أذكى سنا البرق في أحشائه لهبا
أذكى سنا البرق في أحشائه لهبا المؤلف: ابن نباتة المصري |
أذكى سنا البرق في أحشائه لهبا
وجاذبتهُ يدُ الاشواقِ فانجذبا
واستخرجَ الحبّ كنزا من محاجره
فقام يبكي على أحبابهِ ذهبا
صب يرى شرعة ً في الحب واضحة ً
فما يبالي إذا قال الوشاة صبا
نحا الهوى فكره العاني فصيرهُ
بعامل القد لا ينفيك منتصباً
مقسم الدمع والأهواء تحسبه
بين الصدود وبين النأي منتهبا
ذو وجنة ٍ بمجاري الدمع قد قرحت
و خاطر بجناح الشوق قد وجبا
كأنَّ مهجتهُ ملتهُ فاتخذت
سبيلها عنه في بحر البكى سربا
يا ساريَ البرق في آفاق مصر لقد
أذكرتني من زمان النيل ماعذبا
حدّث عن البحرِ أو دمعي ولاحرجٌ
و انقل عن النار أو قلبي ولا كذبا
و اندب على الهرم الغربي لي عمراً
فحبذا هرمٌ فارقته وصبا
و قبّل الارضَ في بابِ العلاءِ فقد
حكيتَ من أجلِ هذا الثغرَ والشبنا
و اهتف بشكواي في ناديه انّ بهِ
في المكرماتِ غريباً يرحمُ الغربا
هذا الذي إن دعا الاقرانُ فكرتهُ
قالت عزائمهُ ليس العلى لعبا
و في الكتابة َ في علمٍ وفي عملٍ
هذا وعارضهُ في الخدّ ما كتبا
و جانست فضل مرباهُ فضائلهُ
فراحَ في حالتيهِ يتقن الأدبا
ذو البيت إن حدّثت عنه العلى خبرا
جاءت باسنادها عنه أباً فأبا
بيتٌ أفاعيلهُ في الفضلِ وازنة ٌ
فما تراهُ غداة َ المدحِ مضطربا
لذت مناسبه في لفظِ ممتدح
حتى حسبنا نسيباً ذلك النسبا
و طالع الفكر من أبنائه سيراً
فما رأى غير أبناء من النجبا
يقفو أخٌ في المعالي والعلوم أخاً
فيطلع الكل في آفاقها شهبا
من كلّ ذي قلمٍ أمست مضاربه
سيفاً لدولة ِ ملكٍ يدفعُ النوبا
أما ترى بعليٍّ مصرَ فارحة
فلا عليًّا فقدناه ولا حلبا
مهدي المقال لا سماع الورى دررا
و ممطر الجود في أيديهمو ذهبا
يصبوا اذا نطقَ الصابي ويرمقه
طرفُ ابن مقلة َ بالاجلال ان كتبا
لم أنس لم أنس من أنشائه سحباً
بآية النظم يتلو قبلها سحبا
مرتّ بلفظِ فتيّ الروم قائلة
ما تطلب الروم ممن أعجزَ العربا
لو أن فحل كليب شامَ بارقها
أمسى يلفّ على خيشومه الذنبا
تلكَ التي بلغت في الحسن غايته
و لم تدع لنفيس بعدها رتبا
حتى اغتدى الدرّ في أسلاكه صدفاً
و المندل الرطب في أوطانهِ حطبا
و طارحتني وشيبي شاغلٌ أذني
أبعدَ خمسينَ مني تبتغي الأدبا
يا سيداً سرّني مسراهُ في نهج
لن يستطيعَ له ذو فكرة طلبا
هذي يديهتكَ الحسناء ما تركت
للسحر والنحل لاضرباً ولا ضرَبا
متى أشافه هذا اللفظَ من كتب
تملى فاملأ من أوصافهِ الكتبا
شكراًلاقلامك اللاتي جرت لمدى
في الفضل أبقى لباغي شأوه التعبا
حلت وأطربت المصغي وحزت بها
فضل السباق فسماها الورى قصبا