أسُرِرْتَ إذ مرّ السّنيحُ تَفاؤلاً
أسُرِرْتَ إذ مرّ السّنيحُ تَفاؤلاً المؤلف: أبوالعلاء المعري |
أسُرِرْتَ، إذ مرّ السّنيحُ، تَفاؤلاً،
والفالُ من رأيٍ، لعَمرُكَ، فائلِ
أرأيتَ فعلَ الدّهرِ في أُمَمٍ مَضَتْ،
قَبلاً، ومَرْجَ قَبائِلٍ بقَبائل؟
أسرِجْ كُمَيتَكَ، في الكتائبِ، جائلاً،
ودَعِ الكُميتَ أخا الحَبابِ الجائل
خسِرَ الذي باعَ الخلودَ، وعيشَهُ،
بنَعيمِ أيّامٍ، تُعَدُّ، قلائل
وتَخَيّرَ المَغرُورُ طولَ بَقائِهِ،
سفَهاً، وما طولُ البقاءِ بطائل
وتَفاوتُ الأجسامِ، ثمّ جَميعُها
مَتقارِباتٌ في نُهىً وخَصائل
حُرٌّ يضيقُ، عن الوليدةِ، طَوْلُه،
وسِواهُ لم يَقنَعْ بتِسعِ حَلائل
جَمَدَ النُّضارُ له، فَما هوَ سائلٌ،
من جُودِ راحتِهِ، براحَةِ سائِل
ما المرءُ نائلُ رُتبَةٍ من سؤدُدٍ،
حتى يُصَيَّرَ مالُهُ في النّائل
لو عُدتُ من أسَدِ النّجومِ بجَبهَةٍ،
أو بتُّ في ذَنَبٍ لشَبوةِ شائل
أو كنتُ رأسَ الغُولِ، وهوَ موَقَّرٌ،
في الشُّهبِ، لم آمَنْ تهجُّمَ غائل
كانَ الشّباب ظَلامَ جِنحٍ، فانجلى،
والشّيبُ يذهبُ في النّهارِ الزّائل
والغِرُّ يُرْسِلُ قَولَهُ بمواعِدٍ
وُلُدٍ، فتَنتِجُ عن يمينٍ حائل
وأقلُّ أهلِ الأرضِ حظّاً، في العُلا،
مَن يَكتَفي منها بخطبَةِ قائل
والحَيُّ شاهدُ رُزءِ خَطبٍ هائلٍ،
من كونِ مَيتٍ تحتَ أُنمُلِ هائل
قد خِلْتَ أنّكَ مُحسِنٌ فيما مضَى،
والخالُ يَكذِبُ فيهِ ظنُّ الخائل
لا تَفرَحَنّ بدَوْلَةٍ أُوتيتَها،
إنّ المُدالَ عليهِ مثلُ الدّائل
ومتى حَظيتَ بنِعمَةٍ من مُنعمٍ،
فتَوَقّ واحذَرْ صولَةً من صائل
وعَقائِلُ الألبابِ غَيرُ أوامِرٍ
بأذاةِ أيتامٍ، وهَتكِ عَقائل
وإذالَةُ الإنسانِ، ليسَ بمانِعٍ
منها تحرّزُهُ بدرْعٍ ذائِل
وحَبائلُ الدّنيا تَزيدُ على الحَصَى؛
وأقَلُّ أنفاسي أدَقُّ حَبائلي