أنا باللّيالي والحوادثِ أخبرُ
أنا باللّيالي والحوادثِ أخبرُ المؤلف: أبوالعلاء المعري |
أنا، باللّيالي والحوادثِ، أخبرُ،
سَفَرٌ يَجِدُّ بنا، وجِسرٌ يُعبَرُ
واجهتَ قُبّرَةً، فخِفتَ تطيّراً؛
ما كلُّ ميتٍ، لا أبا لكَ، يُقبر
من أحسنِ الأحداثِ وضعُك غابراً
في التُّربِ، يأكلُهُ تُرابٌ أغير
ما أجهلَ الأمَمَ، الذينَ عرَفتهُمْ،
ولعَلّ سالفَهُمْ أضلُّ وأتبر
يَدْعونَ في جُمَعاتهمْ، بسفاهةٍ،
لأميرهمْ، فيكادُ يَبكي المِنْبر
جِئْنا على كُرْهٍ، ونرحلُ رُغّماً،
ولعلنّا ما بين ذلك نُجبر
ما قيلَ في عِظَمِ المَليكِ وعزّهِ،
فاللَّهُ أعظَمُ، في القياس، وأكبر
وكأنّما رؤياكَ رؤيا نائمٍ،
بالعكس، في عُقبَى الزّمان، تُعبَّر
فإذا بَكَيتَ بها فتلكَ مسرّةٌ،
وإذا ضحِكتَ، فذاكَ عينٌ تَعْبُرُ
سُرّ الفتى، من جَهلِه، بزمانه،
وهو الأسيرُ، ليومِ قتلٍ يُصبَر
لعِبَتْ به أيّامُهُ، فكأنّه
حَرْفٌ يُلَيَّنُ، في الكلام، ويُنبَر
عجَزَ الأطبّةُ عن جروحِ نوائبٍ،
ليست، بغير قضاءِ ربّك، تُسبَر
والمَينُ أغلَبُ في المَعاشرِ، كم أخٍ
للدّفرِ، وهو، إذا يُسمّى، العَنبر
شَرُفَ اللّئيمُ، وكم شَريفٍ رأسه
هَدَرٌ يُقَطّ، كما يُقَطّ المِزْبَر
سلْ أمّ غيلانَ الصّموت عن ابنِها،
وبناتِ أوْبَرَ، ما أبوها أوْبَر
والشرُّ يجلِبُهُ العَلاءُ، وكم شكا،
نبأً، عليٌّ، ما شكاهُ قَنبر