أروَّضَ الوادي أمْ ابيضَّ الغسقْ
أروَّضَ الوادي أمْ ابيضَّ الغسقْ المؤلف: مهيار الديلمي |
أروَّضَ الوادي أمْ ابيضَّ الغسقْ
أمْ طيفُ ظمياءَ على النَّأى طرقْ
جاءَ على غربتهِ لمْ يحتفلْ
ما نكدَ الأرضُ وما تيهُ الطَّرقْ
تحملهُ راحلة ٌ كاذبة ٌ
منَ الكرى تشكرُ شكرَ منْ صدقْ
فقمتُ أمشي نائماً ينفضني
إكبارُ ما خاضَ إليَّ وما خرقْ
مرتشفاً ترابهُ أعرفهُ
منْ غيرهِ بما استفادَ منْ عبقْ
والرَّكبُ قدْ ألهاهمُ عنْ شأننا
يومَ الخليلِ سامني ما لمْ أطقْ
وناظرَ رقادهُ منْ غدرهِ
لولا فراقُ الطَّيفِ ماذمَّ الأرقْ
ناشدْ غصوناً باللوى موائلاً
طوعَ النَّسيمِ تلتوي وتفترقْ
أهنَّ أحلى أمْ قدودٌ تلتوي
شكوى على جمرِ النَّوى وتعتنقْ
وعنْ قناة ٍ لحظها عاملها
وحبَّبَ الرُّمحُ إنْ اسمرَّ ودقْ
لمياءُ يلفي الظَّبيُ منْ أوصافهِ
صفراً إذا ردَّ الَّذي منها سرقْ
تمَّ البدورُ وهلالُ وجهها
ما بلغَ التّمَ بها ولا امَّحقْ
فارقتُ حولاً أهلُ نجدٍ والهوى
ذاكَ الهوى وحرقي تلكَ الحرقْ
فقلْ لمنْ ظنَّ البعادَ سلوة ً
لا تنتحّلْ طعمَ شيءٍ لمْ تذقْ
آهٍ لقلبٍ شقَّ عنهُ أضلعي
منَ الحمى تخالجُ البرقَ الشَّفقْ
ثارَ بهِ الشَّوقُ فهبَّ فهفا
تطلُّعاً ثمَّ نزا ثمَّ مرقْ
أنشدهُ وليسَ في أهلُ منى ً
والقومُ حجٌ منْ تعرَّفَ الشَّرقْ
للهِ عيشٌ بالحمى تعلَّقتْ
حبالهُ بيدِ قطَّاعِ العلقْ
صحبتُ منهُ رفقة ً سائرة ً
لو أمهلَ الحادي العنيفُ أو رفقْ
أيَّامَ لي منْ الشَّبابِ دوحة ٌ
ملتفَّة ُ الأغصانِ خضراءُ الورقْ
ولمَّتي تقطرُ منْ ماءِ الصِّبا
شرطَ المفدِّي ما فلا وما فرقْ
إذا الظِّباءُ نفرتْ منْ قانصٍ
تزاحمتْ على حبالي وربقْ
فاليومَ لا أرجعُ إلاَّ مخفقاً
محصَّنَ المدية ِ مثنّى الورقْ
قالوا المشيبَ لبسة ٌ جديدة ٌ
خذوا الجديدَ واستردُّوا ليَ الخلقْ
أسلفتُ دهري غبناً فارتجعتْ
أحداثهُ منّي الّذَي كانَ استحقْ
كمْ قدْ ركبتُ ظهرهُ ولجمي
تبدلهُ عنِ العليقِ بالعلقْ
أجريتهُ ركضاً إلى مآربي
وخبباً حتَّى أفوزَ بالسَّبقْ
فلمْ تزلْ خطاهُ بي قصيرة ً
وجلدي حتَّى رضيتُ بالعنقْ
قالتْ يئستُ فجلستْ حجرة ً
والرِّزقُ في أخرى يصوبُ ويدقْ
مزمَّلاُ بعيشة ٍ ذبذابة ٍ
لمْ يكسِ الدَّهرُ بها ولا حمقْ
تألفُ داراً بالعراقِ جدبها
قدْ عدمَ اللحمَ معادَ يعترقْ
أضربتْ أسدادُ جوٍّ غيرها
على المطيِّ أمْ على الأرضِ طبقْ
يحبُّ كسرالبيتِ إمَّا عاطلٌ
منَ العلا أو طائشِ القلبِ فرقْ
مجثمتانِ أينَ أنتَ منهما
هما الثُّرى وأنتَ بيضاءُ الأفقْ
عنِّي فما أعدلها قضيّة ً
لو أنَّ منْ يحرمَ بالفضلِ رزقْ
أما رأيتَ الفضلَ واجتماعهُ
في وطنِ والحظُّ قلَّما اتفقْ
العربيُّ راقعٌ شملتهُ
والقرويُّ بالنَّضارِ ينتطقْ
منْ لي بسوقِ المائقينَ يشتري
حلمي فيها برفاغة ِ النَّزقْ
وقدْ حرصتُ مطلقاً أعنَّتي
لو أنّ معقولَ القضاءِ ينطلقْ
والشِّعرُ قدْ أقعدتهُ فكاسدٌ
أو نافقٌ وليتَ شعري ما نفقْ
عبَّدتهُ حرَّاً لقومٍ عنفوا
بملكهِ فما نجا حتّى أبقْ
فصرتُ إنْ أردتهُ لمثلها
أبى عليَّ خيفة ً منها وشقْ
وقدْ عصاني في الملوكِ زمناً
فهلْ ترى يسمحُ في مدحِ السُّوقْ
لو كانَ كالأميرِ كلُّ سامعٍ
لمْ يحتبسْ عنْ شأوهِ ولمْ يعقْ
ولو بسعدِ الدَّولة ِ اشتغالهُ
مذْ سارَ ما سارَ بمدحٍ نختلقْ
حارنْ ما حارنْ وارتاضَ لهُ
لقدأرمَّ ولأمر ما نطقْ
أصابَ كفئاً ورأى ضريبة ً
ففالتَ الغمدُ إليها واندلقْ
ومرَّ مشتاقاً معَ الأوصافِ لا
تملكُ منهُ صهوة ٌ ولا عنقْ
طابتْ لهُ الأنباءُ فاستروحها
شمَّاً وللجودِ رياحٌ تنتشقْ
يا راكباً تنقلهُ سابحة ً
ورهاءُ لا منْ جنَّة ٍ ولا خرقْ
سوداءُ منْ لباسها وجلدها
وجسمها أبيضُ عريانَ يققْ
أرضعها البحرُ وربَّاها وما
تخشى على ذاكَ ردى ً منْ الغرقْ
إذا المطايا ألمتْ منَ الصَّدى
خمساً وعشراً ألمتَ منَ الشَّرقْ
تحدى برجزٍ ليسَ منْ أشجانها
ونغمٍ لمٍ يصبها ولمْ يشقْ
تركبُ منْ هوجِ الرِّياحِ غررا
وما لها إلاَّ بهنَّ مرتفقْ
بلِّغْ بميسانِ إذا بلغتها
عاقلة َ الثّاوي وزادَ المنطلقْ
وقمراًَ يطلعُ في سمائها
ونورهُ في الخافقينَ يأتلقْ
وقلْ كما شاءَ النّدى لخالدٍ
قولة َ لا تخلُّبٍ ولا ملقْ
يا خيرَ منْ حلَّتْ على أبوابهِ
رحائلُ البدنِ وحاجاتُ الرُّفقْ
ومنْ أتتهُ كالحبالِ عجفاً
ورجعتْ كالوسقْ منْ تحتِ الوسقْ
لولا السّماحُ وغرامٌ بالنَّدى
لما قرعتْ تطلبُ المالَ الحلقْ
ولاشهدتَ اليومَ تغلي قدرهُ
لو لمْ يصبِ ماءُ الطَّلى بهِ احترقْ
عمَّتْ على أشعارها صبائغٌ
تولّدتْ بينَ النَّجيعِ والعرقْ
يحملنَ كلَّ خائضٍ بحرَ النّدى
حتَّى يرى الموجَ عليهِ ينطبقْ
كأنَّهُ بالموتِ يقضي لذّة ً
أو بفراقِ نفسهِ يشقي حنقْ
كتيبة ُ خرساء إلاَّ قونسٌ
يطنُّ أو خرَّ غلامٌ فصعقْ
لمء ترَ منْ قبلكَ خرقاً قادها
أسدَ شرى تهفو عليهنَّ الخرقْ
إذا طغى على لصَّليق زأرها
فأضلعُ البصرة ِ منها تصطفقْ
لواؤكَ المرفوعُ منْ أمامها
لمْ ينخفضْ ولا هوى منذُ بسقْ
كأنَّهُ أبصرَ أكبادَ العدا
تنزو فأعداهُ الخفوقُ فخفقْ
قدْ جرَّبوا كيدكِ أمسِ والّذي
عندَ غدٍ أشقى عليهمْ وأشقْ
يا فارسَ القرطاسِ والسَّيفِ لقدْ
جمعتَ منْ ذي طرفينِ مفترقْ
حتّى لقالوا طاعنٌ بقلمٍ
أو كاتبٌ بالرُّمحِ في الطَّرسِ مشقْ
عرفتَ منْ نفسكَ مالمْ يعرفوا
فطرتَ حتَّى صرتَ حيثُ تستحقْ
كمْ عجبوا منكَ وأنتَ ترتقي
وانتظروا فيكَ الزَّليلَ والزلقْ
وخاوصوكَ حسداً بأعينٍ
لمْ تحفلِ الشَّهلة َ منها والزّرقْ
حتَّى تركتَ النَّجمَ في خضرائهِ
يخطرُ زواً أنْ سبقتَ ولحقْ
فالمالُ إنْ لمْ تلتحفْ بريشهِ
ولمْ تنطهُ بيدٍ ولمْ تلقْ
أنفقتهُ في الجودِ فهوَ بددٌ
في الأرضِ حتَّى ما لهُ منكَ نفقْ
والحوضُ يفنيهِ اعتوارُ شفة ٍ
فشفة ٍ وإنْ علا وإنْ عمقْ
وفرُ الفتى ما شاءَ منْ حديثهِ
والمجدُ منْ غيرِ النُّضارِِ والورقْ
هلْ لكَ في ودٍّ على شطِ النّوى
صفا على غشِّ المودَّاتِ ورقْ
وصاحبٍ كما اشترطتَ صاحباً
أخلصَ ما كانَ إذا قلتَ مذقْ
بكيلكَ البرَّ بصاعٍ أصوعا
وإنْ عققتْ غيرَ غدرٍ لمْ يعقْ
مطهَّرُ الشِّيمة ِ غنمٌ قربهُ
محبَّبِ الإكثارِ محفوظُ النّثطقْ
لا يشربُ الرَّاحَ لأنْ تسكرهُ
لكنْ لأنْ يجذبها حسنُ الخلقْ
سيفٌ إذا أنتَ عرفتَ قدرهُ
فرى بأعناقِ عداكَ وفلقْ
أتاهُ عنكَ منْ أحاديثِ النَّدى
والمجدِ ما صبا إليهِ وأرقْ
فساقها عذراءَ ما خطبتها
وكمْ غلا خطبٌ بها فلمْ تسقْ
ثمينة َ البضعِ حصيناً سرُّها
على الرِّجالِ حرَّة ً لا تسترقْ
إنْ آنستْ خيراً أقامتْ أو رأتْ
ضيماً أجازَ حكمها أنْ تنطلقْ
العقدُ والتّطليقُ للبعلِ وفي
قبضتها أقرَّ بعلٌ أمْ طلقْ
إنسيّة ٌ تحسبُ نفثَ سحرها
كلامٌ جنيٍّ حكى ما يسترقْ
حاضرة ً تحسبها بادية ً
تديَّرتْ داراتِ خبتٍ فالبرقْ
أخَّرها الميلادُ وهي رتبة ً
في الشِّعرِ بالتَّقديمِ أولى وأحقْ
حكمتَ أنَّ السَّابقَ الَّذي سُبِقْ
فاجتلّها منْ فمِ راوٍ قدْ فرى
بالسّعيِ فيها لكَ دهراً وخلقْ
أشفقَ أنْ يعطلَ وهي مفخرٌ
عرضكَ منها والمحبُّ ذو شفقْ
فاشكرْ لهُ ما حملتْ يمينهُ
منها وما فتّقَ فيها ورتقْ
واعرفْ لمهديها لكَ افتتاحهُ
في المدحِ باباً عنْ سواكَ منغلقْ
وجازهِ وابقَ على ودادهِ
مسلّماً ما طردَ الليلُ الفلقْ
ولا تعلِّلْ باستماعِ غيرها
فإنّما تلكَ بنيَّاتُ الطُّرقْ