أرى كلّ أُمٍّ عُبرُها غيرُ مُبطىءٍ
أرى كلّ أُمٍّ عُبرُها غيرُ مُبطىءٍ المؤلف: أبوالعلاء المعري |
أرى كلّ أُمٍّ، عُبرُها غيرُ مُبطىءٍ،
وما أُمُّ دَفرٍ بالتي بانَ عُبرُها
هي النّفسُ تهوى الرُّحبَ، في كلّ منزل،
فكيفَ بها إن ضاق، في الأرض، قبرها
وآخِرُ عهدِ القومِ بي يومَ تَنطوي
عليّ جَرُورُ الوِردِ، يُكرَه زَبْرها
فهل يَرتجي، خُضرَ الملابسِ، ظاعنٌ،
وقد مُزّقتْ، في باطن التُّرب، غُبرها؟
أتَتْنيَ أنباءٌ، كثيرٌ شُجونُها،
لها طُرُقٌ أعيى، على النّاس، خُبرها
هفا دونها قَسُّ النصارى، وموبَذُ الـ
ـمجوس، وديّانُ اليهودِ، وحَبرها
وخطّوا أحاديثاً لهم في صحائفٍ،
لقدْ ضاعت الأوراقُ، فيها، وحِبرها
تخالفتِ الأشياعُ في عُقَبِ الرّدى،
وتلك بحارٌ، ليس يُدرَكُ عِبرها
وقيل: نفوسُ النّاسِ تستطِيعُ فِعلَها؛
وقال رجالٌ: بل تبيّنَ جَبرها
ولو خُلِقَتْ أجسادُنا من صَبارَةٍ،
لقلّ، على كرّ الحوادثِ، صَبرها
يجيئك شهرا ناجرٍ، بعدَ قرّها،
وصِنَّبْرُها، بعد المَقيظِ، ووَبْرُها
وما أحرزتْ، نفسَ المدجَّج، في الوغى
مُضَبِّرَةٌ، يستأسرُ، الوحشَ، ضَبرها
أو النَّثرةُ الحصداءُ، قُوربَ نسجُها،
لها حَلَقٌ هالَ، الأسنّةَ، عَبرها
إذا أُودِعَتْها جثّةٌ، وتعرّضتْ
لبِيض الظُّبَا، لم يمكن السيفَ هَبرها
وأودتْ بنو وَبرٍ وبَبْرٍ، فما حَمى
عزيزٌ، ولا شُمٌّ توَقّلَ وَبرها
وقد سُمّيَ المرءُ الهِزَبْرَ، تفاؤلاً،
وليسَ بباقٍ، في اللّيالي، هِزَبْرُها
نوائبُ ألقَتْ، في النّفوس، جرائحاً،
عصى، كلَّ آسٍ، في البريّة، سَبرها
ليَ القوتُ، فليعمُر، سَرنديبَ، حظُّها
من الدُّرّ، أو يكثُر، بغانَةَ، تِبرها