الرئيسيةبحث

أنا و أخت المهاة و القمر

أنا و أخت المهاة و القمر

أنا و أخت المهاة و القمر
المؤلف: إيليا أبو ماضي



آه من الحبّ كلّه عبر
 
عندي منه الدموع و السهر
وويح صرعى الغرام إنّهم
 
موتى، و ما كفّنوا و لا قبروا
يمشون في الأرض ليس يأخذهم
 
زهو و لا في خدودهم صعر
لو ولج الناس في سرائرهم
 
هانت، و ربّي، عليهم سقر
ما خفروا دمّة، و لا نكثوا
 
عهدا، و لا مالا و لا غدروا
قد حملوا الهون غير ما سأم
 
لولا الهوى للهوان ما صبروا
لم يبق منّي الضّنى سوى شبح
 
يكاد، لولا الرجاء، يندثر
أمسي و سادي مشابها كبدي
 
كلاهما النار فيه تستعر
أكل صبّ، يا ليل، مضجعة
 
مثلي فيه القتاد و الإبر
لعلّ طيفا من هند يطرقني
 
فعند هند عن شقوتي خبر
ما بال هند عليّ غاضبة
 
ما شاب فودي و ليس بي كبر
ما زلت غضّ الشباب لا وهن
 
يا هند في عزمتي و لا خور
لا درّ درّ الوشاة قد حلفوا
 
أن يفسدوا بيننا و قد قدروا
واها لأيّامنا... أراجعة؟
 
فانّهن الحجول و الغرر
أيّام لا الدهر قابض يده
 
عنّي، و لا هند قلبها حجر
لم أنس ليلا سهرته معها
 
تحنو علينا الأفنان و الشجر
غفرت ذنب النّوى بزورتها
 
ذنب النوى باللقاء يغتفر
بتنا عن الراصدين يكتمنا
 
الأسودان: الظلام و الشعر
ثلاثة للسرور ما رقدوا
 
أنا و أخت المهاة و القمر
فما لهذي النجوم ساهية
 
ترنو إلينا كأنّها نذر؟...
إن كان صبح الجبين روّعها
 
فإنّ ليل الشعور معتكر
أو انتظام العقود أغضبها
 
فإنّ درّ الكلام منتثر
و ما لتلك الغصون مطرقة
 
كأنّها للسلام تختصر
تبكي كأنّ الزمان أرهقها
 
عسرا، و لكن دموعها الثمر
طورا على الأرض تنثني مرحا
 
و تارة في الفضاء تشتجر
فأجلفت هند عند رؤيتها
 
و قد تروع الجآذر الصور
هيفاء لو لم تلن معاطفها
 
عند التثنّي خشيت تنكسر
من اللّواتي – و لا شبيه لها –
 
يزينهنّ ادلال و الخفر
في كل عضو و كل جارحة
 
معنى جديد للحسن مبتكر
تبيت زهر النجوم طامعة
 
لو أنّها فوق نحرها درر
رخيمة الصوت إن شدت لفتت
 
لها الدّراري و أنصت السحر
أبثّها الوجد و هي لاهية
 
أذهلها الحبّ فهي تفتكر
يا هند كم ذا الأنام تعذلنا
 
و ما أثمنا و لا بنا وزر
فابتدرت هند و هي ضاحكة:
 
ماذا علينا و إن هم كثروا
فدتك نفسي لو أنّهم عقلوا
 
و استشعروا الحبّ مثلما عذروا
ما جحد الحبّ غير جاهله
 
أيجحد الشمس من له بصر؟
ذرهم و إن أجلبوا و إن صخبوا
 
و لا تلمهم فما هم بشر!
سرنا الهويناء ما بنا تعب
 
و قد سكتنا و ما بنا حصر
لكنّ فرط الهيام أسكرنا
 
و قبلنا العاشقون كم سكروا
فقل لمن يكثر الظنون بنا
 
ما كان إلاّ الحديث و النظر
حتّى رأيت النجوم آفلة
 
و كاد قلب الظلام ينفطر
ودّعتها و الفؤاد مضطرب
 
أكفكف الدمع و هو ينهمر
وودّعتني و من محاجرها
 
فوق العقيق الجمان ينحدر
قد أضحك الدهر ما بكيت له
 
كأنّما البين عنده وطر
كانت ليالي ما بها كدر
 
و الآن أمست و كلّها كدر
إن نفد الدمع من تذكّها
 
فجادها بعد أدمعي المطر
عسى اللّيالي تدري جنايتها
 
على قتيل الهوى فتعتذر