أقصرا قد أطلتما تفنيدي
أقصرا قد أطلتما تفنيدي المؤلف: البحتري |
أقصرا قد أطلتما تفنيدي،
ومن الجهل لوم غير سديد
لتجاوزتما بي اللوم والعذ
ل كأني شككت في التوحيد
أتسومانني الصدود، وكالعلــ
ـقم، لو تعلمان، طعم الصدود
إن من سنة الهوى أن يرى فيــ
ــه رشيد الأقوام غير رشيد
قدكما من ملام من وقفت عيـ
ـناه بيد الدموع والتسهيد
أكعهدي نوار أنت أم استحــ
ــدثت رأيا في نقض تلك العهود
أبياض الثغور أم رمض الأجــ
ــفان، أشكو أم احمرار الخدود؟
إن للحب لوعة تترك الجلـــ
ــد إذا خامرته غير جليد
مت شهيد الهوى فإن لمن ما
ت من الحب ضعف أجر الشهيد
ملك راحتاه أحنى على العا
فين من والد ومن مولود
كل يوم له عطاء جديد
يتلقى بوجه شكر جديد
أبدعت راحتاه في الجود ما لم
يك لولا نداه بالموجود
لو سعى قبل رفده رفد كف
لسعى رفده إلى المرفود
كم وفود به استجاروا فأضحوا
بأياديه مستجار الوفود
جاد حتى لقال عافيه ما يقــ
ــسم من رمل عالج أو زرود
كل عيد له انقضاء، وكفي
كل يوم من جوده في عيد
ما لذيذ الحياة أحلى لديه
من نجاح يغريه بالموعود
بسطة فاتت النجوم علوا،
واغتدت بعد فوتها في الصعود
تعجز الريح عن بلوغ مداها
فهي حسرى في شأوها الممدود
ونفاذ يفل مستصعب الخطـ
ـب بعزم يخد في الجلمود
لو تلاقي به الأسود لأعطت
طاعة المستكين غلب الأسود
فإلى بأسه انتساب المنايا،
وإلى جوده انتساب الجود
والعلا من فعاله في اجتماع،
واللهى من يديه في تبديد
فكأن اللهى اجترمن إليه
فهي مطلوبة بتلك الحقود
تتلقى حوادث الدهر منه
عزم رأي كالصخرة الصيخود
لا يحب الثناء نزراً، ولا يجــ
ــتلب الشكر بالنوال الزهيد
غير هيابة إذا استفحل الخطــ
ــب، ولا طائش ولا رعديد
لم يضع منهج الصواب، ولم ير
م بسهم في الرأي غير سديد
فاز من حارث وخسرو ومن دهر
مز بالمجد والفخار التليد
وأطال ابتناءه الحسن القر
م وعبد العزيز بالتشييد
جده الشملغان أكرم جد
شفع المجد بالفعال الحميد
ترتعي منه في جناب مريع
مونق النبت طيب المورود
ما انتصفنا من الليالي ولا الأيــ
ــام إلا أحمد المحمود
حكم السيف في عديد سجستا
ن، وفي النفس منه بعد العديد
فكفت منهم بطون سباع
قبروا جوفها بطون لحود
غادرتهم يد المنية صبحاً
بالقنا بين ركع وسجود
فهم فرقتان بين قتيل
قنصت نفسه بحد الحديد
وأسير غدا له السجن لحداً
فهو حي في حالة الملحود
فرقة للسيوف ينفذ فيها الــ
ــحكم قصداً، وفرقة للقيود
وأقيمت له القيامة في قم
على خالع وعات عتيد
فغدوا، إذا غدا عليهم، حصيداً
بالعوالي وقائما كحصيد
وثنى معلما إلى طبرستا
ن بخيل يمرحن تحت اللبود
فقرى هامهم سيوف المنايا
فجريح، أو مرعف، أو مود
وكذا الكرد سن للموت فيهم
بطوال الرماح طول الخلود
مثلما سن السيوف بــ قزيــ
ــن وجرجان قطع حبل الوريد
عانقتهم ظبا السيوف فلا منــ
ـــصل إلا مغيث في جيد
ومشت فيهم الرماح وخيداً
ووجيفاً من بعد ذاك الوحيد
وهو المرء ما غزا بلداً بالرأ
ي إلا كفاه غزو الجنود
يغتدي جيشه فتغدو المنايا
بين راياته وبين البنود
ضامنا رزق كل طير كما ضمـ
ــن أرزاق كل ضبع وسيد
ألفت كفه نجاح المواعيــ
ـــد، وأسيافه نجاح الوعود
أيد الملك بعد ما ماد ركنا
ه بسيف الخلاف كل مميد
مخمد نار كل حرب، ومذك
جمرها بالرماح بعد خمود
كم عزيز أباده فغدا را
كب عود مركب فوق عود
مطلق لم تحزه ساحة حبس
حبسه في شريطه المشدود
أسلمته إلى الرقاد رجال
لم يكونوا عن وترهم برقود
فهو كالشاعر استبدت به الفكــ
ــرة فيما أضل بعد الوجود
يحسد الطير فيه ضبع البوادي
وهو في غير حالة المحسود
غاب عن صحبه فلا هو موجو
د لديهم، وليس بمفقود
وكأن امتداد كفيه فوق الــ
ـجذع في محفل الردى المشهود
طائر مد مستريحاً جناحيــ
ـه استراحات متعب مكدود
وله صاحب يخاطب عنه
من نأى عنه فوق شبر الوليد
ما له والد يعد سوى الما
ء، ولا أم غير حر الصعيد
وعلى ضعف جسمه تفتك القطـ
ــرة من فيه بالشجاع النجيد
أخطب الخلق راجلاً فإذا رجــ
ــل خاطبت منه عين البليد
لا يذود الحديد عن أعظم الأسـ
ــؤق حتى يذوق طعم الحديد
وكذا السيف ليس يرضيك في الغمـ
ـد، ويرضيك ساعة التجريد
سائر لفظه بكل الصواب
وهو في بيته أليف قعود
وله شعبتان: شري وأري
من ردى قاتل ونيل عتيد
كم سعيد أحذاه ثوب شقي
وشقي أحذاه ثوب سعيد
يملأ الكتب من معان تؤام
وفرادى كالؤلؤ المعدود
يجتليهن في سواد ويجلو
هن للناس في الثياب السود
فتراهن كالعذارى إذا هــ
ــن تهادين وسط روض مجود
ينظم الدر في بطون القراطيــ
ــس كنظم النظام در العقود
يا بن عبد العزيز هنيت ما خــ
ولت من نعمة ومن تسويد
إمراة إثر كتبة قد توالت
نعم الله فيهما بالمزيد
نصر أذكوتكين أصبح معقو
دا له في لوائك المعقود
لم تقلد له قياما بأمر
فاحتوى غب ذلك التقليد
إن يكن في الأنام سعد سعود
بشريا فأنت سعد السعود
يا حليف الندى بك امتد باعي،
وارتوت غلتي، وأورق عودي
لتجاوزت بالبلاغة ما أعــ
ــيا على كل سيد ومسود
نظر باحث، ونظم كنظم الـ
ـدر فصلت ينه بفريد
يطمع السامعون فيه فإن را
موه ألفوه فوق بعد البعيد
وبيان إذا استعيد تجلى
جدة باستعادة المستعيد
جل عن أن ينال بالفهــ
ــم أو يدركه الواصفون بالتحديد
فهو كالغادة التي نهد الثد
يان منها، أو أشرفا للنهود
أو كورد الرياض أو وجنات الـ
ـكاعب الرود أو كوشي البرود
ليس حوك القريض بالغ ما فيـ
ـك بوصف فيكتفى بالقصيد
غير أن القريض أجمع شيء
لمقيم من العلا وشرود