ألقى الهوى في القلبِ ما ألقى
ألقى الهوى في القلبِ ما ألقى المؤلف: محيي الدين بن عربي |
ألقى الهوى في القلبِ ما ألقى
فلا تسلْ عن كنهِ ما ألقى
لقيتُ منه الجهد في لذة
لأنني عبدٌ له حقا
أضلنا اللهُ على علمنا
به فما أعذبَ ما نلقى
تعبدَ القلبُ هواهُ فما
ينفكُ قلبي للهوى رقا
رقيتُ للحبِّ إلى راحة ٍ
ملذوذة غيري بها يشقى
لما درى بأنني عبدهُ
قضى بضربي الغربَ والشرقا
قدْ دبت فيما حازَ منْ رقة ٍ
ومنْ جمالٍ والهوى عشقا
والله لو أنَّ الذي عندنا
منهُ بأقوى جبلٍ شقا
قد رقَّ لي الشامت مما يرى
وحسبكم من شامِتٍ رقا
ما إنْ رأينا في الهوى عاذلاً
إلا ولا بُدَّ له يلقى
مثلَ الذي يلقاهُ ذو لوعة ٍ
وهوَ الذي سميَ بالأشقى
كما الذي قدِ اتقى نفسهُ
وربُّهُ سماهُ بالأتقى
فاشربهُ مراً ولذيذاً فما
بكاسٍ غير الحبِّ ما تسقى
ألا ترى موسى وما موله
أعطاهُ ما أملَ والصعقا
فكانَ موسى صادقاً في الذي
قد جاء يبغيه به صِدقا
فعندما ردَّ إلى حسهِ
تاب َووفى العهدَ واستبقى
وكلما كانَ له بعد ذا
مما رأى منْ ربهِ وفقا
أثمر فيه ذاك من ربه
في ليلة الإسرا بنا رفقا
وعاين الروحَ وقد جاءه
إذ سدَّ بالأجنحة الأفقا
يخبره أن السماءَ التي
ترى وأرضاً كانتا رتقا
فحكمُ الفصلِ بها والقضا
فصيراها حكمة فتقا
لا يشربُ الخالصَ عبدٌ هنا
من كلِّ ما يشرب إذ يُسقى
منْ كانَ أمشاجاً منْ أخلاطِهِ
فكيفَ لا يشربهُ ريقا
منْ يبتغي العصمة َ في حالة ٍ
دائمة يستلزم الصدقا
والصدقُ لا شكَّ ما ترى
أنزلهُ اللهُ لنا رزقا
فيأخذ العبدُ على قدره
منهُ كمثلِ الرزقِ لا فرقا
ما إنْ رأينا في الهوى حاكماً
أبقى ولا أتقى ولا أنقى
مثلَ الذي يعرفُ مقدارَهُ
فإنهُ قدْ حازهُ سبقا
العلمُ يستعملُ أصحابهُ
لا بدَّ منهُ فالزم الحقا
فإنّ قوماً لم يقولوا بذا
لجهلهمْ بالعلمِ أو فسقا