ألمْ ترَ أنَّ اللهَ أكرمَ أحمداً
ألمْ ترَ أنَّ اللهَ أكرمَ أحمداً المؤلف: محيي الدين بن عربي |
ألمْ ترَ أنَّ اللهَ أكرمَ أحمداً
ونادى بهِ حتى إذا بلغَ المدى
تلقاه بالقرآن وحياً منزلاً
فكان له روحاً كريماً مؤيدا
وأعطاه ما أبقى عليه مهابة ً
فأورثهُ علماً وحلماً وسؤددا
وأعلى بهِ الدين الحنفيَّ والهدى
وصيرهُ يومَ القيامة ِ سيدا
وهيأ يومَ الفصلِ عندّ ورودهِ
لهُ فوقَ أدنى في التقربِ مقعدا
وعين يوم الزور في كلِّ حضرة ٍ
له في كَثيبِ المسكِ نُزُلاً ومشهدا
فيا خيرَ خلقِ اللهِ بلْ خيرَ مرسلٍ
لقد طبتَ في الأعراق نشأ ومحتدا
تحليتَ للإرسالِ في كلِّ شرعة ً
يظهرن آياتٍ ويقدحن أزندا
ففي قولكُم لمّا دعيتُ مذمماً
وقد كان سمّاكَ الإله محمدا
لقدْ عضمَ الرحمنُ بالرحمة ِ اسمنا
كعصمتنا من سبِّ من كان ألحدا
علومٌ وأسرارٌ لمن كان ذا حجى
تدل على خُلق كريمٍ من العِدى
فيا خيرَ مبعوثٍ إلى خيرِ أمة ٍ
لو أنك في ضيقٍ لكنت لك الفدا
ولمَّا دعوتُ الله غيرة َ مؤمنٍ
على من تعدَّى في الشريعة واعتدى
أتاكَ عتابُ اللهِ فيهِ ولم تكنْ
أردت به إلا التعصبُ للهدى
بأنكَ قدْ أرسلتَ للخلقِ رحمة ً
ومن كان هذا أصله طاب مولدا
مدحتك للأسماع مدحَ معرِّف
وقمت به في موقفِ العدلِ مُنشدا
وها أنا أتلو في مديحك السنا
تعزُّ على منْ كانَ في العلمِ قدْ شدا
ولم أغل بل قلت الذي قال ربنا
وجئت به فضلاً مبيناً لأرشدا
مدحتك بالأسماء أسماء ربنا
ولمْ ألتفت عقلاً ورأياً مسدَّدا
بأنكَ عبدُ اللهِ بلْ أنتَ كونهُ
وأنت مضاف الكافِ شَرعاً وما عدا
فعينك عين السِّرِّ والسمعُ سمعُه
وأنت الكبير الكل للعين إنْ بدا
وأنت الذي أكني إذا قلت كنية
وأنت الذي أعني إذا ما تمجدا
لقد خصك الرحمن بالصورة ِ التي
روينا ولم ينزل لنا ذكرها سدى
وأنت مقالُ العبد عند قيامه
من الركعة الزلفى ليهوي فيسجدا
وأنتَ وجودُ الهاءِ مهما تعبدتْ
وأنتَ وجودُ الواوِ مهما تعبدا
فقلْ إنه هوَ أو فقلُ ليسَ هو بهوٌ
وإياكَ أن تبغي لنفسكَ موعدا
ولا تأخذ إلا لقاءً زوراً فإنه
حقيقتكم إن راح عنكم وإن غدا
ولمَّا اصطفاكَ اللهُ عبداً مقرباً
أراك الذي أعطى عليك وأشهدا
فمنْ كانَ يدريهِ يكونُ موحداً
ومن كان لا يدري يكون موحدا
إذا ما مدحت العبد فامدحه هكذا
وكن في الذي تلقيه عبداً موحدا
فإنك لم تمدحه إلا به فكن
لمن جاء يستفتيك ركناً ومقصدا
فواللهِ لولا اللهُ ما كنتُ مصلحاً
ووالله لولا الكونُ ما كنتُ مُفسدا
فمنْ كانَ مشهوداً به كانَ مؤمناً
ومن كان معلوماً له كان ملحدا
فكنْ منْ علا في الأمرِ بالأمرِ نفسهِ
ولا تكُ ممن قالَ قولاً فأخلدا
فهذا مديح الاختصاصِ مبينٌ
جمعتُ لكمْ بين الندا فيه والندى
وأجريتُ فيه الخمر نهر الشارب
إذا ما تحسَّى جرعة منه عربدا
ألا إنني أرجو منَ اللهِ أنْ أرى
بمشهده الأعلى عبيداً مؤيدا
بأسمائه الحسنى وأنفاسِ جودِه
أكونُ بها بينَ الأنامِ مسوَّدا