أوحشت أربع العقيق ودوره
أوحشت أربع العقيق ودوره المؤلف: البحتري |
أُوحِشَتْ أرْبُعُ العَقيقِ وَدُورُهْ،
لأنيسٍ أجَدّ مِنها بُكُورُهْ
زَانَ تِلْكَ الحُمولَ، إذْ زَالَ فيها
مُرْهَفٌ، ناعِمُ القَوَامِ، غَرِيرُهْ
شَدّ ما يُمرِضُ الصّحيحَ قُوَاهُ،
مَرَضُ الطّرْفِ، ساجياً، وَفُتُورُهْ
وَتُذيبُ الأحشاءَ ساعاتُ هَجْرٍ
ضَرِمٍ في الضّلوعِ يَحمى هَجيرُهْ
لا يَني يُوفِدُ الحَبيبَ إلَيْنَا،
كَذِبُ الطّيفِ، سارِياً، وَغُرُورُهْ
زَائِرٌ في المَنَامِ أسْألُ هَلْ أطْـ
ـرِقُهُ في مَنَامِهِ، أوْ أزُورُهْ
ما لذا الحُبّ لا يُفادَى أسِيرُهْ،
وَالصّبا أُفحشَ، اقتِضَاءً، مُعِيرُهْ
يكثُرُ البَرْقُ، أنْ يَهيجَ اشتِياقي
حَفْلُهُ في الوَميضِ، أوْ تَعذيرُهْ
وَقُصَاريُ المَشُوقِ، يَصرِمُهُ الشّا
ئقُ، إقصَارُ شَوْقِهِ أوْ قُصُورُهْ
آمِرِي بالسّلُوّ، لمْ يَدْرِ أنّي
بسَبيلٍ، منَ الهَوَى، ما أحورُهْ
آضَ بَثُّ الغَرَامِ حُزْناً، فهل يُعْـ
ـقِبُ حُزْنَ الغَرَامِ فينا سُرُورُهْ
قُلتُ للشّاهِ رُبّما كانَ خَيْراً
مِنْ بَديءِ الذي يُرَجّى أخِيرُهْ
وَصَغيرُ الخُطُوطِ يُنْمَى على الأيّـ
ـامِ، حتّى يَجيءَ منهُ كَبيرُهْ
عَلّ هَذا الأميرَ، أسْعَدَهُ الله
بطُولِ البَقاءِ، يَرْضَى أمِيرُهْ
فيُؤدّى رِسَالَةٌ عَنْ مُطَاعٍ،
لمْ يَعُقْنَا عَنْ بُغْيَةٍ تَقْصِيرُهْ
شِبْهُهُ مُعْوِزٌ، فكَيفَ بأنْ يُو
جَدَ أوْ أنْ يُصَابَ يوْماً نَظيرُهْ
وإذا ما غدا أبو الجيش في الجيـ
ـش غدا الحزم مستمراً مريرة
ما تَجَلّى لظُلْمَةِ اللّيْلِ، إلاّ
أطْفَأ الأنْجُمَ المُضِيئَةَ نُورُهْ
واضح في دجى الخطوب وحتم
أن يسود السحاب حسناً صبيره
تَتَفادَى الأعداءُ مِنْ سَطوِ لَيثٍ
خَضِلٍ مِنْ دِمائِهِمْ أُظْفُورُهْ
كَمْ سرَى مُنفِراً لهَامِ رِجَالٍ
ساكِنٍ باتَتِ السّيُوفُ تُطِيرُهْ
إنْ أكَلّفْهُ حَاجَةً لا يُوَاكِلْ
جِدُّهُ دُونَهَا، وَلا تَشْمِيرُهْ
أو أحمله مثقلاً من خراجي
يلف في طوله قليلاً كثيرة
وَأبُو الصّقْرِ إنّهُ وَزَرُ السّلْـ
ـطانِ في عِظْمِ أمْرِهِ وَوَزِيرُهْ
حَافِظُ المُلْكِ أنْ تُزَالَ أوَاخيـ
ـهِ، وَرَاعيهِ أنْ تُضَاعَ أُمُورُهْ
أيِّدٌ في السّلاحِ تَبْهَى عَلَيْهِ
خَلَقُ الدّرْعِ مُحْكَماً وَقَتِيرُهْ
لَيسَ يَنْفَكُّ أيدهُ يَدرَأُ الجُـ
ـلّى وَقيضَ مِن أمرِهِ تَدْبِيرُهْ
يَقَظاتٌ، إذا تَنَاصَرْنَ للنّا
صِرِ أوْ جَبْنَ أنْ يَعِزّ نَصِيرُهْ
فَمَتَى غابَ في مِرَاسِ الأعَادي،
فَسَوَاءٌ مَغِيبُهُ وَحُضُورُهْ
صِفَةُ الحُرّ أنْ تَنَاهَى عُلاهُ،
وكذا الحَوْلُ أن تَناهى شُهورُهْ
إنْ يَعُدْ يُوشِكُ النّجاحُ، وَإن يتـ
ـرُكْ فمِثلانِ: وَعدُهُ وَضَميرُهْ
كلَّ يوْمٍ نُطيفُ في حُجرَتَيْهِ،
حوْلَ كَنزٍ منَ العلا، نَستَثيرُهْ
أغْدَقَتْ بالنّوَالِ أنْوَاءُ كَفّيْـ
ـهِ، وَفاضَتْ للرّاغِبينَ بُحُورُهْ
ليَفِرْ وَفْرُكَ المُلَقّى، وَإنْ أعْـ
ـوَزَ أنْ يُجمَعَ النّدى وَوُفُورُهْ
ليس يعدو من الإصابة والتو
فيق في الرأي والحسين وزيره
إنّ مَنْ قَلّلَ الزّيَارَةَ يُنْبِيـ
ـكَ بأنّ الأطماعَ لَيستْ تَصُورُهْ
وَلَئِنْ جُدْتَ بالكَثيرِ، فإنّي
ناشرٌ ذِكْرَ ما وَهَبتَ شَكُورُهْ
لا تُجَرّمْ على قِلادِكَ، تَخْتَا
رُ التي في وُقُوعِهَا تَبذيرُهْ
أخلص الجد والكفاية حتى
راح محفوظة عليه أموره
يجمع الحزم والنصيحة والتو
فيق في رأى ناصح يستشيره
لَستُ بالمُلْحِفِ المُنَقِّبِ عَن ذَا
دِ طَرِيقٍ إخالُ غَيرِي يَسيرُهْ
وَسِوَايَ الغَداةَ تُحْدَى مَطَايَا
هُ إلى مَنبِجٍ، وَتُرْحَلُ عِيرُهْ