أقبل عليك من الشعوب سلام
أقبل عليك من الشعوب سلام المؤلف: أحمد محرم |
أقبل عليك من الشعوب سلام
فزع الصليب إليك والإسلام
عيسى يناجي فيك سيف محمد
والدمع سيل والهموم ركام
الأرض ولهى والممالك رجف
والناس حرب والزمان خصام
دنيا نموج بها الشرور وعالم
تطغى على جنباته الآثام
لا الحل حل في شرائع أهله
عند القضاء ولا الحرام حرام
عبث الفلاسفة الكبار بأمنه
وجنى عليه السادة الأعلام
أقبل كعهدك موقظا ومنبها
إن البصائر والعقول نيام
وانشر كتابك هاديا ومهذبا
فالناس ضلال وأنت إمام
هذا كتاب للحياة مفصل
وضحت به الآيات والأحكام
مضت الدهور وما يزال كأنه
بمكانه ما فض عنه ختام
نمت الممالك في ظلالك واجتلت
أمم الزمان سناك والأقوام
أشرقت والدنيا ضلال مطبق
والكون شر شامل وظلام
وطلعت والحق المبين مشرد
يبغي المقام وأين منه مقام
القتل يطلبه ويركض خلفه
والسبل حيرى والخطوب جسام
والجاهلية في مظاهر عزها
ما ينقضي صلف لها وعرام
بطل تأهب للجهاد يقيمه
ومضى فلا خور ولا استسلام
ما الظن بالضرعام سار مهاجرا
ضاق العرين فهاجر الضرغام
يمشي وصاحبه وما من ثالث
إلا الإله الواحد العلام
لم تلهه الدنيا ولم يلعب به
منها متاع زائل وحطام
الدين من دنيا الهوى وخبالها
للنفس حرز مانع وعصام
ولقد ينال الفرد في إيمانه
ما لا ينال الجيش وهو لهام
النفس ملء الدهر أو هي ذرة
مما تثير وتنفض الأقدام
ما يستبين مكانها فترى ولا
هي بالتي يعنى بها فتسام
حررت من رق الجهالة أنفسا
لبثت يهان عزيزها ويضام
محن الحياة على النفوس كثيرة
وأشدها الأهواء والأوهام
يا منقذ الضعفاء من آلامهم
أمم البسيطة كلها آلام
جرحى على جرحى تئن ألايد
تأسو الجراح لعلها تلتام
هات الرسالة من يمين محمد
إنا نسينا الدين كيف يقام
وإذا الحياة تنكرت أعلامها
فالدين دستور لها ونظام
إنا جهلناها وعندك علمها
والجهل داء للشعوب عقام
هو إن سألت أولي المعارف ما اسمه
سل يذيب حياتها وجذام
زاغت بصائرنا فأصبح أمرنا
بيد الألى نام الحماة وقاموا
نمضي على هون بكل مضلة
حتى كأنا في البلاد سوام
والقوم إن عصفت بهم أهواؤهم
هفت العقول وطاشت الأحلام
لا الجاهلية إذ تقادم عهدها
درست معالمها ولا الأصنام
أقبل على الدنيا بعهد صالح
تحيا به الآمال وهي رمام
بالمسلمين وأنت من آمالهم
ظمأ إليك مبرح وأوام
هم في المنابر ألسن وجوانح
وعلى المآذن أعين أوهام
نظروك فازدلفوا تهل شعوبهم
فلكل شعب ضجة وزحام
أو ما لمست صدورهم فعرفتها
ومن الترائب والصدور ضرام
حال الزمان ودارت الأيام
فمضى الجبان وأحجم المقدام
نامت سيوف الفاتحين فحازها
يقظ الأسنة والسيوف همام
لهج بأخبار السماء يهيجه
عند الكواكب مطلب ومرام
جمع الأزمة للصعاب يقودها
فلكل صعب في يديه زمام
ولكل شعب إن توثب أو مضى
يبغي الفريسة مصرع وحمام
يا أيها العام الجديد ورثتها
دنيا ورثناها ونحن كرام
ثم انطوت عنا وزال نعيمها
فكأننا من بعدها أيتام
كم مات قبلك من وليد وارث
وكذا تموت وتولد الأعوام
بشر شعوب المسلمين بطائر
سعد فما للنحس منك ذمام
زالت عن الشرق السعود فلم تدم
أيكون فيه للنحوس دوام
إضرب لنا مثل الجهاد وسر بنا
نغشى الوقائع فالحياة صدام
هل أسلم الهادي الأمين قياده
أم كان منه النقض والإبرام
يبني ويهدم جاهدا ما مثله
في الدهر بناء ولا هدام
رفع الحياة على أساس صالح
والسيف ركن والكتاب دعام
أحد وبدر شاهدان فما على
من يسفح الدم في الحقوق ملام
هل جال في تلك المشاهد مصحف
أم جال فيها مصحف وحسام
إنا لنلمح في جبينك آية
مما يخط الوحي والإلهام
تلك البشارة إن تغب فدليلها
هذا الهلال المشرق البسام
إن يخلف الزمن الكنود فربما
وفت الجدود وبرت الأقسام
إنا أخذنا للحياة عتادها
ومضت بنا همم تجيش عظام
لا يأتمر منا الرماة بمقتل
فلنا نبال مثلهم وسهام
نسعى ونعمل دائبين لقومنا
نبغي التمام وللأمور تمام