أغشُّ بآمالي كأنيَ أنصحُ
أغشُّ بآمالي كأنيَ أنصحُ المؤلف: مهيار الديلمي |
أغشُّ بآمالي كأنيَ أنصحُ
و أبقى َ لأشقى َ بالبقاء وأفرحُ
و أصبو إلى وجهٍ من الدهر مسفرٍ
ضحوكٍ ووجهي في الخمار مكلحُ
و يعجبني إملاء يومٍ وليلة ٍ
و ما الموتُ إلا غابقٌ أو مصبحُ
مطلتُ بديني والغريمُ مصممُ
و أحسنتُ ظني والمسيءُ مصرحُ
تدمى المنايا الناسَ حولي وإنما
دمي ذاك في أثوابهم يتنضحُ
و أسلو إذا أبصرتُ جلديَ أملسا
و ما صحة ٌ في الجلدِ والقلبُ يجرحُ
إذا مرَّ يستقري من الهالكُ الردي
يميلُ في أبنائه ويرجحُ
تطامنتُ أرجو أن أفوتَ لحاظه
فأخفي وعينُ الموت زرقاءُ تلمحُ
و قد غرني ليلُ الشباب فأين بي
أضلَّ وفجرُ الشيب عريانُ مصبحُ
و أقرب شيء من قضيبٍ جفوفهُ
إذا الورقاتُ الخضرُ ظلتْ تصوحُ
تتيمَ بالعمرِ الجذاعُ وخانهم
فما ليَ أرجو وده حين أنزحُ
و قد كان قدامى مدى منه يرتجى
هو اليومَ ملقى ً من ورائيَ يطرحُ
حسوتُ بمرَّ الدهر حبا لحلوه
فطورا يصفى لي وطورا يصبحُ
إذا برني في صاحبٍ بزَّ صاحبا
أغنى بشعري تارة ً وأنوحُ
أبيحُ الترابَ أوجها كان مسخطي
على الشمس منها الساهمُ المتلوحُ
و أحثو بكفيّ أو أشقُّ حفيرة ً
يهال على قلبي ثراها ويصرخُ
ترى الحق مطروفا وتعشى لواحظٌ
يراقصها هذا السرابُ الملوحُ
يودُّ الفتى أن البسيطة َ دارهُ
و ما فوقها مالٌ عليه يروحُ
و سيعة ُ بطنٍ جلَّ ما هو محرزٌ
و مطرحُ جنبٍ جهدَ ما يتفسحُ
تبايعنا الدنيا منى ً بنفوسنا
فتوكسُ غبنا والمبايع مصلحُ
فلا نحن من فرط الخسارة ِ نرعوي
و لا هي ترضى فرطَ ما هي تربحُ
فما لكِ يا دنيا وأنتِ بطينة ٌ
و نحن خماصٌ تبخلين ونسمحُ
ألا طرقتْ لا يملأ الليلُ صدرها
و لا تتحاشى صارخا حين تصبحُ
مغلغلة ً لا طودَ يعصمُ ما ارتقت
و لا موئلٌ من حيث تهبطُ أبطحُ
وصولاً إلى البيت الذي تستضيفه
و لا موقدٌ يوري ولا كلبَ ينبحُ
لها من قرى ما استصلحتْ وتخيرتْ
حشايا توطى أو صفايا تذبحُ
أصابت صريحَ المجد من حيث ينتمي
و غضت لحاظَ الفضل من حيث تطمحُ
و حلت فحكت بركها من محمدٍ
بجانب ركنٍ لم يكن قبلُ ينطحُ
قويمٍ على عرك الخطوب فما له
و قد زحمته زحمة ٌ يتطوحُ
سلا مقعصَ الأقران من أيَّ طعنة ٍ
تقطرَّ عن ظهر الكفاية يطرحُ
و قاطعِ مثناة ِ الحبال حرانهُ
بأيّ زمامٍ قيدَ يعنو ويسمحُ
و من هزَّ من بين الوسائد طودهُ
و في دسته ثهلانُ لا يتزحزحُ
و قولا وإن لم يخرق التربَ صائحٌ
إليه ولم يفهم صدى الأرض موضحُ
أبا حسنٍ أما الرجاءُ فخائب
و أما الرجا فيما نعاك فمنجحُ
حملتُ الرزايا جازعا ثمّ صابرا
على ذاك حسنُ الصبر بعدك يقبحُ
و واصلتُ من أحببتُ ثم فقدتهُ
فما نازلٌ إلا وفقدك أبرحُ
ذكرتك إذ غصّ النديُّ فلم يشرْ
نصيحٌ ولم ينطق لسانٌ مفصحُ
و لا أضمرتْ صدقا معاقدُ حبوة ٍ
جثا بفخارٍ ربها يتبجحُ
و قد غاض بحرٌ كان فكرك مده
و أرتجَ بابٌ كان في فيك يفتحُ
و قد جاء نجمٌ من جمادى بليلة ٍ
بليلٍ يريك الطولُ أن ليس تصبحُ
يسائلُ عن أطناب بيتك ضيفها
ردائدَ خطفِ البرقِ فيما تلوحُ
تعيفَ طيرا بارحاتٍ يسرنهُ
بفقدك قد كانت ميامينَ تسنحُ
فبات صعيدُ الأرضِ والريحُ زادهُ
شقياً بما يستافُ أو يتنقحُ
بليلة بؤسٍ فات معتامها القرى
كما فاتها منك المصلى المسبحُ
و للأمر كنتَ الليثَ إما حفظتهُ
تعاوتْ تعاطاه ثعالبُ تضبحُ
رعى بعدك الشقُّ الذي كنت حامياً
له وعتا الخرقُ الذي كنت تنصحُ
و خلى َ للعجز التنافسُ واستوى
على الجهل سرحٌ سائمٌ ومسرحُ
و قام رجالٌ كان فضلك مقعدا
لهم فتراءوا للعلا وترشحوا
بلا عائبٍ تزري على سيئاتهم
محاسنهُ والنقصُ بالفضل يفضحُ
لئن حرصوا فيما عمرت تعافهُ
فربتَ ساعٍ للدنية يكدحُ
تمالوا على ما كنتَ تأباه أوحداً
و منوا بما استضعفته وتمدحوا
و ما ازدحموا أن القذى بعدك انجلى
عن الماء لكن يشربون وتقمحُ
فداكَ وهل حيٌّ فداءٌ لميتٍ
قصيرُ الخطا يكبو بما كنتَ تجمح
تعجبَ لما ساد من حظَّ نفسه
و قد يدرك الجدُّ الدنيَّ فيفلحُ
و لما رأيتَ الدهرَ ضاقت ضلوعهُ
بحملك وهي للئام تفسحُ
أنفتَ من الدنيا الذليلة ِ عارفا
إذا عيشة ٌ ضامتك فالموت أروحُ
و ذكرنيك الودُّ أحليتَ طعمه
و أصفيتَ فهو الآن يقذي ويملحُ
ضربتُ عن الإخوان صفحا مؤملا
بأن الردى لي عنك وحدك يصفحُ
و أغنيتني وداً ورفدا بحاجة ٍ
من اليوم ما أرتادُ أو أتمنحُ
أعلل نفسي عنك لو أن مسقما
يفيق بنوعٍ من جوى ً أو يصبحُ
و أرقعُ أيامي أروم صلاحها
و قد فسد العيشُ الذي كنت تصلحُ
سألتُ بك الأيام أرجو مسرة ً
فلما أبت إلا التي هي اترحُ
ضحكتُ إلى ناعيك أحسب أنه
و قد جدَّ إكبارا ليومك يمزحُ
عفا ربعُ أنسي منك ضيقا وما عفا
بساحة ِ قلبي منزلٌ لك أفيحُ
به ساكنٌ من طيبِ عهدك عامرٌ
يريح عزيبَ الحزن من حيث يسرحُ
إذا ذبلت فيه على الصبر جمرة ٌ
خمودا ورى زندٌ من الذكر يقدحُ
و ذاك اللسانُ الرطبُ لا زال في فمي
هو اليومَ يرثي مثله أمس يمدحُ
يقول وإن لم يغنِ عنك وإنما
ملأتَ إناءً نعمة ً فهو يرشحُ
و لو ردَّ قبلي الموتُ بالشعر أو مضى
شبا لسنٍ أو عاش في الدهر مفصحُ
نجا لائذا بالعزّ في غير قومه
و قد سبق الناسَ الغريبُ المقرحُ
و مستنزلُ النعمان عن سطواته
ينتقي من عذرة ٍ وينقحُ
و عروة ُ لم يصغِ الردى لنسيبه
و لم يعطَ في قيسٍ مناه الملوحُ
و غير غيلانُ المهاري بعنسهِ
فلم تنجه من عدوة الموتِ صيدحُ
و لكنه شرطُ الوفاء وغمة ٌ
على الصدر باستخراجها أتروحُ
ذممتُ فؤادي فيك والحزنُ محرقٌ
و عاتبتُ جفنَ العين والدمعُ مقرحُ
و ما عجبٌ للدمع أن ذلَّ عزه
فما جمّ إلا أنه لك ينزحُ
و أقسمُ ما جازاك قلبٌ بما طوى
غليلا ولا قولٌ يطولُ فنشرحُ
و لا كان في حكم الوثيقة أن أرى
عليك الثرى كلاَّ وجسميَ ريحُ
و ما أنا إلا قاعدٌ عن فضيلة ٍ
إذا قمتُ فيها مائلا أترنحُ
سقاك وإن كان الثرى بك غانيا
عن السحب غادٍ بالحيا متروحُ
حمولٌ لماء المزن تطفو لصوبه
فواغرُ أفواهِ الجواءِ فتطفحُ
إذا خار ضعفا أو تراخى حدتْ به
مواقرُ من نوءِ السماكين دلحُ
يجفلُ طردُ الريح فيها كأنها
سفينٌ جوارٍ أو مراسيلُ جنحُ
شجاعٌ كأنتَ أو جوادٌ بمائه
فإن عاقه ضنٌّ فعينيَ تسفحُ
ليعلمَ قبرٌ بالمدينة أنني
من الغيثِ أوفيَ أو من الغيثِ أسمحُ