أطلالهمْ سلبتْ دماها الهيفا
أطلالهمْ سلبتْ دماها الهيفا المؤلف: أبو تمام |
أطلالهمْ سلبتْ دماها الهيفا
واستبدلتْ وحشاً بهنَّ عكوفا
يا مَنْزِلاً أعْطَى الْحَوَادِثَ حُكْمَها
لا مَطّلَ في عِدة ٍ ولا تَسْويفَا
أَرْسَى بنَادِيك النَّدى وتَنَفَّسَتْ
نفساً بعقوتكَ الرياحُ ضعيفا
شعفَ الغمامُ بعرصتيكَ وربما
رَوَّتْ رُبَاكَ الهَائِمَ المَشْعُوفَا
ولَئِنْ ثَوَى بكَ مُلْقِياً أَجْرَامَهُ
ضيفُ الخطوبِ لقدْ أصابَ مضيفا
وهيَ الحوادثُ لم تزلْ نكباتها
يأْلَفْنَ رَبْعَ المَنْزِلِ المَأْلُوفَا
خَلَفتْ بِعَقْوَتِكَ السنونَ وطَالَما
كانتْ بناتُ الدهرِ عنكَ خلوفا
أيامَ لا تسطو بأهلكَ نكبة ٌ
إِلاَّ تَرَاجَعَ صَرْفُها مَصْرُوفَا
وإذا رمتكَ الحادثاتُ بلحظة ٍ
رَدَّتْ ظِبَاؤُكَ طَرِفَها مطْرُوفَا
منْ كلِّ مطعمة ِ الهوى جعلتْ لها
مناً موداتُ القلوبِ وقوفا
ورفيقة ِ اللحظاتِ يعقبُ رفقها
بطشاً بمغترِّ القلوبِ عنيفا
جُزْنَ الصفَاتِ رَوَادِفاً وسَوَالِفاً
ومحاجراً ونواظراً وأنوفا
كنَّ البدورَ الطالعاتِ فأوسعتْ
عنا أفولاً للنوى وكسوفا
آرامُ حَيٍّ أَنْزَفَتْهم نِيَّة ٌ
تَرَكَتْكَ مِنْ خَمْرِ الفِرَاقِ نَزِيفَا
كَانُوا بُرُودَ زَمانِهمْ فَتَصَدَّعوا
فكأنَّما لبِسَ الزَّمانُ الصُّوفَا
خُلُقَ الزَّمانِ الْفَدْمِ عَادَ ظَريفَا
كانَ المُمَنَّعَ أخْدَعاً وصَلِيفَا
عاقدتُ جودَ أبي سعيدٍ إنه
بدنَ الرجاءُ بهِ وكانَ نحيفا
وعَزَزْتُ بالسَّبُعِ الذي بزئيرِه
أمستْ وأصبحت الضغورُ غريفا
قَطَبَ الخُشُونَة َ والليَانَ بِنَفْسِهِ
فغدا جليلاً في القلوبِ لطيفا
فإذا مشى يمشي الدفقى أو سرى
وصَلَ السُّرَى أو سارَ سَارَ وَجِيفَا
هَزَّتْه مُعضِلَة ُ الأُمور وهَزَّها
وأخيفَ في ذاتِ الإلهِ وخيفا
يَقْظَانُ أحصَدَتِ التَّجاربُ حَزْمَهُ
شَزْراً وثُقّفَ عَزْمُه تَثْقِيفَا
واستلَّ منْ آرائهِ الشعلَ التي
لو أنَّهُنَّ طُبعْنَ كُنَّ سُيُوفَا
كَهْلُ الأناة ِ فَتَى الشَّذَاة ِ إذَا غَدَا
لِلحَرْبِ كانَ القَشْعَمَ الغِطْريفَا
وأَخُو الفَعالِ إذا الفَتَى كلُّ الفَتَى
في الباسِ والمعروفِ كان خليفا
كمْ منْ وساعِ الجودِ عندي في الندى
لَمَّا جَرَى وجَريتَ كانَ قَطُوفا
أَحسَنْتُما صَفَدِي، وَلِكنْ كنتَ لي
مثلَ الربيعِ حياً وكانَ خريفا
وكلاكما اقتعدض العلى فركبتها
في الذرْوَة ِ العُلْيَا وجَاءَ رَدِيفَا
إنْ غاضَ ماءُ المزنِ فضت وإنْ قست
كبدُ الزمانِ عليَّ كنتَ رؤوفا
وإذا خلائقهم نبتْ أو أجدبتْ
أنشأتَ تمهدُ لي خلائقَ ريفا
ومواهباً مطلوبة ً ملحوقة ً
تذرُ الشريفَ بفضلها مشروفا
تَكْفِي بها نَهَلَ البَلاءِ وَعَلَّهُ
عند السؤالِ مصارعاً وحتوفا
اسمَعْ، أقَامَتْ في دِياركَ نِعْمَة ٌ
خَضْرَاءُ ناضِرَة ٌ تَرفُّ رَفِيفَا
رَيَّا إِذَا النعَمُ انتَقَلْنَ تَخَيّمَتْ
وإذا نفرنَ غدتْ عليكَ ألوفا
أنا ذو كساكَ محبة ً لا خلة ً
حِبَرَ القَصائِدِ فوفَتْ تَفْويفَا
مُتَنَخلٌ حَلاَّكَ نَظْمَ بدائعٍ
صارتْ لآذانِ الملوكِ شنوفا
وافٍ إذا الإحسانُ قنعَ لم يزلْ
وَجْهُ الصنيعة ِ عنْدَه مَكشوفَا
وإِذَا غَدَا المعرُوفُ مَجْهُولاً غَدا
معروفُ كفكَ عندهث معروفا
هذا إلى قدمِ الذمامِ بكَ الذي
لَوْ أَنَّهُ وَلَدٌ لكَانَ وَصِيفَا
وَحِشاً تُحرقُه النَّصِيحَة ُ والهَوَى
لَوْ أَنَّه وَقْتٌ لكانَ مَصِيفَا
ومقيلُ صدرٍ فيكَ باق روعهُ
لو أنهُ ثغرٌ لكانَ مخوفا
ولئِنْ أَطَلْتُ مَدَائحي لَبِنَائِلٍ
لكَ لَيْسَ مَحْدُوداً ولا مَوْصُوفَا
خفضتَ عني الدهر بعد ملمة ٍ
تَرَكَتْ لِنَابيْهِ عَليَّ صَرِيفَا
عَمْرِيُّ عُظْمِ الدينِ جَهْمِيُّ النَّدَى
ينفي القوى ويثبتُ التكليفا
سأقولُ قولة َ ناصحٍ لكَ ينتحي
قلباً نقياً في رضاكَ نظيفا
لكَ هضبة ُ الحلمِ التي لوْ وازنتْ
أجأً إذاً ثقلتْ وكانَ خفيفاً
وحلاوة ُ الشيم التي لوْ مازجتْ
خلقض الزمانِ الفدمِ عادَ ظريفا
وأرَاكَ في أَرْضِ الأعادي غَازياً
ما تستفيقُ يبوسة ً وجفوفا
إنْ كانَ بالورعِ ابتنى القومُ العلى
أوْ بالتقى صارَ الشريفُ شريفا
فعلامَ قدمَ وهوَ زانٍ عامرٌ
وأميطَ علقمة ٌ وكان عفيفا؟!
وَبَنى المَكارِمَ حاتِمٌ في شِرْكِهِ
وسواهُ يهدمها وكانَ حنيفا؟!