الرئيسيةبحث

أيّها الراعي

أيّها الراعي

أيّها الراعي
المؤلف: إيليا أبو ماضي



شهور العام أجمملها " ربيع "
 
و أبغضها إلى الدنيا " جمادى "
و خير المال ما أمسى زكاة
 
و خير الناس من نفع العبادا
بربّك قل لنا و خلاك ذمّ
 
أعيسى كان يذّخر العتادا؟
تنبّه أيّها الراعي تنبّه
 
فمن حفظ الورى حفظ العبادا
خرافك بين أشداق الضواري
 
و مثلك من حمى ووقى النقادا
تبدّل أمنهم رعبا و خوفا
 
و صارت نار أكثرهم رمادا
لقد أكل الجراد الأرض حتى
 
تمنّوا أنّهم صاروا جرادا
فمالك لا تجود لهم بشيء
 
وقد رقّ العدوّ لهم وجادا؟
و مالك لا تجيب لهم نداء
 
كأنّ سواك، لا أنت، المنادى؟
وربّت ساهر في " بعلبك "
 
يشاطر جفنه النجم السّهادا
يزيد الليل كربته اشتدادا
 
وفرط الهمّ ليلته سوادا
إذا مال النعاس بأخدعيه
 
ثنى الذعر الكرى عنه وذادا
به الداءان من سغب وخوف
 
فما ذاق الطعام و لا الرقادا
تطوف به أصيبيه صغار
 
كأنّ وجوههم طليت جسادا
جياع كلّما صاحوا و ناحوا
 
توهّم أنّ بعض الأرض مادا
إذا ما استصرخوه وضاق ذرعا
 
نبا عنهم و ما جهل المرادا
و لكن لم يدع بؤس اللّيالي
 
طريفا في يديه و لا تلادا
و لو ترك الزّمان له فؤادا
 
لما تركت له البلوى فؤادا
أتفترش الحرير و ترتديه
 
و يفترش الجنادل و القتادا
و يطلب من نبات الأرض قوتا
 
و تأبى غير لحم الطير زادا
و تهجع هانئا جذلا قريرا
 
و قد هجر الكرى وجفا الوسادا
عجيب أن تكون كذا ضنينا
 
و لم تبصر بنا إلّا جوادا
أما تخشى ذي لسان:
 
أمات الناس كي يحيي الجمادا
لذاتك همّهم نفع البرايا
 
و همّك أن تكيد و أن تكادا
نزلت بنا فأنزلناك سهلا
 
وزدناك النضار المستفادا
فكان حزاؤنا أن قمت فينا
 
لاتعلّمنا القطيعة و البعادا
فلمّا ثار ثائر حرّ
 
رجعت اليوم تمتدح الحيادا
أتدفع بالغويّ إلى التمادي
 
و تعجب بعد ذلك إن تمادى؟
سكتّ فقام في الأذهان شكّ
 
و قلت فأصبح الشّكّ اعتقادا
تجهّمت القريض ففاض عتبا
 
و إن أحرجته فاض انتقادا
و لولا أن أثرت الخلف فينا
 
وددنا لو محضناك الودادا