الرئيسيةبحث

أراكَ الحمى هل قبَّلتكَ ثُغورها

أراكَ الحمى هل قبَّلتكَ ثُغورها

أراكَ الحمى هل قبَّلتكَ ثُغورها
المؤلف: مصطفى صادق الرافعي



أراكَ الحمى هل قبَّلتكَ ثُغورها
 
فمَالتْ بأعطافِ الغُصونِ خُمُورًها
وحنَّت إلى سَجَعِ الحَمامِ كأنَّه
 
رنينُ الحُلى إذ لاعبتْها صُدورها
عذيْرِيَّ من تَلكَ الحبيبةِ ما لها
 
تقولُ عُذيري والمًحِبُّ عذيرها
يقلِّبُ عينيه إليها ضَميرهُ
 
ويلفِتُ عينيها إليهِ ضَميرُها
وما كلُّ ما يخشاه منها يضيرُهُ
 
ولا كلُّ ما تخشاهُ منهُ يُضيرها
وقام إليَّ العاذلاتُ يلمْنَنِي
 
فقلنَ ألا تَنْفكَّ قُلتُ أسيرُها
لئِن لم يكُن للظبيِ سِحرُ عيونها
 
فما شيمةُ الغزلانِ إلا نُفورها
وما شفني إلا النَّسيم وتيهُهُ
 
عليَّ إذا ما لاعبتُه خُدُوروها
ألا فاعذلوا قد مرَّ ما كنتُ حاذراً
 
وعادتْ ليالي الدَّهرِ يحلو مرورُها
وأصبحتِ الدنيا تضاحكُ أهلها
 
ويُبْسُمُ فيهم بِشْرُها وبَشيرُها
وتتيهُ بأعيادِ الملوكِ وكيفَ لا
 
وعيدُ أميرِ المُؤمنينَ أميرُها
أعادَ بهِ روحَ الخلافةِ ربُّها
 
وجاءتْ لها بالنَصْرِ فيه نصيرها
فراعتْ صناديدُ الملوكِ وما سوى
 
مليكِ البرايا قد أقلَّ سريرها
وجارَ عليها الدهر شعثاً خُطوبُه
 
فهبَّ لها عبد الحميدِ يُجيرُها
بَصيرٌ بنورِ اللهِ في كلِّ أزمةِ
 
تردُّ عيونَ الصَّيدِ حسرى ستورها
وطارَ بها لا يَرتَضي النَّجمَ غايةً
 
تمدُّ جناحَيهَا عليهِ طُيورُها
يظنُّ عِداهُ أنَّ في النَّاس مثلهُ
 
فيا وَيْحَهُم شمسُ الضُّحى ما نَظيرها
وغرَّ فرنسا أن ترى الليثَ باسمِاً
 
فلم تدرِ حتّى لجَّ فيها سفيرها
أيجلوكَ يا عضبَ الشبا ما هذت بهِ
 
وقبلكَ ما ضرَِّ النبيُّ هريرها
وكم دولةٍ جالت أمامكَ جولةً
 
وسيقَت كما ساقَ الشياهُ غرورها
ملأتَ عليها الأرض أُسْداً عوابِساً
 
يردِّدُ بينَ الخَافِقَينِ زئيرها
فمالتْ بهم إن شئتَ يوماً قِفارُها
 
وماجتْ بهم إن شئتَ يوماً بُحورها
وقد صفتِ الآجالُ في حومةِ الوغى
 
وحامتْ على القومِ العُداةِ نُسورُها
إذا انتضلتْ رُسلُ المنيَّاتِ أحجمتْ
 
جيوشُهم فاستعجلتْها قبورُها
وما لسيوفِ التُركِ يجهَلُها العِدى
 
وقد عَرَفتها قبلَ ذاك نُحورُها
يهزُّ إليكَ المسلمينَ صليلُها
 
وإنْ ضمَّ منهمْ جانِبُ الصِينِ سُورُها
ليهنَ أمير المؤمنين جلوسه
 
على العرش وليهنَ البرايا سرورها
فقد طارح البوسفورُ مصر تحيةً
 
أضاءتْ لها في جانبَيها قصورها
وشاهدَ أهلها من الأفقِ نورهُ
 
ولاحَ لأهليهِ منَ الأفقِ نُورها
وقامَ فتاها ينطقُ الورقَ سَجْعهُ
 
وقد هزَّ عِطفيهِ إليها هَديرُها
بصادحةِ لا يُطربُ القومَ غيرُها
 
وهل أنا للأشعارِ إلا جَريرُها
ترفُّ قوافيها إذا هيَ أقبَلتْ
 
تزفُّ معانِيها إليكَ سُطورُها
وما قدمَ الماضينَ أن زمانهم
 
تقدَّم إنْ بذَّ الجيادَ أخيرها