الرئيسيةبحث

أما وتلفت الرشاء الغرير

أما وتلفت الرشاء الغرير

أما وتلفت الرشاء الغرير
المؤلف: ابن نباتة المصري



أما وتلفت الرشاء الغرير
 
ولين معاطف الغصن النضير
لقد عبثت لواحظه بعقلي
 
فياويل الصحيح من الكسير
غزالٌ كالغزالة في سناها
 
تحجبه الملاحة بالستور
شديد الظلم حلّ صميم قلبي
 
كذاك الظلم يوقع في الأسير
تبسم ثم حدّث باللآلي
 
فأعجز بالنظيم وبالنثير
وأسكر لحظة من غير ذوقٍ
 
فيا لله من لحظٍ سحور
وأجفانٌ مؤنثة ٌ ولكن
 
تقابلنا بأسياف ذكور
وخدّ لاح فيه خيال دمعي
 
فقل في الروض والماء النهير
شجاني منه أمرد ما شجاني
 
وثنى بالعذار فمن عذيري
ومن لي فيه من ليلٍ طويلٍ
 
أكابده ومن جفنٍ قصير
لحى الله الوشاة فان تدانو
 
ولحّ الظبي عنا في النفور
وعزّ لقاؤنا والربع دانٍ
 
كما أبصرت تفليج الثغور
فربَّ دجى ً لنا فيه عناقٌ
 
تغوص به القلائد في النحور
زمانُ العيشِ مبتسمُ الثنايا
 
ووجهُ الأنس وضاح السرور
ووصل معذبي جناتُ عدنٍ
 
لباسي فيه ضمّ كالحرير
تروم يداي في خصريه مسرى ً
 
ولكن ضاق فترٌ عن مسير
وتعيي الكفّ عن كشحٍ هضيمٍ
 
فأرفعها إلى ردفٍ وثير
وأستر ثغره باللثم خوفاً
 
على ليلي من الصبح المنير
سقى صوب الحيا تلك الليالي
 
وإن عوضتُ بالدمع الغزير
وحي منزل اللذات عنا
 
وإن لم يمس منا بالعمير
وبدراً فائزاً بالحسن يحثو
 
تراب السبق في وجه البدور
يلذّ تغزلُ الأشعار فيه
 
لذاذة مدحها في ابن الأثير
أغرّ إذ اجتنى وحبا العطايا
 
رأيت السيل يدفع من ثبير
أخو يومين يوم ندى ً ضحوكٍ
 
ويوم ردى ً عبوس قمطرير
يصوّب مقلتي كرمٍ وبأسٍ
 
فيقلع عن فقيد أو عقير
كذاك المجد ليس يتم إلاّ
 
بمزجٍ العرف فيه والنكير
رأيت عليّ كابن عليّ قدماً
 
وزيراً جلَّ عن لقب الوزير
يسائله عن التمهيد ملكٌ
 
فيسأل جدّ مطلعٍ خبير
ويبعث كتبه في كل روعٍ
 
كتائب نقعها شكل السطور
فمن دالٍ ومن ألفٍ وميمٍ
 
كقوسٍ أو كسهمٍ أو قتير
كأن طروسه بين الأعادي
 
نذيرُ الشيب بالأجل المبير
كأنَّ حديثه في كل نادٍ
 
حديث النار عن نفس العبير
يظل السائدون لدى حماه
 
سدى ً يستأذنون على الحضور
مثولاً مع ذوي الحاجات منّا
 
فما يدرى الغنيّ من الفقير
إلى أن يرفعَ الأستارَ وجهٌ
 
تراه من المهابة في ستور
فمن رفدٍ يفيء لمستميحٍ
 
ومن رأيٍ يضيء لمستنير
ومن حقٍّ يساقُ إلى حقيق
 
ومن جدوى تفاض على جدير
سجية سابق الطلبات سامٍ
 
يظلّ على معاركة الأمور
ذكيرٌ لا ينقب عن حلاه
 
تلقى المجد عن سلفٍ ذكير
فإن تحجب فلهجة كلّ راوٍ
 
وان تظهر فنصب يد المشير
كذا فليحوها قصب المعالي
 
سبوقٌ جاء في الزمن الأخير
بعيد القدر من آمال باغ
 
قريب البرّ من يد مستمير
يهاب سبيل مسعاه المجاري
 
كأنَّ الرجل منه على شفير
و يرجع بعد جهد عن مداه
 
بلا حظٍّ خلا نفس نهير
يحدث عن علاه رغيم أنف
 
فيتبع ما يحدث بالزفير
و كيف ترام غاية ذي علاء
 
يردّ الطرف منها كالحسير
سمي الشكر من هنا وهنا
 
ونبت عذراه مثل الشكير
مكارم لا تمنع عن طلوب
 
كما لمع الصباح لمستنير
فلو شاء المشبه قال سحراً
 
بسرعتها لإخراج الضمير
له قلمٌ سري النفع سار
 
يبيت على الممالك كالخفير
تعلم وهو في الأجمات نبتٌ
 
سجايا الأسد حتى في الزئير
ألم تره إذا اعترضت أمورٌ
 
ورام الفرس أعلن بالصرير
و لثمه المداد لثام ليل
 
فأسفر عن سنا صبح منير
و أنشأ في الطروس جنان عدن
 
فحل بطرسه شرب الخمور
و جاوره الحيا المنهل حتى
 
تصبب منه كالعرق الدرير
تصرف حكمه بمنى حكيم
 
بأدواء العلى يقظٍ بصير
من القوم الذين لهم صعودٌ
 
إلى العلياء أسرع من حدور
تبيت الناس في سلم وتمسي
 
تحارب عنهم كرّ العصور
صدورٌ فيهمُ لله سر
 
كذا الاسرار تودع في الصدور
رست أحلامهم وسرت لهاهمُ
 
فاكرم بالجبال وبالصخور
و لي لفظٌ رقيق الورد جزل
 
كما نبع الزلالُ من الصخور
سما شعري وعاد على علاهم
 
فلقبناه بالفلك الأثيري
و أحسن ما سرى بيت لطيف
 
يصاغ ثناه في بيت كبير
أأندى العالمين ندى وأجدى
 
على العافين في الزمن العسير
عذرنا فيك دهراًزاد حباً
 
لما ميزت منه على الدهور
اذا أحصى الضعيف عليه ذنباً
 
أتت يمناك بالكرم الغفور
و دولة مالك نثلت جفيراً
 
فكنت أشد سهم في الجفير
حميت رواقها وبنيت فيها
 
بيمنك كل سطر مثل سور
و سكنت البسيطة من هياج
 
فما يهنر فرعٌ في دبور
و لم يعجزك في الأيام شيءٌ
 
تحاوله سوى مرأى نضير
لتهنك حجة ٌ غراء يحلو
 
تذكرها على مر الدهور
جنيتم كل ضامرة لعيش
 
فرار الورق قدام الصقور
كأن الأرض تحتكم سماءٌ
 
تجلت بالأهلة والبدور
سرى تطوى به الفلوات طيا
 
و نعم الذخر في يوم النشور
تقول بطاح ُمكة َ يوم لحتم
 
ألا لله من وفد جهير
ألستم خير من ركب المطايا
 
و أعلا القادمين سنا نور
يطوف عليكم الرضوان فيها
 
طوافكمُ على البيتِ الطهور
و يعبق بينكم في النحر عرفٌ
 
كأن المسك بعض دم النحير
و تمكث بالحجاز سيولُ رفدٍ
 
فما تهفو إلى نوء مطير
اذا كرمت مساعي المرء حثت
 
لبذل الوفر في جمع الأجور
فيا بشرى لمصرَ وساكنيها
 
مصيرك نحوها أزكى مصير
و عودك في سما التدبير بدراً
 
يفرع من ركوب هلال كور
و عيناً للزمان تجيل رأياً
 
تبسم عنه أرجاء الثغور
أطلت مديحه وأجدت فيه
 
وما حابيته وزن النقير
و قمت بجاهه أشكو الليالي
 
كما تشكو الرعية للأمير
و أعجب كيف أظمأ من غمام
 
وقد شمل الجليل مع الحقير
و كيف ظلاله تسعُ البرايا
 
وشخصي قائمٌ وسطَ الهجير
و ما في السحب مثل ندى يديه
 
ولا في الأرض مثليَ من شكور
رعاك الله دارك شكوَ عبدٍ
 
تمسك منك بالعدل السفير
فمثلك من أغاث حليف بيتٍ
 
فأحيي بعضَ سكانِ القبور
ولا تنظر إلى حقي ولكن
 
الى مافيك من كرمٍ وخير
أتيتك محرماً من كل صنع ٍ
 
فدم يا كعبة ً للمستجير
و جمع في زمانك كل عصر
 
كجمع العام أفراد الشهور