أمَا آنَ للدّمعِ أنْ يَستَجِمّ
أمَا آنَ للدّمعِ أنْ يَستَجِمّ المؤلف: الشريف الرضي |
أمَا آنَ للدّمعِ أنْ يَستَجِمّ
ولا للبلابل أن لا تلم
فَتَلْهُو عَزَائِمُنَا بالخُطُوبِ
وَتَهْزَأُ أجْفَانُنَا بِالحُلُمْ
فَإنّا بَنُو الدّهْرِ مَا نَسْتَفِيـ
من نشوة الهمّ حتى نهمّ
ولا نصحب الليل حتّى نخال
كَوَاكِبَهُ في الفَيَافي بُهُمْ
وَلا بُدّ مِنْ زَلّة ٍ للفَتَى
تُعَرّفُهُ كَيفَ قَدْرُ النِّعَمْ
فحسن العلى بعد حال الخضوع
وَطيبُ الغِنى بَعدَ حالِ العَدَمْ
أَ أرجو المعالي بغير الطلاب
وَمِنْ أينَ يَحْلُمُ مَنْ لَمْ يَنَمْ
إذا صَالَ بالجَهْلِ قَلبُ الجَهُو
ل فاعذر فما كلّ جهل لمم
رَأى الدّهرَ يَعصِفُ بالفاضِلِينَ
فحبّ من النقض أن يغتنم
ستقبرني الطير كيلا أكون
سواء وأمواته في الرجم
ذُمّ رِجَالاً بتَرْكِ المَديحِ
وَبَعضُ السّكوتِ عن المَدحِ ذَمّ
صل اليأس وانهض بعبء الخطوب
فما يثقل الظهر إلاّ الهرم
ولا تهجر العزم عند المشيب
فَلَيسَ عَجيباً بِهَمٍّ يَهُمّ
وَمِنّيَ في ثَوْبِ هَذا الزّمَا
نِ عَضْبٌ، إذا ما سَطا أوْ عزَمْ
وَما حِليَة ُ البِيضِ صَوْغُ اللّجَينِ
ولكنْ حلاها دماء القمم
أمرخي ذؤابة ذاك الهجير
عَلى مَنكِبَيْ مَجْهَلٍ أوْ عَلَمْ
أرحنا نرح وترات المطيّ
فَإنّ بِهَا مَا بِنَا مِنْ ألَمْ
وَيَا أهْيَفاً رَمَقَتْهُ العُيُونُ
وَرَفّتْ عَلَيْهِ قُلُوبُ الأُمَمْ
تضرم خداه حتى عجبت
لعارضه كيف لم يضطرم
لَئِنْ لمْ تَجِدْ طَائِعاً بالنّوَالِ
لَقَدْ جَادَ عَنكَ الخَيالُ المُلِمّ
وَمِثْلِكِ ظالِمَة ِ المُقْلَتَينِ
تلاقى الجمال عليها وتم
لهَا في الحَشَا حَافِزٌ كُلّمَا
جَرَى الدّمعُ دَلّ عَلَيْهِ وَنَمّ
أقُولُ لهَا، وَالقَنَا شُرَّعٌ
ويرغم من قومها من رغم
لنا دون خدرك نجوى الزفير
وَمَجرَى الدّموعِ وَشكوَى الألمْ
وَإلاّ فَقَرْعُ صُدُورِ القَنَا
ووقع الظبى وصليل اللّجم
وَنُقْبِلُهَا كَذِئَابِ الرِّدَا
هِ، تَمْرِي عُلالَتهُنّ الجُذُمْ
دفعن على غفلات الظنو
ن يمضغن مضغ العليق الحكم
إلى أنْ تُلَطّمَهُنّ النّسَا
ءُ بالخمر دون طريق الحرم
أجِبْ أيّهَا الرَّبْعُ تَسآلَنَا
فَلَسْتَ عَلى بُعدِهِمْ مُتّهَمْ
فكيف وأنت مريض الطلول
ضجيع البلا ونجيّ السّقم
كَأنّكَ لمْ يَعتَنِقْكَ النّسيمُ
وَلا مَالَ نَحوَكَ قَطرٌ بِفَمْ
ولا نشرت فيك تلك الرّياح
غدائر من مزنة أو جمم
تَنَثّرَ فيكَ سَحابُ الحَيَا
فَطَوّقَ جِيدَكَ لَمّا انْتَظَمْ
وَدَرّتْ عَلَيكَ ثُدِيُّ الغَمَامِ
كأنّ رباك سقاب الديم
ثرى يرمق الغيث عن مقلة
بها رمد من رماد الحمم
وَمِنْ أينَ تَعرِفُكَ اليَعمَلا
ت والدمع في خدّها مزدحم
وَلَكِنْ أحَسّتْ بِأعطَانِهَا
وأوطانها في الليالي القدم
أحِنُّ إلَيكَ، وَتَأبَى المَطيُّ
بخد ترابك إن يلتطم
وَخَرْقٍ تَدافَعُهُ المُقْرَبَا
ت خوفاً وتنفر منه الرُّسُم
تجللت فيه رداء الظلام
وَسِرْتُ، وَحَاشِيَتَاهُ الهِمَمْ
عَلى كُلّ خَطارَة ٍ لَمْ تَزَلْ
تجاذبنا السير حتى انفصم
خَرَقْنا مَعَ الشّمسِ تلكَ الفَلاة َ
وَجُبْنَا مَعَ اللّيْلِ تِلكَ الأكَمْ
صلينا بجمرة ذاك الهجير
وَعُدْنَا بِفَحْمَة ِ هَذي العُتُمْ
كَأنّ مَنَاسِمَهَا في السُّرَى
تلاعب بين الحصى بالزلم
ومال النهار بأخفافها
إلى أدعج بالدجا مدلهم
زَحَمْنَ بِنَا اللّيْلَ في ثَوْبِهِ
فَكَادَتْ مَنَاكِبُهُ تَنحَطِمْ
نعانق بيضاً كأنّ الصدا
بِأطْرَافِهَا شَحبَة ٌ، أوْ غَمَمْ
وقد لمعت من حواشي الغمود
كما نصلت أنمل من عنم
وقلّص عنّا قميص الظّلام
فكان بأنف الدّياجي شمم
وَيَوْمٍ يَرِفّ عَلَيْهِ الرّدَى
بأجنحة المصلتات الخذم
متى انسلّ لحظ ذكاءٍ به
فأجفانه قادمات الرّخم
عَلَيّ طِعَانٌ يَرُدّ الجَوَا
د بالدم ألمى مكان الرثم
وأيد تجيل قداح الرّماح
وَبَاعُ المُعَرِّدِ عَنْهَا بَرَمْ
قُلُوبٌ كأُسدِ الشّرَى الضّارِياتِ
وأحشاوهم دونها كالأجم
فَمَا تَرْشُفُ المَاءَ إلاّ اعتِلالاً
وَلا تَجْرَعُ المَاءَ إلاّ قَرَمْ
إذا حسروا قال سيف الحمام
وَأعْطَافُهُ عَلَقاً تَنسَجِمْ
أللطّعنِ تُهتَكُ هَذي النّحورُ
وللضرب تكشف هذي القمم
إذا صَحِبُوا الدّمَ في البَاتِرَاتِ
فَلا صَحِبُوا مَاءَهُمْ في الأدَمْ
مَضَوْا ما طوَى العَذلُ من جودِهمْ
وَلا أتْبَعُوا المَالَ عَضّ النّدَمْ
وسالت لمجدهم غرة
تَكَادُ تَكُونُ حِجَالَ القَدَمْ
قدِ استَحيَتِ السُّمرُ من طَعنِهمْ
فَكَادَتْ لإفْرَاطِهِ تَحْتَشِمْ
هُوَ الطّعْنُ يَفتَرّ مِنْهُ الجَوَادُ
وَلَوْ كَانَ ذا مَرَحٍ لابتَسَمْ
رِدِي أحمَرَ المَاءِ، قُبَّ الجِيادِ
فأبيض غدرانه للنَّعم
غناء ظبانا عويل النّساء
وقرع قنانا لطام اللمم
ألَيْسَ أبُونَا أعَزَّ الوَرَى
جَنَاباً، وَأكْرَمَ خَالاً وَعَمّ
كأنّك تلقى به السمهريّ
إذا مُدّ يَوْمَ وَغًى، أوْ أتَمْ
يَقُدّ، إذا مَا نَبَا العَاجِزُونَ
وضرب الظبى غير ضرب القدم
أسِرّة ُ كَفّيْهِ عُمْرُ الزّمَانِ
جَداوِلُ مَاءِ الرّدَى وَالكَرَمْ
فإمّا تفيض بغمر النّوال
عَلى المُعتَفِينَ، وَإمّا بِدَمْ
تعوّذ من خوفه العاصفات
إذا عَصَفَتْ في حِمَاهُ الأشَمّ
وكان إذا رام خدع العلى
تَقَنّصَهَا، وَالعَوَالي خُطُمْ
يَقي كُلَّ شيْءٍ، فَلَوْ يَستَطيـ
غدا لخدود الأعادي لثم
ويرضى إذا قيل يا ابن النجاد
وَيَدْعُو الجِيَادَ بَناتِ الحُزُمْ
فتى لو أذمّ على صبحه
لمَا جَازَ في الضّوْءِ أمرُ الظُّلَمْ
وأهيفُ إن زعزعته البنا
نُ أمطَرَ في الطّرْسِ لَيلاً أحَمّ
يشيبُ إذا حذّفته المُدى
وتخضب لمته لا هرم
وتنطف عن فمه ريقة
سويداء تقتل من غير سم
له شفتان فلو كانتا
لساناً لما بان عنه الكلم
وَربّتَمَا ظَنّهَا الخَائِفُونَ
لسان فم الأرقم بن الرقم
لَهُ سَبْتَة ٌ بَينَ لِهْبَيْ صفاً
يقولون نام ولمَّا ينم
وأنتِ ابنة الفكر قابلتنا
بعقد لجيد العلا منتظم
تَرُوقِينَ أسمَاعَنَا في النّشِيدِ
كأنّك من كل لفظ نغم