أمنية المهاجر
أمنية المهاجر المؤلف: إيليا أبو ماضي |
جعت والخبز وثير في وطابي
والسّنا حولي وروحي في ضباب
وشربت الماء عذبا سائغا
وكأني لم أذق غير سراب
محنة ليس لها مثل سوى
محنة الزّورق في طاغي العباب
ليس بي داء ولكني امرؤ
لست في أرضي ولا بين صحابي
مرّت الأعوام تتلو بعضها
للورى ضحكي ولي وحدي اكتئابي
كلّما استولدت نفسي أملا
مدّت الدّنيا له كفّ اغتصاب
أفلتت مني حلاوات الرؤى
عندما أفلت من كفّي شبابي
بت لا الألهام باب مشرع
لي ولا الأحلام تمشي في ركابي
أشتهي الخمر وكأسي في يدي
وأحس الروح تعري في ثيابي
ربّ هبني لبلادي عودة
وليكن للغير في الأخرى ثوابي
أيّها الآتون في ذاك الحمى
يا دعاة الخير، يا رمز الشّباب
كم هششتم وهششنا للمنى
وبكيتم وبكينا في مصاب
واشتركنا في جهاد أو عذاب
والتقينا في حديث أو كتاب
وعرفتم وعرفنا مثلكم
أنّما الحقّ لذي ظفر وناب
كلّ أرض نام عنها أهلها
فهي أرض لاغتصاب وانتهاب
زعموا الأنسان بالعلم ارتقى
وأراه لم يزل أنسان غاب
أنه الثعلب مكرا وهو كالسّر
طان غدرا وحكيم كالغراب
يا رفاقي حطّموا أقداحكم
ليس في الدّنيا رحيق لانسكاب
جفّ ضرع الشّعر عندي وانطوى
ولكم عاش لمرعى واحتلاب
أيّها السائل عني من أنا
أنا كالشّمس ألى الشّرق انتسابي
لغة الفولاذ هاضت لغتي
لا يعيش الشدو في بحر اصطخاب
لست أشكو إن شكا غيري النّوى
غربة الأجسام ليست باغتراب
أنا في نيويورك بالجسم و بالرّ
وح في الشرق على تلك الهضاب
في ابتسام الفجر في صمت الدّجى
في أسى " تشرين " في لوعة " آب "
أنا في الغوطة زهر و ندى
أنا في لبنان نجوى و تصابي
أنّني ألمح في أوجهكم
دفقة النّور على تلك الرّوابي
و أرى أشباح أيّام مضت
في كفاح و نضال و وئاب
و أرى أطياف عصر باهر
طالع كالشّمس من خلف الحجاب
ليته يسرع كي أبصره
قبل أن أغدو تربا في تراب