الرئيسيةبحث

ألغرس غرسك أيها البستاني

ألغرس غرسك أيها البستاني

ألغرس غرسك أيها البستاني
المؤلف: جبران خليل جبران



ألغرس غرسك أيها البستاني
 
فانظر الى الثمرات والغصان
أي الرياض كروضة انشاتها
 
فيها قطوف للنهى ومجاني
علم وأخلاق وحسن شمائل
 
من كل فاكهة بها زوجان
نبتت نباتا صالحا وتنوعت
 
زيناتها من حكمة وبيان
يا خير من ربى فأتحف قومه
 
بنوابغ الآداب والعرفان
أحسنت في آن إلى هذا الحمى
 
وإلى سواه نهاية الإحسان
الحكمة الزهراء شادت معهدا
 
ما زلت فيه أثبت الأركان
ومن الألى مروا بظلك أخرجت
 
نخبا يشار إليهم ببنان
فتيانها في العالم العربي هم
 
فخر الشباب وزينة الفتيان
البطركية في زمانك نافست
 
من عهدها المشهور خير زمان
وبنوك فيها ذاكروا أستاذهم
 
بالخير في الإسرار والإعلان
ما أجمل الثر الذي خلفته
 
فيها وابقاه على الحدثان
حسبي فخارا أنها بإنابتي
 
عنها تؤدي شكرها بلساني
للغرب في هذي الديار مدارس
 
فازت بحظ من جناك الداني
فرددت في طلابها ملكاتهم
 
عربية خلصت من الأدران
آلاف شبان أفادوا بالذي
 
لقنت آلافا من الشبان
وببعض ما اسديت عز مقامهم
 
فيما نأى ودنا من البلدان
من سفح لبنان تعالى وصتهم
 
وصداه فيما ردد الهرمان
في عود دود الذي خلب النهى
 
ما فيه من ذاك الصدى الرنان
ما زلت من خمسين عاما بانيا
 
للضاد ما لم يبن قبلك باني
فإذا نظمت فأنت أول شاعر
 
وإذا نثرت فأين منك الثاني
صغت القريض ومن يصوغ فريده
 
إلاك صوغ قلائد العقبان
لفظ إلى حسن البداوة جامع
 
ما للحضارة من جديد معاني
مترقوق المجرى ترقرق جدول
 
تماسك الأجزاء كلابنيان
نثر من الجزل الذي أسلوبه
 
يلج النفوس بغير ما استئذان
ويذود من جاراك عن غاياته
 
ببلوغه الغايات في الإتقان
لللعلم لحمته وللفن السدي
 
فاظنن بوشي فيه يلتقيان
فيه الرصانة والمتانة تزدهي
 
بهما الحلى وبهن تزدهيان
أما اللسان فانت في النفر الأولى
 
نصروه حتى بز كل لسان
فإذا العلى عدت فوارس شوطه
 
عدتك فيه أول الفرسان
لله معجمك الذي اخرجته
 
مستكمل التفصيل والتبيان
يصطاد أغلى الدر من قاموسه
 
ومنالثه من أقرب الشطآن
قيدت فيه أوابد الفصحى بما
 
فات الأولى سبقوا من الأقران
ونهجت للطلاب نهجا واضحا
 
يدني أقاصيها إلى الأذهان
حياك ربك من إمام عجز
 
في عبقريته ومن إنسان
متبتل للعلم مشغول به
 
عن رشف كاسات وعشق غوان
سمح المحيا والضمير سراره
 
كجهاره مما ترى العينان
فكه الحديث وإن أقل مكانه
 
متفقد في مجلس الإخوان
لم يلتمس في العيش إلا غاية
 
ترضي الإباء وطاهر الوجدان
وسما به خلق عيوف قانع
 
عن كل موقف ذلة وهوان
يا أيها العلامة العلم الذي
 
يدري مكانته بنو عدنان
هذي وفودهم إليك توافدت
 
تلقاك من متعدد الوطان
تهدي تهانئها وفضلك عندها
 
مالا يوفى حقه بتهاني
حمل التحية شيخها وتضاعفت
 
بركاته بتحية المطران