحي
حَتّى لِيَغضَبَ ناظِري مِن مَسمَعي
وَأَغارُ مِن طَرفي لِغَيرِكَ ناظِراً
لَمَحا وَلَو شيمَ البَروقُ اللَمَعِ
وَلَو اِستَطَعتِ الشَمسَ ذُدتُ لِعابِها
عَن وَجنَتَيكَ وَلَو سَعَت في بَرقَعِ
وَلَقَد أَغارَ لِهاجِسٍ مِن خاطِرٍ
مِن سِرِّ مُهجَةِ راهِبٍ مُتَوَرِّعِ
يَمشي إِلَيكَ وَلَو بِأَعمَقِ قَلبِهِ
وَيُشيرُ بِالأَفكارِ لا بِالإِصبَعِ
دَرَّعَت حُسنَكَ بِالكَمالِ وَفِتيَةٌ
مِن حَولِ خَدرِكَ حاسِرينَ وَدَرعِ
في كُلِّ تَذرِ الضَراغِمَ عِندَما
مَن ذَلَّةَ أَمثالِ عُفرِ الأَجرَعِ
ما لِلمَطامِعِ في الوِصالِ وَدونَهُ
خَفَرُ الشَريعَةِ وَالرِماحِ الشَرَّعِ
نَفسي الفِدا لِمُقَنَّعٍ هَجَرَت لَهُ
أَجفانُهُنَّ شِفارَ كُلِّ مُقَنَّعِ
تَتَهافَتُ الأَوهامُ عَن حَجَراتِهِ
وَيَرِد خاطِرَهُ المُتَيَّمُ إِذ يَعي
ذاكَ الحِمى إِلّا عَلى مَن أَمَّهُ
مِنّي بِمُمتَنِعِ الوَجيبِ مُشَيَّعِ
أَكنَهتُ بِالأَقدامِ سِرَّ ضَميرِهِ
وَحَلَّلتَ بِالأَقدامِ قَلبَ المَصنَعِ
هِيَ زَورَةٌ تَحتَ الظَلامِ وَرَدَتها
فَرداً بِلا عَضُدٍ بَلى قَلبي مَعي
فَنَظَرتُ مَن ذاكَ الهِلالِ لِنّيرِ
وَعَلِقتُ مِن ذاكَ الغَزالِ بِأَتلَعِ
وَأَسغَت في نَهلِ الشَفاهِ وَعَلَّها
ما لَيسَ يَعذَبُ بَعدَهُ مِن مَكرَعِ
بِتنا كَأَنّا خَطرَةً في خاطِرٍ
أَو هِلَةً حَلَّت فُؤادَ مُرَوَّعِ
نَبَهتُ بِالأَغزالِ هاجِعَ حُبِّها
وَحَماتِها مِن غافِلينَ وَهَجَّعِ
وَسقَيتُها كَأسَ الهَوى دِهقاً وَلَم
يَحلُ الهَوى إِلّا بِكَأسِ مَترَعِ
مُتَمَليينَ مِنَ العِناقِ كَأَنَّنا
قَوسٌ خَلا لِزِيادَةٍ مِن مَنزَعِ
أَروي غَريبَ حَديثِ أَحوالِ الجَوى
وَالراحِ لَيسَ يَطيبُ غَيرَ مُشَعشَعِ
وَصلٌ أَعادَ الشَملَ أَيُّ مُوَصِّلِ
لَكِن أَعادَ القَلبَ أَيُّ مَقطَعِ
عاطَتُها صَرفَ الهَوى وَعَفافَنا
طولَ التَلازُمِ لَم يُشِب مِن مَوضِعِ
كانَت مَضاجِعُنا تَنُثُّ كَمالَنا
لَو كانَ يوجَدُ مَنطِقٌ لِلمَضجَعِ
وَاللَيلُ يَكتُمُ ما يَنُمُّ بِسِرِّهِ
أَرِجُ النَسيمِ سَرى بِمِسكِ أَضوَعِ
وَتَرى المَجَرَّةَ في السَماءِ كَأَنَّها
دَرٌّ تَناثَرَ مِن سِماءِ مُضرِعِ
حَتّى إِذا شَقَّ الدُجُنَّةَ شَوقَها
لِلقا ذُكاءَ وَشابَ فَودُ الأَسفَعِ
وَرَأَيتُ أَسرابَ النُجومِ تَتابَعَت
بِفِرارِها مَصعَ النَعامِ الأَمزَعِ
ما كانَ أَحوَجُنا بِذاكَ لِآيَةٍ
تَأَتي لَنا في عَكسِ آيَةِ يوشَعِ
زَحزَحَت عَنها ساعِدي وَتَرَتكتُها
دونَ الكَرى مِن تَحتِ عِبءٍ مُضلَعِ
وَطَلَعتُ أَعثُرُ بِالسُيوفِ وَلَو دَرى
أَهلُ السُيوفِ مَقامَتي لَم أَفزَعِ
أَيغولُ نمُهجَتي الكُماةُ وَما لَهُم
فَخرٌ سِوايَ إِذا اِغتَدوا في مَجمَعِ
وَتُرى تَخونُ الخَيلُ فارِسُها وَهَل
يُردى الحُسَينُ عَلى يَدِ المُتَشَيِّعِ
اَو مَن لَهُم مِثلي إِذا عَبَسَ الوَغى
وَتَضاحَكَت أَنيابُ ثَغرِ المَصرَعِ
وَتَشاجَرَت سُمرُ القَنا وَتَجاذَبَت
بِذَوائِبِ وَالسَيفُ شِبهُ الأَصلَعِ
وَلَقَد بَذَذتُ السابِقينَ فَمَن لَهُم
بِوُقوفِ سَيرٍ بِالمَكارِمِ موضِعِ
وَبَلَغتُ مِن سامي الفَخارِ وَجاءَني التَق
ريظُ مِن مَحمود سامي الأَرفَعِ
خَنذيذُ هَذا الدَهرِ واحِدٌ أَهلُهُ
مِقدامٌ حَلَبَتهُ الأَغَرُّ الأَبتَعُ
القائِلِ الفُصحِ الَّتي عَن مِثلِها
يُثني المُقَفَّعِ في بَنانٍ مُقَفَّعِ
لَو جاءَ في العَصرِ القَديمِ لَمّا رَوى
إِلّا قَصائِدَهُ لِسانَ الأَصمَعي
قَد قادَ مَملَكَةَ الكَلامِ وَحازَها
أَخَذَ الأَعِزَّةَ لِلذَليلِ الأضرَعِ
إِن يُعصِهِ قَولٌ فَلَم يَكُ لَفتَةً
حَتّى يُذَلَّلُ مُستَقيمُ الأَخدَعِ
سَهلُ البَيانِ عَصِيَّهُ لِلمُحَتَذى
فَلَأَنتَ مِنهُ بَينَ عاصٍ طيعِ
خَلَقَت لَهُ عَليا اللُغاتِ فَلَو هَفا
نَحوَ الرَكاكَةِ جاءَ كَالمُتَصَنِّعِ
تَغدو المَعاني حُوَّماً حَتّى إِذا
سامينَ فِكرَتُهُ هَبَطنَ بِمَوقِعِ
ما زالَ يُبدِعُ قائِلاً حَتّى يَرى
بِدعاً عَلى الأَيّامِ إِن لَم يَدَعِ
إِن أَجدَبتَ أَرضَ الخَلائِقِ بِالثَنا
فِخِلالُهُ لِلحَمدِ أَمجدَ مَرتَعِ
أَو حارَ قَومٌ في الشِعابِ فَإِنَّهُ
رَبُّ المُضِيِّ عَلى المُضيءِ المهيَعِ
أَضحى يُطارِحُني القَريضُ وَهَل تَرى
مَن أَصبَعَ يَوماً يُقاسِ بِأَذرُعِ
أَمَلي إِلَيَّ قَصيدَةٌ فَأَذابَني
خَجَلاً وَهَيبَةً خاشِعٍ مُتَصَدِّعِ
يا اِبنَ الغَطارِقَةِ الأولى لَم يَنتَموا
إِلّا بِأَزهَرَ في النَدِيِّ سَمَيذَعِ
لا غَروَ أَن يَرتَج عَلَيَّ بِحَضرَةٍ
إِن قابَلَتَ شَمسَ الضُحى لَم تَسطَعِ
فَلَم أَنَّ سُبحانَ الفَصاحَةِ قائِمٌ
في بَابِها ما قالَ غَيرَ مُتَعتَعِ
فَهُناكَ ما بَهَرَ الخَواطِرَ هَيبَةً
وَزَرى بِعارِضَةِ الخَطيبِ المُصَفَّعِ
كُلُّ العَقائِلِ في حِماكَ وَصائِفٌ
وَالمُنشَآتِ مِنَ الجَواري الخُضَّعِ
فَاِسلَم رَعاكَ اللَهُ سابِغَ نِعمَةٍ
وَأَعادَ عَيشَكَ لِلزَمانِ الأَمرَعِ
وَاِعذُر إِذا قَصَّرتُ عَن حَقٍّ فَلَو
أَملَيتُ أَسوَدَ مُقلَتۊ لَم أَقنَعِ