أرى كفْرَ طابٍ أعجزَ الماء حفْرَها
أرى كفْرَ طابٍ أعجزَ الماء حفْرَها المؤلف: أبوالعلاء المعري |
أرى كفْرَ طابٍ أعجزَ الماء حفْرَها،
وبالِسَ أغناها الفُراتُ عن الحفرِ
كذلك مجرى الرّزقِ وادٍ بلا ندًى،
ووادٍ به فَيضٌ، وآخرُ ذو جَفْرِ
خَبرْتُ البرايا، والتّصعلُكَ، والغِنى،
وخَفضَ الحشايا، والوجيفَ مع السّفر
فأطيَبُ أرضِ اللَّهِ ما قلّ أهلُهُ،
ولم ينأ فيه القوتُ عن يدِكَ السّفر
يُعاني مقيمٌ بالعراقِ، وفارسٍ،
وبالشّامِ، ما لم يَلْقَهُ ساكنُ القفر
فَمِلْ عن بني حوّاءَ منْ نسلِ آدمٍ،
لتنزِلَ بينَ الحُوّ، والأُدْمِ، والعُفْر
ولا بُدَّ، في دُنياكَ، من نصَبٍ لها،
وهل وضَعَ الأثقالَ دهرُكَ عن شَفر؟
أليسَ هِزَبْرُ الغابِ، وهو مُمَلَّكٌ
على الوَحش، يبغي الصيد بالناب والظُّفر
وأنت، إذا اسَتعملتَ أكوابَ عَسجدٍ،
أسأتَ ويَجزيكَ الاناءُ من الصَّفر
لقد سكنت نفسي، على الكُره، جسمَها،
فألفيتُها لا تَستَقرُّ من النَّفر
فإن لم تَنلْ وفراً من المالِ، فاستَعِنْ
وَفارَةَ عقلٍ، فهي أزكى من الوَفر
وإن لم يكنْ لبُّ الفتى معَ شَخْصه
وليداً، فما يَفري لنَفعٍ ولا يُفْري
يُسمّي غويٌّ من يُخالفُ كافراً؛
له الويلُ، أيُّ الناسِ خالٍ من الكُفْر؟
حَصلنا على التمويهِ، وارتابَ بعضُنا
ببَعض، فعندَ العَينِ رَيبٌ من الشُّفر
وليسَ الذي قالَ اليهوديّ ثابتاً،
سوى أنّهُ بالخَطّ أُثبِتَ في السِّفر
غفَرْنا وما أغنى اغتفاراً، وإنّما
عَنيتُ انتكاسَ البُرْءِ لا كرَمَ الغَفْر
إذا خَشِيَتْ أُمٌّ، على ابنٍ، منيّةً،
فيا أُمّ دَفرٍ قد أمِنْتِ على دَفْر