أنفس ما يهدى من الشعر
أنفس ما يهدى من الشعر المؤلف: أحمد فارس الشدياق |
أنفس ما يهدى من الشعر
مدح العزيز الدائم الفخر
يحلو كلام المادحين له
سيان في النظم وفي النثر
واحسن التشبيب ذكر اسمه
لا ذكر من يمنيك بالهجر
ليس الذي يحيى بالآئه
قلوب راجيه من الفقر
كمن ترى من لطفه انه
يقتل بالاعراض والشزر
تحسبه طالوت في بأسه
وتارة هاروت في السحر
ولا سوال الدار عن ظعن
ولا تجنى ربة الخدر
ولا شجون بقنا قامة
ولا جنون بضنى خصر
ولا اهتداء بسنا طلعة
ولا ضلال بدجى شعر
ولا نواح في الليالي على
طيف اثار الوجد في الصدر
ولا ادكار لزمان اللقا
ورشف ثغر قيل كالخمر
وساوس تذهب رشد الفتى
وتجعل الشعر من الهجر
ما الشعر الا ان تذيع به
حسن صنيع عن فتى غمر
يحرم منه الدر الا لمن
يجود بالعسجد والدر
ان الذي قد سن ذا الفن لم
يجد كاسماعيل في العصر
فاتخذ التشبيب في نظمه
متحذة للذهن والفكر
وليس محتاجا إلى غزل
من حدث الناس عن البحر
بحر يفيض الخير منه على
من كان في بحر وفي بر
ابي الفداء المستعان على
كشف الملمات من الدهر
في مدحه ان كنت ترشد ما
يغنيك عن زيد وعن عمرو
من لم يزل يزداد في بره
ما ازداد في العمر وفي القدر
من اجل ذا زاد الدعاء له
من الورى في السر والجهر
وان يكن من بينهم حاسد
فانه قد باء في خسر
وكل ما وشاه من فرية
وظنه يخلد في الحبر
هفت به الارواح حتى عفا
من دون ما رسم ولا اثر
يا خيبة الحساد من بعدما
باتوا على جمر من المكر
كم جهدوا في الافك في يومهم
وارقوا ليلا بلا فجر
وركبوا زورا فاهوى بهم
من حالق في مصرع الغدر
لا غروان تنكر اصواتهم
فانهم من حمر الفر
سبحان من اوجد في خلقه
ماشاء من نفع ومن ضر
طان من الخير سراة الورى
وسؤرهم طين من الشر
فبعضهم يفسد في ساعة
ما غيره اصلح في دهر
ومنهم من رزقه انه
يدأب في الارجاف والختر
ويظهر النصح وصدق الولا
ويضمر الغش على الغر
بعد القوم لم يحك فيهم
شيء من الانذار والزجر
ستعتريهم في مضاجعهم
وهم سكارى ضغطة القبر
الله قد احبظ اعمالهم
وردهم اخيب من عقر
وكل ما كادوه عاد على
نحورهم انكى من النحر
كادوا يذوبون اسى يوم ان
قيل لهم كونوا على حذر
ان الخديوي امتطى فلكه
وانه اليوم لذو مخر
حتى اتى دار الخلافة في
عز رفيع الجاه والقدر
وان مولانا المعظم قد
لاقاه بالايناس والبشر
ولم يزل يحسبه انه
للملك ذخر ايما ذخر
وانه بالبيض يدفع عن
حقيقة الاسلام والسمر
وانه ركن لدولته
مشيد البنية ذو ازر
وكم له شاهد عدل له على
صدق مساعيه بلا نكر
الم يحل خطب العسير وقد
خيل اعسارا الى يسر
الم يعبئ جحفلا طائلا
على كريد جائب البحر
في سفن شتى رست سبة
في بحرها في البرد والحر
الم يغث بالمال من هاجروا
وهم الوف كأب بر
الم يغث اهل فروق بما
خفف عنهم فادح الضر
الم يغث اهل العريش وقد
جلاهم الجدب الى مصر
الم يكن احسانه شاملا
اهل الزوايا جل عن حصر
وكل محتاج وذي عيلة
وكل ملهوف ومضطر
وان من كبرى صنائعه
عتق بني حام من الاسر
لو عددت آلاؤه كلها
لضاق عنها امد العمر
اصغر ما يوليه من منن
يكبر عن مندوحة الشكر
عن جده ارث المعالي وعن
ابيه والفرع على النحر
امثله يزرى عليه وقد
نزهه الله عن المزرى
انقى من الفضة ما ينتوى
وقربه اقنى من التبر
وعهده امنع من معقل
يقيك من بؤس ومن ذعر
في مصر من كثرى مآثره
ما يفخر الاهرام في الذكر
فانما الاهرام قد شيدت
بالقهر والتسخير والقسر
ولم تزد مصر بها دوحة
ولا نواحيها مدى فتر
فانظر اليها اليوم مستقريا
فهل ترى من موضع قفر
وانظر إلى زهو السويس بما
خليجها حاز من الفخر
قد وصل البحرين وصلا به
زادت معالي ذللاك القطر
فيا له من عمل لم يكن
انجازه يخطر في حزر
لو لم يكن فتحا مبينا لما
قضى له الاقوام بالبهر
وافى اليه كل ملك وذي
رئاسة من امم العصر
وكلهم كانوا ضيوفا لدى
ابي الندى اكرم من يقرى
وكلهم عاد رضيا بما
نال وقد اطنب في الشكر
هذا هو الفضل المبين الذي
تخلد ذكراه مدى الدهر
هذا هو الجود العميم الذي
يجزئ في المحل عن القطر
هذا هو الصنع الجميل الذي
يبقى بقاء المدح في حر
في كل ناد مدحه واجب
يجوز من مصر إلى مصر
سماعه يغنيك عن مزهر
وعرفه عن ارج الزهر
اين الذي ينشئ في الارض ما
يكون تحييرا لذي حجر
ممن اذا انشأ شيا بدا
نفع له اسنى من البدر
واين من شاد مقاما له
مفتخرا بالشيد والصخر
ممن يغيث الناس ان اجدبوا
ويبدل الاعسار باليسر
ولا يزال خيره زاخرا
على الورى يا حسن ما زخر
هذا امير الناس في فضله
وفصله في بهمة الامر
بالعدل يقضى والندى ينتشى
والحق يوصى والظبى يفرى
طابت به مصرفا رجاؤها
تبدو لنا في حلل خضر
فيها بروج وصروح سمت
على اساس الخير والبر
فيها مبان ومغان اوت
الى حماها كل معتر
فيها حياض ورياض زهت
يعبق منها ارج العطر
فيها فنون وعلوم رمت
بشهبها محلولك الكفر
فيها ملاه ما حيات الاسى
وملهبات دون ما وزر
وكم بها من مسجد جامع
تسمع منه حبرة الذكر
ومن خطيب باهر وعظه
لسدف الاوهام كالزهر
ومن اديب ماهر لفظه
لصدف الافهام كالدر
وكل ما ترغب فيه النهى
وتشتهيه انفس السفر
مهما اطل في مدح اوصافها
حسبتني قد جئت بالنزر
والعلم والافضال والسر
واحفئ بعون منك رب الندى
عزيزها بالعز والنصر
دام مدى الدهر وانجاله
من حوله في الصوم والفطر
رب استجب هذا الدعاء فقد
اخلصته في ليلة القدر