الرئيسيةبحث

أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم/ذكر مملكة الإسلام/الجزء الأول، أقاليم العرب/جزيرة العرب


جزيرة العرب

إنما بدأنا بجزيرة العرب لأن بها بيت الله الحرام، ومدينة النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها انتشر دين الاسلام. وفيها كان الخلفاء الراشدون، والانصار والمهاجرون. وبها عقدت رايات المسلمين، وقويت أمور الدين. وأيضاً فأن بها المشاعر والمناسك والمواقيت والمناحر. ثم هي عشرية قد ذكرها الائمة في دواوينهم، ولا بد للمدرسين من معرفتها في شروحهم. ولأن منها دحيت الأرض ودعا إبراهيم عم الخلق. ومع ذلك فإنها تشتمل على حدود جليلة وكور كبيرة وأعمال نفيسة. ألا ترى أن الحجاز كلها، واليمن بأسرها، وبلد سبأ والاحقاف واليمامة والاشحار وهجر وعمان والطائف ونجران وحنين والمخلاف وحجر صالح وديار عاد وثمود والبئر المعطلة والقصر المشيد وموضع إرم ذات العماد وأصحاب الاخدود وحبس شداد وقبرهود وديار كندة وجبل طيء وبيوت الفارهين بالواد وجبل سينا ومدين شعيب وعيون موسى فيها. وهي أمد الأقاليم مساحة وأفسحها ساحة وأفضلها تربة وأعظمها حرمة وأشرفها مدناً. بها صنعاء التي فاقت البلاد، وعدن التي تشد إليها الرحال، والمخاليف للاسلام فيها جمال. واليمن الجليلة والحجاز. فإن قال قائل لم جعلت اليمن والمشرق والمغرب جانبين جانبين، قيل له: أما اليمن فالنبي ﷺ جعلها حيث فرق مواقيتها في الأحرام. وأما خراسان فإن أبا زيد جعلها إقليمين وهو إمام في هذا العلم بخاصة في إقليمه، فلا عيب علينا إن جعلناها جانبين. فإن قال فلم خالفته بعد ما نصبته أماماً فصيرت خراسان إقليماً واحداً، قيل له لنا في هذا جوابان: أحدهما أنا لم نحب أن نفرق مملكة آل سامان إذ المشهور في الاسلام أنهم ملوك خراسان وأنما دار ملكهم فى هيطل. والجواب الثاني أن أبا عبدالله الجيهاني أيضاً إمام في هذا العلم وهو لم يفرق خراسان. فقولنا من جهة يوافقهما ومن جهة يخالف. وهذه صورة جزيرة العرب.

وقد جعلناه أربع كور جليلة، وأربع نواح نفيسة، والكور أولها الحجاز ثم اليمن ثم عمان ثم هجر. والنواحي: الاحقاف، والاشحار، اليمامة، قرح. فأما الحجاز فقصبته مكة ومن مدنها: يثرب وينبع وقرح وخيبروالمروة والحوراء وجدة والطالف والجار والسقيا والعونيد والجخفة والعشيرة هذه أمهات، دونهن: بدر، خليص، أمج، الحجر، بدا يعقوب، السوارقية، الفرع، السيرة، جبلة، مهاج، حاذة. وأما اليمن فقسمان ما كان نحو البحر فهو غور وأسمه تهامة قصبته زبيد ومن مدنه: معقر، كدرة، مور، عطنة، الشرجة، دويمة، الحمضة، غلافقة، مخا، كمران، الحردة، اللسعة، شرمة، العشيرة، رنقة، الخصوف، الساعد، المهجم، وغيرهن. ناحية أبين مدنها: عدن لحج. وناحية عثر مدنها: بيش، حلى، السرين، وناحية السروات. وأما ما كان من ناحية الجبال فهو بلاد باردة تسمى نجداً قصبتها صنعاء، ومن مدنها: صعدة، نجران، جرش، العرف، جبلان، الجند، ذمار، نسفان، يحصب، السحول، المذ يخرة، خولان. ناحيتها الاحقاف بها من المدن: حضرموت، حسب. وناحية مهرة مدينتها الشحر، وناحية سبأ. وأما عمان فقصبتها صحار ومدنها: نزوة، السر، ضنك، حفيت، دبا، سلوت، جلفار، سمد، لسيا، ملح. وأما هجر فقصبتها الاحساء ومدنها: سابون، الزرقاء، اوال، العقير، وناحيتها اليمامة. وأكثر مدن هذه الجزيرة صغار لكنها على آئين المدن. الآن نرجع إلى وصف ماأمكن من بلدان الكور وندع ما لا فائدة فيه.

مكة

هي مصر هذا الإقليم قد خطت حول الكعبة في شعب واد، رأيت لها ثلاث نظائر عمان بالشام واصطخر بفارس وقرية الحمراء بخراسان. بناؤها حجارة سود ملس وبيض أيضاً، وعلوها الاجركثيرة الاجنحة من خشب الساج، وهي طبقات مبيضة نظيفة، حارة في الصيف إلا أن ليلها طيب قد رفع الله عنهم مؤونة الدفأ وأراحهم من كلف الاصطلاء. وكلما نزل عن المسجد الحرام يسمونه المسفلة، ؤما ارتفع عنه المعلاة، وعرضها سعة الوادي. والمسجد في ثلثى البلد إلى المسفلة، والكعبة في وسطه، وفيه طول باب الكعبة مرتفع عن الأرض نحو قامة، عليه مصراعان ملبسان بصفائح الفضة قد طليت بالذهب قبال المشرق، طول المسجد ثلاثمائة ذراع وسبعون ذراعاً، وعرضه ثلاثمائة وخمسة عشر ذراعاً. وطول الكعبة أربعة وعشرون ذراعاً وشبر في ثلاثة وعشرين ذراعاً وشبر، وذرع دور الحجر خمسة وعشرون ذراعاً، وذرع الطواف مائة ذراع وسبعة أذرع، وسمكها في السماء سبعة وعشرون ذراعاً، والحجر من قبل الشام فيه يقلب الميزاب شبه أندر قد البست حيطانه بالرخام مع أرضه، إرتفاعها حقو ويسمونه الحطيم، والطواف من ورائه ولا يجوز الصلاة إليه. فإن قال قائل إذا لم يجز الطواف إلا عليه فأجز الصلاة إليه، قيل له هذا كلام غيرفهيم لأنه مشكوك فيه فوجب أن يحتاط فيه من الوجهين. والحجر الاسود على الركن الشرقي عند الباب على لسان الزاوية مثل رأس الانسان، ينحني إليه من قبله يسيراً. وقبة زمزم تقابل الباب الطواف بينهما، ومن ورائها قبة الشراب، فيها حوض كان يسقي فيه السويق والسكر في القديم. والقام بازاء وسط البيت الذي فيه الباب وهو أقرب إلى البيت من زمزم، يدخل في الطواف أيام الموسم ويكب. عليه صندوق حديد عظيم راسخ في الأرض، طوله أكثر من قامة، وله كسوة ويرفع المقام في كل موسم إلى البيت، فإذا رد جعل عليه صندوق خشب له باب يفتح أوقات الصلاة، فإذا سلم الامام إستلمه ثم أغلق الباب، وفيه أثر قدم إبراهيم عم، مخالفة، وهو أسود وأكبر من الحجر. وقد فرش الطواف بالرمل، والمسجد بالحصى، وأدير على صحنه أروقة ثلاثة على أعمدة رخام، حملها المهدي من الاسكندرية في البحر إلى جدة، والمسجد من بنائه. قد ألبست حيطان الأروقة من الظاهر بالفسيفساء حمل إليها صناع الشام ومصر، الا ترى اسماءهم عليه وله تسعة عشر باباً: باب بني شيبة، باب النبي، باب بني هاشم، باب الزياتين، باب البزازين، باب الدقاقين، باب بني مخزوم، باب الصفا، باب زقاق الشطوي، باب التمارين، باب دار الوزير، باب جياد، باب الحزورة، باب إبراهيم، باب بني سهم، باب بني جمح، باب العجلة، باب الندوة، باب البشارة، وإليه الاسواق من المشرق والجنوب، ودور المصريين ومنازلهم من الغرب. ويقع السعي بين الصفا والمروة في السوق الشرقي، والعدو من قرنة المسجد إلى باب بني هاشم وثم أميال خضر، وخلف هذين السوقين آخران إلى آخر المعلاة بينهما منافذ. فمن دخل من العراق وأراد باب بني شيبة فليتيامن وليسلك سوق رأس الردم ولا يسلك سوق الليل. ومن أراده من المصريين فإذا بلغ الجراحية خارج البلد عطف على اليسار إلى الثنية، ثم انحدر على المقابر إلى مدخل العراقيين. ويدخل إليها من ثلاثة وجوه، أبواب منى نحو العراق دربان ثم درب العمرة ثم درب اليمن بالمسفلة، الجميع مصفحة بالحديد والبلد محصن. وأبو قبيس مطل على المسجد يصعد إليه من الصفا في درج. وقد أحاط بالطواف أميال من الصفر وخشبات فيها قناديل معلقة، ويجعل فوقها الشمع لملوك مصر واليمن والشار صاحب غرجستان.

وبمكة ثلاث برك تملأ من قناة شقتها زبيدة من بستان بني عامر، وآبار عذيبية ومستغلاتهم الدور. أخبرنا أبو بكر بن عبدان الشيرازي، قال: حدقنا علي بن الحسين ابن معدان، قال: حدثنا محمد بن سليمان لوين المصيصي، قال: حدثنا أبو الأحوص عن الأشعث بن سليم عن الاسود بن يزيد، قال: قالت عائشة رضها سألت النبي ﷺ عن الحجر من البيت هو، قال: نعم، قلت: فمالهم لم يدخلوه في البيت، فقال: أن قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فماشأن بابه مرتفعاً، قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديث عهد بالجاهلية فأخاف تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل الحجر في البيت وأن الزق بابه بالأرض. ويقال أن ابن الزبيرأدخل عشرة من مشايخ الصحابة حتى سمعوا ذلك منها، ثم أمر بهدم الكعبة فاجتمع إليه الناس وأبوا ذلك، فأبى إلا هدمها، فخرج الناس إلى فرسخ خوفاً من نزول عذاب، وعظم ذلك عليهم ولم يكن ألا الخير. وبناها على ما حكت عائشة وتراجع الناس، فلما قدم الحجاج تحرم ابن الزبير بالكعبة، فأمر بوضع المنجنيق على أبي قبيس وقال: ارموا الزيادة التي ابتدعها هذا المكلف، فرموا موضع الحطيم، وأخرج ابن الزبير وصلبه، ورد الحائط كما كان في القديم، وأخذ بقية الاحجار فسد منها الباب الغربي، ورصف بقيتها في البيت كيلاتضيع.

وسمعت بعض مشايخ القيروان يقول حج المنصور فرأى صغر المسجد الحرام وشعثه وقلة معرفتهم بحرمته، ورأى ا الإعرابي يطوف بالبيت على بعيره وبجاوية، فساءه ذلك وعزم على شراء ما حوله من الدور وزيادتها فيه، وتفخيمه وتجصيصه. فجمع أصحابها ورغبهم في الاموال الجمة فتابوا عن بيعها وضنوا بجوار بيت الله الحرام، فاهتم لذلك ولم يجز أن يغصبها عليهم، ولم يظهر للناس ثلاثة أيام. وتحدث الناس بذلك وأبو حنيفة في تلك السنة حاج، ليس له بعد ذكر ولا ظهر الناس على فقهه، وصائب رأيه، قال: فقصد خيامه وكانت بالابطح، فسأل عن أمير المؤمنين وما الذي غيب شخصه. فذكرت القصة، فقال: هذا باب هين لو قد لقيته عرضته عليه. فأنهي ذلك إليه، فأمر بإحضاره. فلما سأله عن ذلك قال أبو حنيفة: يحضرهم أمير المؤمنين فيسألهم أهذه الكعبة نزلت عليكم أم أنتم نزلتم عليها. فإن قالوأ نزلت علينا كذبوا، لأن منها دحيت الأرض. وإن قالوا نحن نزلنا عليها، فجوابهم أنه قد كثر زوارها وضاقت ساحتها، فهي أحق بفنائها، ففرغوه لها. فلما جمعهم وسألهم قال سفيرهم وكان رجلاهاشمياً، نحن نزلنا عليها. قال: ردوا فناءها فقد كثر زوارها واحتاجت إليه، فبهتوا ورضوا بالبيع. وهذه الحكاية تقوي أحدى الروايتين عن أبي حنيفة كراهية بيع دور مكة وأخذ أجورها إلا على تأويل.

مدينة منى

على فرسخ من مكة، وهي من الحرم. طولها ميلان، تعمر أيام الموسم وتخلو بقية السنة إلا ممن يحفظها. وكان أبو الحسن الكرخي يحتج لأبي حنيفة في جواز الجمعة بها إنها ومكة كمصر واحد. فلما حج أبو بكر الجصاص ورأى بعد ما بينهما استضعف هذه العلة وقال: إنها مصر من أمصار المسلمين، تعمر وقتاً وتخلو وقتاً، وخلوها لا يخرجها من حد الامصار، وعلى هذه العلة يعتمد القاضي أبو الحسين القزويني. وسألني يوماً: كم يسكنها وسط السنة من الناس. قلت عشرون ثلاثون رجلاً وقل مضرب إلا وفيه امرأة تحفظه، قال: صدق أبو بكر وأصاب فيما علمك. فلما لقيت الفقيه أبا حامد البغولني بنيسابور حكيت له ذلك، فقال: العلة ما نص بهأ أبو الحسن إلا ترى إلى قول الله عز أسمه: ثم محلها إلى البيت العتيق ، وقال: هدياً بالغ الكعبة وإنما يقع النحر بمنى . وقل بلد مذكور في الاسلام إلا ولأهله به مضرب، وعلى رأسها من نحو مكة عقبة ترمي عليها الجمرة يوم النحر، والثالث من الأيام الأخر، والأولى بقرب مسجد الخيف، والوسطى بينهما. ومنى شعبان فيهما أزقته، والمسجد في الشارع الايمن، ومسجد الكبش بقرب العقبة، بها آبار ومصانع وقياسير وحوانيت حسنة البناء بالحجر وخشب الساج، وهي بين جبلين يطلان عليها.

المزدلفة

على فرسخ من منى، بها مصلى وسقاية ومنارة وبرك عدة إلى جبل ثبير. وكانت العرب تقول أشرق ثبير كيما نغير على الخلاف وتسمى جمعاً والمشعر ا لحرام.


عرفة

قرية فيها مزارع وخضر ومباطح، وبها دور حسنة لأهل مكة ينزلونها يوم عرفة، والموقف منها على صيحة عند جبل متلاط، وثم سقايات وحياض وقناة تخر وعلم قد بني يقف خلفه الأمام للدعاء، والناس حوله على جبال بقربه لاطية. والمصلى على حافة وادي عرنة على تخوم عرفة. ولا يجوز الوقوف بالوادي، ومن خرج إليه قبل غيبوبة الشمس وجب عليه دم. وعلى حد عرفة أعلام بيض، وفي المصلى منبر من الآجر، وخلفه حوض كبير، وقبله بميلين المأزمين هي حد الحرم. بطن محسر: واد بين منى والمزدلفة، هوتخم المزدلفة. التنعيم: موضع به مساجد حول مسجد عائشة، وسقايات على طريق المدينة منه يحرم المكيون بالعمرة، ويحدق بالحرم أعلام بيض، وهو من طريق الغرب التنعيم ثلاثة أميال، ومن طريق العراق تسعة أميال، ومن طريق اليمن سبعة أميال، ومن طريق الطائف احد عشر ميلاً، ومن طريق الجادة عشرة أميال. ذوالحليفة: قرية عند يثرب، بها مسجد عامر، وبالقرب آبار، ولا يرى بها ديار. الجحفة: مدينة عامرة يسكنها بنوجعفر، عليها حصن ببابين، وبها أباريسيرة، وعلى ميلين عين وبها بركة كبيرة ربما عز بها الماء وهي كثيرة الحمى. أخبرنا شافع بن محمد قال: حدثنا علي بن الرجاء قال: حدثنا أبو عتبة قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وأشد وانقل حماها إلى الجحفة. قرن: مدينة صغيرة خلف الطائفت على طريق صنعاء. يلملم: منزل على طريق زبيد عامر. ذات عرق: قرية بها آبار قريبة المستقى يابسة عابسة على منزلين. أخبرنا إبراهيم بن عبدالله الاصبهاني قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد قال. حدثنا نافع مولى ابن عمر عن عبدالله بن عمر: أن رجلاً قام في المسجد فقال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل، فقال رسول الله ﷺ يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن، فقال ابن عمر: يزعمون أن رسول الله ﷺ قال يهل أهل اليمن من يلملم في حديث آخر، ويهل أهل العراق من ذات عرق. الذبيب: ميقات الغرب في البحر جبل أزاء الجحفة. شقان: ميقات أهل اليمن في البحر موضع قبال يلملم. عيذاب: مدينة قبالة جدة، يحرم منها من قصد من ذلك الوجه. فهذه مواقيت الآفاق فمن جاوزهن يريد مكة ثم رجع نظر فإن كان لبى سقط عنه الدم، وقال بعض لا يسقط، وقال بعض يسقط وإن لم يلب. ولا يجاوز آفاقي ميقاتا إلا محرماً وإن لم يكن ميقاته كالشامي إذا اجتاز بذي الحليفة. وميقات أهل مكة في الحج منها. الجعرانة: على مرحلة من مكة يخرج الناس إليها في الاحرام بالعمرة.

فهذه مشاهد المناسك وجميع ما يؤدى فيها ثلاث فرائض وست واجبات وخمس سنن. أما الفرائض: فالاحرام، والوقوف بعرفة، وا لطواف للزيارة. والواجبات: الاحرام من الوقت، والسعي بين الصفا والمروة، والافاضة من عرفات بعد المغرب. والسنن: طواف القدوم والرمل في ثلاثة أشواط منه، والعدو في السعي بين العلمين، والافاضة من المزدلفة قبل الطلوع، والاقامة بمنى أيام منى. وقال بعضهم السعي فرض وقال بعض طواف القدوم واجب وطواف الصدر سنة.


نرجع الآن إلى وصف مدائن هذه الكورة ونواحيها على الترتيب.

الطائف

مدينة صغيرة، شامية الهواء، باردة الماء، أكثر فواكه مكة منها، موضع الرمان الكثيروالزبيب والعنب الجيد والفواكه الحسنة. وهي على ظهر جبل غزوان، ربما يجلد بها الماء، عامتها مدابغ، إذا تأذى مكة بالحر خرجوا إليها.

جدة

مدينة على البحر، منه اشتق اسمها، محصنة عامرة آهلة، أهل تجارات ويسار، خزانة مكة ومطرح اليمن ومصر. وبها جامع سري، غير أنهم في تعب من الماء مع أن فيها بركاً كثيرة، ويحمل إليهم الماء من البعد، قدغلب عليها الفرس. لهم بها قصور عجيبة، وازقتها مستقيمة، ووضعها حسن، شديدة الحر جداً. أمج: صغيرة بها خمسة حصون إثنان حجر وثلاثة مدر، والجامع على متن الطريق. خليص: متصلة بها وبها بركة وقناة وتمور وخضر ومزارع.


السوارقية

كثيرة الحصون بها بساتين ومزارع كثيرة ومواش. الفرع والسيرة: حصنان بكل واحد جامع. جبلة: كبيرة بها متاجر، عليها حصن منيع يقال له المهد، الجامع خارجه. مهايع: نظير جبلة على أودية ساية. حاذة: مدينة مليحة للبكريين بها عدة من الحصون وجامع كبير.

يثرب

هي مدينة النبي ﷺ وقد جعلناها ناحية لما قد أحاط بها من المدن الخطيرة والسواحل المذكورة، تكون أقل من نصف مكة، يحيط بأكثرها بساتين ونخيل وقرى، ولهم مزارع قليلة ومياه عذيبية، وفيها حياض تقلب فيها قنى عند أبواب البلد ينحدر إليها في درج. وقد جر عمر رضه إلى باب الجامع قناة قد أختلت، والاسواق عند الجامع لها نور وبهاء، أكثرهم بنو الحسين بن علي رضهما. بنيانهم مدر، ملحة الأرض، قليلة الأهل، والمسجد في ثلثيها مما يلي بقيع الغرقد على عمل جامع دمشق ليس بالكبير، وهووجامع دمشق من بناء الوليد بن عبد الملك، وقد زاد فيه بنو العباس. وقال ﷺ لو مد هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي. وأول من زاد فيه عمر رضه من الاساطين التي إليها المقصورة اليوم إلى الجدار القبلى. ثم زاد عثمان رضه من قبل القبلة إلى موضعه اليوم. ثم زاد فيه الوليد، ولم يزده لله، ولكن من أجل بيت الحسن بن الحسن بن علي رضه الذي كان بابه في المسجد، وكان يخرج منه عند الاقامة، فبناه بالحجارة المنقوشة والفسافسا، وتولى بناءه عمر بن عبد العزيز رضه. فلما بلغ هدم المحراب دعا بمشايخ المهاجرين والانصار فقال احضروا بنيان قبلتكم لا تقولوا غيرها عمر. فوقع زيادة الوليد من المشرق إلى المغرب ست أساطين، وزاد إلى الشام من المربعة التي في القبرأربع عشرة أسطوانة، منها عشر في الرحبة، وأربع في السقائق. ثم حج المهدي سنة160 فزاد فيه مائة ذراع، من ناحية الشام عشر أساطين. فطوله اليوم مائة وأربعة وخمسون ذراعاً، وعرضه مائة وثلاثة وستون ذراعاً، وطول الصحن مائة وخمسة وستون ذراعاً، وعرضه مائة وخمسة وستون ذراعاً.

قال وكتب الوليد إلى ملك الروم أنا نريد أن نعمر مسجد نبينا الاعظم، فأعني فيه بصناع وفسافسا. فبعث إليه باحمال وبضعة وعشرين صانعاً. فيهم عشرة يعدلون مائة وثمانين ألف دينار. قال فخلا لهم المسجد، فعمد أحدهم فقال أبول على قبر نبيهم، فلما حل سراويله يبس مكانه. وقد اختلف الناس في ترتيب قبر النبي ﷺ وصاحبيه في رواية النبي من ورائه أبو بكر ومن ورائه عمر. وفي رواية مالك ابن انس النبي غربي البيت أزاءه فضاء، خلف النبي أبو بكر، خلف الفضاء عمر. والفضاء هو الذي ذكر لعمر بن عبد العزيز، فلم ير نفسه له أهلا. ويقال فيه يقبر عيسى عم. حدثنا أبو بكر محمد بن علي الفقيه بساوة قال: حدثنا محمد بن هلال الشاشي قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثنا يونس قال: حدثنا محمد بن اسماعيل بن أبى فديك عن عمروبن عثمان عن القاسم قال: دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي عن قبر رسول الله ﷺ وصاحبيه. فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء، قال: فرأيت قبر النبي ﷺ مقدماً، وأبا بكر عندرأسه، رجليه بين كتفي النبي، وعمررأسه عند رجلي النبي ﷺ والمنبر وسط المغطى غلاف منبر النبي ﷺ في روضة مرخمة، والروضه المنعوتة إلى جانب سارية حمراء بين المنبر والقبر. وقرأت في اخبار المدينة أن معاوية أمر بحمل المنبر إلى جانب المحراب كسائر المنابر. فلما اخذوا في نقله تزلزلت المدينة واقبلت الصواعق فقال اتركوه، وامر بعمل هذا المنبر فوقه وهو خمس درجات، والأول ثلاث. وللمسجد عشرون باباً. والمدينة هائلة الأبواب ولها اربعة أبواب: باب البقيع، وباب الثنية، وباب جهينة، وباب الخندق، والخندق من نحو مكة عامرة الحصن مشرفة.

البقيع

شرقي المدينة، مليحة التربة، فيه قبر ابراهيم بن النبي ﷺ والحسن وعدة من الصحابة وقبر عثماق في اقصاه. قبا: قرية على ميلين على يسار طريق مكة، بها بنيان كثير من الحجارة، وثم مسجد التقوى عامر قدامه رصيف وفضاء حسن وآثارات وماء عذب، وبها مسجد الضرار يتطوع العوام بهدمه. أحد: جبل على ثلاثة اميال، قبله قبرحمزة في مسجد قدامة بئر ثم بعده حظيرة فيها قبور الشهداء، وفي الجبل موضع اختبأ فيه النبي ﷺ وهو أقرب الجبال إلى المدينة. العقيق: قرية على ميلين، عامرة من نحو مكة بها ينزل السلطان، وماؤها عذب، وما بين لا بتي المدينة حرم كحرم مكة.

بدر

مدينة صغيرة من نحو الساحل، جيدة التمور، وثم عين النبي ﷺ وموضع الوقعة ومساجد بناها ملوك مصر. الجار: على ساحل البحر، محصنة بثلاث حيطان والربع البحري مفوه، بها دور شاهقة وسوق عامر، خزانة المدينة ومدنها يحمل إليهم الماء من بدر والطعام من مصر، وليس لجامعهم صحن. العشيرة: صغيرة على الساحل قبال ينبع، عندها نخيلات وليس لخانها نظير. ينبع: كبيرة جليلة حصينة الجدار غزيرة الماء أعمر من يثرب وأكثر نخيلاً، حسنة الحصن حارة السوق، لها بابان الجامع عند أحدهما، الغالب عليها بنو الحسن. رأس العين: على أثنى عشر ميلاً. المروة: بلد حصين كثيرة النخيل جيدة التمور، سقياهم من قناة غزيرة عليها خندق وأبواب حديد وهي معدن المقل والبردى، حارة في الصيف، الغالب عليها بنو جعفر. الحوارء: هي ساحل خيبر، لها حصن وربض عامر فيه سوق من نحو البحر. خيبر: بلد حصين مثل المروة، بها جامع حسن، وثم الباب الذي قلعه أمير المؤمنين، وهي والمروة والحوراء مدن خيبر.

ناحية قرح

تسمى وادي القرى، وليس بالحجاز اليوم بلد،اجل واعمر وآهل وأكثر تجارا وأموالأ وخيرات بعد مكة من هذا، عليها حصن منيع على قرنته قلعة قد أحدق به القرى واكنف به النخيل، ذو تمور رخيصة واخباز حسنة ومياه غزيرة ومنازل أنيقة وأسواق حارة، عليه خندق وثلاثة أبواب محددة والجامع في الأزقة في محرابه عظم، قالوا هو الذي قال للنبي ﷺ لا تأكلني فأنا مسموم، وهو بلد شامي مصري عراقي حجازي، غير أن ماءهم ثفيل وتمرهم وسط وحمامهم خارج البلد، والغالب عليها اليهود. الحجر: صغيرة حصينة، كثيرة الآبار والمزارع، ومسجد صالح بالقرب على نشزة مثل الصفة قد نقر في صخرة، وثم عجائب ثمود وبيوتهم. سقيا يزيد: هي أحسن مدن هذه الناحية، والنخيل والبساتين متصلة من قرح إليها، والجامع خارج البلد. بدا يعقوب: على جادة مصر، عامرة آهلة. العونيد: هي ساحل قرح، عامرة كثيرة العسل ولها مرسى حسن.

زبيد

قصبة تهامة، وهو أحد المصرين لأنه مستقر ملوك اليمن، بلد جليل حسن البنيان يسمونه بغداد اليمن، لهم أدنى ظرف وبه تجار وكبار وعلماء وأدباء، مفيد لمن دخله مبارك على من سكنه، آبارهم حلوة وحماماتهم نظيفة، عليه حصن من الطين بأربعة أبواب: باب غلافقه، وباب عدن، وباب هشام، وباب شبارق. وحولها قرى ومزارع أعمر من مكة وأكبر وأرفق، أكثر بنيانهم الآجر ومنازلهم فسيحة طيبة، والجامع ناء عن الاسواق نظيف مبربق الأرض، تحت المنبر تقوير ليتصل الصف، وقد أجرى إليها ابن زياد قناة، وهو بلد نفيس ليس باليمن مثله، غير أن أسواقه ضيقة والاسعار بها غالية والثمار قليلة أكثر طعامهم الدخن والذرة. معقر: على جادة عدن، وكذلك عبرة وعارة والمخنق وكلهن صغار. عدن: بلد جليل عامرآهل، حصين خفيف، دهليز الصين وفرضة اليمن وخزانة المغرب ومعدن التجارات، كثيرالقصور، مبارك على من دخله مثرلمن سكنه، مساجد حسان ومعايش واسعة واخلاق طاهرة ونعم ظاهرة، وبارك النبي ﷺ في سوق منى وعدن وهو في شبه صيرة الغنم قد احاط به جبل بما يدور إلى البحر، ودار خلف الجبل لسان من البحر، فلا يدخل إليه إلا أن يخاض ذلك اللسان فيصل إلى الجبل، وقد شق فيه طريق في الصخر عجيب، وجعل عليه باب حديد ومدوا من نحو البحر حائطاً، الجبل إلى الجبل فيه خمسة أبواب، والجامع ناء عن الاسواق ولهم آبار مالحة وحياض عدة، ويقال إنها كانت في القديم حبس شداد بن عاد، إلا إنها يابسة عابسة لا زرع ولا ضرع ولا شجر ولا ثمر ولا ماء ولا كلأ، كثيرة الحريق والوكف، جامع شعث وهرج وحش وحمامات ردية يحمل إليهم الماء من مرحلة. أبين: هي أقدم من عدن، وإليها تنسب عدن لأن برهم وفواكههم وخضرهم منها لكثرة القرى والمزارع بها، وكذلك لهج. مندم: على البحر عامرة بها يعتقل الريح المراكب، قشفة. مخا: مدينة لزبيد، عامرة كثيرة السليط، شربهم من عين خارج البلد، والجامع على طرفه على الساحل. غلافقة: فرضة زبيد، بها جامع على البحر رأيتهم يفضلونه ويرابطون فيه، عامرة آهلة بها نخيل ونارجيل وآبار حلوة، إلا إنها وبية قاتلة للغرباء.

الشرجة والحردة وعطنه

مدن على الساحل بهن خزائن الذرة تحمل إلى عدن.

جدة

بلد اللبن، يحمل إليهم الماء من بعد، وجوامعهم على الساحل.

ناحية عثر

ناحية جليلة، عليها سلطان براسه، ومدنها نفيسة، وعثر مدينة كبيرة طيبة مذكورة لأنها قصبة الناحية وفرضة صنعاء. صعدة: بها سوق حسن، وجامع عامر، يحمل إليهم الماء من بعد وحمامهم وضر.

===بيش=== أطيب هواء منها وأعذب ماء، بها ينزل السلطان داره إلى جانب الجامع. الجريب: بلد الموز، وهو أرخى مدن الناحية وأعجبها إلي.

===حلي=== مدينة ساحلية، عامرة سرية رفقة. السرين: بلد صغير، له حصن، الجامع فيه على باب البلد. مصنعة: وهو فرضة السروات. السروات: معدن الحبوب والخيرات والتمور الردية والعسل الكثير، لا أدري هي مدن أم قرى لأني ما دخلتها.

صنعاء

هي قصبة نجد اليمن، وقد كانت أجل من زبيد واعمر، وكان الاسم لها وأما اليوم فقد أختلت، غير إن بها مشايخ لم أر بجميع اليمن مثلهم هيأة وعقلا، ثم بلد رحب كثير الفواكه رخيص الاسعار أخباز حسنة وتجارات مفيدة، أكبرمن زبيد، ولا تسأل عن طيب الهواء فإنه عجب ومع ذلك رفق معف.

صعدة

أصغر من صنعاء، عامرة في الجبال بها تصنع الركاء الجيدة والانطاع الحسنة، ومنها يرتفع أدم جيد، وهي مدينة العلوية وعملهم. جرش: مدينة وسطة ذات نخل، واليمن ليس ببلد نخيل. نجران: مثل جرش وهما دون صعدة، وأكثر ما ترى من الادم فمن هذه المدن. الحميري: هو بلد قحطان بين زبيد وصنعاء، كثير القرى ردي الهواء وبي مفيد للتجار. المعافر: بلد واسع ذو مزارع وقرى وفوائد. سبأ: بلد خلف هذه النواحي عامر المدينة خرب العمل. حضرموت: هي قصبة الاحقاق، موضوعة في الرمال عامرة نائية عن الساحل، آهلة، لهم في العلم والخير رغبة، إلا أنهم شراة شديد سمرتهم. الشحر: مدينة على البحر، معدن السمك العظيم يحمل إلى عمان وعدن ثم إلى البصرة وأطراف اليمن، وثم أشجار الكندر صمغها. وموضع إرم ذات العماد ليس لها أثر، من لحج إليها فرسخان في مستوى، فتراها من البعد تشرق فإذا قربت لم تر شيئا، وماء عدن من ثم. سخين: مدينة قريش، يقال لهم بنو سامة سمدت أنهم في أربعة آلاف قوس. الشقرة: ديار خثعم، ثم نخيل وقرى قد أحاط بها.

واعلم أن اليمن موضع واسع، قد أقمت به حولاً كاملاً، ودخلت هذه البلدان التي وصفت وغاب عني منه الكثير، غير أني أذكر ما سمعت فيه من أهل الخبرة واستوعب مخاليفه وإن لم أطأ الجميع، لأنه بلد يميز بالمخاليف، واذكر وضع جزيرة العرب وتمثيلها بوصف يقف عليه كل أحد إن شاء الله تعالى. مخاليف اليمن: مخلاف صنعاء والخشب ورحابة ومرمل مخلاف البون مخلاف خيوان. وعلى يمين صنعاء: مخلاف شاكر ووادعة ويام وأرحب. ومن نحو الطائف مخلاف نجران وتربة والهجيرة وكثبة وجرش والسراة مخلاف بتهامة ضنكان عشم بيشة عك ومخلاف الحردة مخلاف همدان مخلاف جوف همدان مخلاف جوف مراد مخلاف شنوءه وصدى وجعفى مخلاف الجسرة مخلاف المشرق وبوشان وغدر مخلاف أعلا وانعم والمصنعتين وبني غطيف وقرية مأرب ومخلاف حضرموت مخلاف خولان رداع مخلاف أحور مخلاف الحقل وذمار مخلاف ابن عامر وثات ورداع مخلاف دثينة مخلاف السرو مخلاف رعين وكحلان مخلاف ضنكان وذبحان مخلاف نافع ومصحى مخلاف حجر وبدر وأخلة والصهيب مخلاف الثجة والمزرع مخلاف ذي مكارم والأملوك مخلاف السلف والأدم مخلاف نجلان ونهب مخلاف الجند مخلاف السكاسك. ومن نحو المعافر: مخلاف الزيادي نحلاف المعافر مخلاف بني مجيد مخلاف الركب مخلاف سقف مخلاف المذيخرة مخلاف حمل وشرعب مخلاف عنة وعنابة. ومن الوجه الآخر: مخلاف وحاظة مخلاف سفل يحصب مخلاف القفاعة والوزيرة والحجر مخلاف زبيد وبازائه ساحل غلافقة وساحل المندب مخلاف رمع مخلاف مقرى مخلاف ألهان مخلاف جبلان مخلاف ذي جرة مخلاف الميتم مخلاف الم. ومن ناحية ظهر صنعاء: مخلاف خولان لخلاف ميسارع مخلاف حراز وهوزن مخلاف الأخروج مخلاف مجنح مخلاف حضور مخلاف ماجن مخلاف واضع المعلل مخلاف العصبة مخلاف خناص وملحان حكم وجازان ومرسى الشرجة مخلاف حجور مخلاف قدم ويحاذي قرية مهجرة مخلاف حية والكودن مخلاف مسخ مخلاف كندة والسكون مخلاف الصدف.

صحار

هي قصبة عمان، ليس على بحر الصين اليوم بلد أجل منه، عامر آهل حسن طيب نزه، ذو يسار وتجار وفواكه وخيرات أسرى من زبيد وصنعاء، أسواق عجيبة وبلدة ظريفة، ممتدة على البحر، دورهم من الآجر والساج شاهقة نفيسة، والجامع على البحر له منارة حسنة طويلة في آخر الاسواق، ولهم آبار عذيبية وقناة حلوة وهم في سعة من كل شيء، دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن، قدغلب عليها الفرس، المصلى وسط النخيل. ومسجد صحار على نصف فرسخ ثم بركت ناقة رسول اللة ﷺ قد بني أحسن بناء، وهواءه أطيب هواء من القصبة، ومحراب الجامع بلولب يدور تراه مرة أصفر وكرة اخضر وحينا أحمر.

نزوة

في حد الجبال كبيرة، بنيانهم، طين، والجامع وسط السوق إذا غلب الوادي في الشتاء دخله، شربهم من أنهار وآبار. السر: أصغر من نزوة، والجامع في السوق، شربهم من أنهار وآبار قد التفت بها النخيل. ضنك: صغيرة في النخيل، أبداً بها سلطان قوي لأنهم شراة عصاة. حفيت: كثيرة النخيل من نحو هجر، الجامع في الاسواق. سلوت: مدينة كبيرة على يسار نزوة. دبا وخلفار: وهما من نحو هجر قريبتان من البحر. وسمد منبر لنزوة. لسيا ومييم وبرنم والقلعة وضنكان مدن إيضاً، والمسقط أول ما يستقبل المراكب اليمنية، ورايته موضعاً حسناً كثير الفواكه.

توأم

قد غلب عليها قوم من قريش فيهم بأس وشدة. عمان: كورة جليلة، تكون ثمانين فرسخاً في مثلها كلها نخيل وبساتين عامة، سقياهم من آبار قريبة ينزعها البقر أكثرها في الجبال، وأهل هذه المدن التى ذكرنا عرب شراة. الأحساء: قصبة هجر وتسمى البحرين، كبيرة كثيرة النخيل عامرة آهلة، معدن الحروالقحط، على مرحلة من البحر، ولهم شبه نبع متجر وثم جزائر، وبها مستقر القرامطة من آل أبي سعيد، ثم نظر وعدل، غيرأن الجامع معطل، وبالقرب خزانة المهدي وخزائن أخر لهم ايضاً فبعض الأموال بتلك وبقيته في خزائنهم. الزرقاء وسابون في خزائنهم وكذلك اوال وسائر المدن في البحر أو قريبات من البحر. اليمامة: ناحية قصبتها الحجر، بلد كبيرجيد التمور يحيط به حصون ومدن منها الفلج.

واعلم أن مثل هذه الجزيرة كمثل صفة، فيهما أدنى طول قد وضع فيها سرير من صدرها إلى بابها، بينه وبين الحائطين من يمين وشمال فضاء، والسرير قطعتان فالسرير الداخل هو نجد اليمن وهي جبال تقع فيها صنعاء وصعدة وجرش ونجران وبلد قحطان وعدن في الصدر في آخر الجبل، لأن الثلاث حيطان هو بحر الصين وهذه السروات عامرة بها الاعناب والمزارع، والفضاء الذي عن يمين السرير تهامة تقع فيه زبيد وبلدانها، والفضاء الذي عن يساره يسمى نجد اليمن تقع فيه الاحقاف ومهرة إلى تخوم اليمامة، ومنهم من يدخلها وعمان في هذه الخطة، وهذا السرير مع الفضاءين هي اليمن، والسرير المؤخر إلى باب الصفة يسمى الحرة. من تخوم اليمن إلى قرح جبال كلها يابسة لا ينبت إلا مواقع المواشي والعضون، والثمام يقع فيه الحرم، والعمق ومعدن النقرة وتلك المجادب والفضاء الايمن يسمى الحجاب، وطية الحجاز قليلة يقع فيها ينبع والمروة والعميص، والسواحل عمارات ونخيل، والفضاء الايسر يسمى نجد الحجار يقع فيه اليمامة وفيد، وما على الجادة من المنازل ويسمى هذا السرير مع فضائيه الحجاز، ويدخل هجر فيه ويقابل باب الصفة البادية وهذا شيء رأيته وقسمته والله أعلم.

جمل شؤون هذا الإقليم

هو اقليم شديد الحر، إلا السروات فإن هواءها معتدل، حدثت أن رجلاً بصنعاء طبخ قدراً من اللحم ثم ذهب إلى الحج فعاد وما تغيرت ولباسهم في الشتاء والصيف واحد، والليل بمكة في الصيف طيب، كرب بتهامة، وينزل عليهم بعمان في الليالي شبه الدبس، ويكون بالحرم حر عظيم وريح تقتل وذباب في غاية الكثرة وهو قليل الثمار إلا السروات، وليس باليمن نخيل ولا مياه غزيرة وسواحله قشفة معدوم بها الماء إلا غلافقة، وإنما سكنوا تلك المدن لأجل البحر وليس في جميع الاقليم بحيرة ولا نهر يجري فيه السفن. قليل الفقهاء والمذكرين والقراء واليهود به أكثر من النصارى ولا ذمة غيرهم، ولم أر به مجذوماً. وحدثنا أبو الفضل بن نهامة بشيراز قال: حدثنا أبو سعيد خلف بن الفضل قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن حمدان قال: حدثنا عمروبن علي بن يحيى بن كثير قال: حدثنا عامر بن ابراهيم الاصبهاني قال: حدثنا خطاب بن جعفر قال: حدثنا أبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله رحلة ألشتاء والصيف قال: كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف. وفي قوله وآمنهم من خوف قال خوف الجذام. وبه برص وسودان كثير وعامتهم سمر والغالب عليهم الدقة والهزال، أكثر ثيابهم القطن منتعلين لا يقولون بالمماطرولا ثلج لهم ولا جليد ولا فواكه في الشتاء ولا قديد إلا ما يجفف من ذبائح منى.

ومذاهبهم بمكة وتهامة وصنعاء وقرح سنة، وسواد صنعاء ونواحيها مع سواد عمان شراة غالبة، وبقية الحجاز وأهل الرأي بعمان وهجر وصعدة شيعة، وشيعة

عمان وصعدة وأهل السروات وسواحل الحرمين معتزلة إلا عمان. والغالب على صنعاء وصعدة أصحاب أبي حنيفة والجوامع بأيديهم، وبالمعافر مذهب ابن المنذر، وفي نواحي نجد اليمن مذهب سفيان، والاذان بتهامة ومكة يرجع وإذا تدبرت العمل على مذهب مالك، ويكبر بزبيد في العيدين على قول ابن مسعود: أحدثه القاضي أبو عبدالله الصعواني وقت كوني، ثم والعمل بهجر على مذهب القرامطة، وبعمان داودية لهم مجلس.

أهل هذا الإقليم لغتهم العربية إلا بصحار فإن نداؤهم وكلامهم بالفارسية، وأكثر أهل عدن وجدة فرس إلا أن اللغة عربية، وبطرف الحميري قبيلة من العرب لا يفهم كلامهم، وأهل عدن يقولون لرجليه رجلينه وليديه يدينه وقس عليه ويجعلون الجيم كافاً فيقولون لرجب ركب ولرجل ركل وقد روى أن النبي ﷺ أتي بروثة عند الاستجمار فألقاها وقال هي ركس، وقد تعنى الفقهاء هذا فيجوز ما قالوه ويجوز أن يكون أستعمل هذه اللغة. وجميع لغات العرب موجودة في بوادي هذه الجزيرة إلا أن أصح بها لغة هذيل ثم النجدين ثم بقية الحجاز إلا الاحقاف فإن لسانهم وحش.

القراءات بمكة، على حرف ابن كثير، وباليمن قراءة عاصم، ثم قراءة أبي عمرو مستعملة في جميع الإقليم. وسمعت بعض صدور القراء بمكة يقول ما رأينا ولا سمعنا أن أحداً أم خلف هذا المقام بغير قراءة ابن كثير إلا في هذا الزمان.

والتجارات في هذا الإقليم مفيدة لأن به فرضتي الدنيا وسوق منى والبحر المتصل بالصين وجدة والجار خزانتي مصر، ووادي القرى مطرح الشام والعراق، واليمن معدن العصائب والعقيق والادم والرقيق، فالى عمان يخرج آلات الصيادلة والعطر كله حتى المسك والزعفران والبقم والساج والساسم والعاج واللؤلؤ والديباج والجزع واليوا قيت والابنوس والنارجيل والقند والاسكندروس والصبر والحديد والرصاص والخيزران والغضار والصندل والبلور والفلفل وغير ذلك. وتزيد عدن بالعنبر والشروب والدرق والحبش والخدم وجلود النمور وما لو استقصيناه طال الكتاب، وبتجارات الصين تضرب الأمثال ثم قولهم جاءوك تجراً أو ملكاً.

ولما ركبت بحر اليمن إتفق اجتماعي مع أبي علي الحافظ المروزي في الجلبة، فلما تأكدت المعرفة بيننا قال لي قد شغلت والله قلبي. قلت: بماذا، قال: أراك رجلاً على طريق حسنة تحب الخير وأهله وترغب في جمع العلوم وقد قصدت بلاداً قد غرت كثيراً من الناس وصدتهم عن طريق الورع والقناعة وأخشى إذا أنت دخلت عدن فسمعت أن رجلاً ذهب بألف درهم فرجع بألف دينار وآخر دخل بمائة فرجع بخمسمائة وآخر بكندر فرجع بمثله كافوراً، طلبت نفسك التكاثر. قلت أرجو أن يعصم الله، فلما دخلتها وسمعت أكثر مما قال غرني والله ما غر القوم، وعملت على الذهاب إلى ناحية الزنج، وآتيت ما ينبغي أن يشترى، وتقدمت فيه إلى الوكلاء فبرد الله عز اسمه ذلك على قلبي بموت شريك كنت عاقدته وكسرت نفسي بذكر الموت وما بعده، واعلم هديت أن مع كل ربح مما ذكرنا خطراً، والارباح أبداً مع الاخطار فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بذلك، وليعلم أن الله تعالى يعطي عبده بركعتين إذا أخلصهما لله أكثر من الدنيا بحذافيرها، وما يصنع بنعمة الموت من ورائها وجمع أموال لا بد من تركها.

ومن خصائص نواحي هذا الإقليم أديم زبيد ونيلها الذي لا نظير له كأنه لازورد، وشروب عدن تفضل على القصب، ومسد المهجرة يسمى ليفاً، وبرود سحولا والجريب، وانطاع صعدة وركاءها، وسعيدي صنعاء وعقيقها، وقفاع عثر، وأقداح حلى، ومسان ينبع وحناءها، وبان يثرب وصيحانيها، وبردي المروة ومقلها، وكندر مهره وحيتا نها، وورس عدن، ومغلق قرح، وسناء مكة، وصبر اسقوطرة، ومصين عمان.

ومكاييل هذا الإقليم الصاع والمد والمكوك، فالمد ربع الصاع، والصاع ثلق المكوك، هذا بالحجاز وهي مختلفة، المستعمل منها يزن خمسة أرطال وثلثاً. وسمعت الفقيه أبا عبدالله بدمشق يقول لما حج أبو يوسف ودخل المدينة رجع عن شيئين إلى مذهبهم أحدهما الاذان قبل الفجر، والثاني تقدير الصاع.

وأما الصاع الذي قدره عمر بمشهد الصحابة وكان يكفر به إيمانه فهو ثمانية أرطال، إلا أن سعيد بن العاصي رده إلى خمسة وثلث، إلا ترى إلى قول الراجز:

وجاءنا مجوعـاً سـعـيد ينقص في الصاع ولا يزيد

ولهم بالمراكب صاعان يعطون بأحدهما جرايات الملاحين ويتعاملون بالكبير. وأرطالهم بمكة هو المن المعروف في جميع بلاد الاسلام غير أنهم يسمونه رطلاً، ورطل يثرب إلى قرح مائتا درهم، ورطل اليمن بغدادي، ولعمان المن، وبقية الإقليم بغدادي، ولهم البهار وهو ثلاثمائة رطل.

ونقودهم مختلفة، لأهل مكة المطوقة وهي والعثرية ثلثا المثقال تؤخذ كدراهم اليمن عدداً وتفصل العثرية حتى ربما كان بينهما دريهم، ودينار عدن فيمة سبعة دراهم وهو ثلثا البغوي تزن ولا تعد، ودينار عمان ثلاثون غير أنه يوزن. والدراهم المستعملة في الإقليم تسمى بمكة المحمدية، ولأهل مكة المزبقة أربعة وعشرون بمطوق ضعف أختمى تبطل يوم السادس من ذي الحجه إلى آخر الموسم، ولأهل اليمن العلوية تختلف باختلاف البلدان حتى ربما بطلت، في بعضها قيمة أربعة منها درهم وزنته حول الدانق ولهم قروض ربما غلت فصارت ثلاثة بدانق وربما صارت أربعة، ولأهل عمان الطسوه.

الرسوم في هذا الإقليم لبس الوزر والأزر بلا قميص إلا القليل،وبمخا يعيبون على من يتزر إنما هو أزار واحد يلتف فيه. ويختمون في رمضان في الصلاة ثم يدعون ويركعون، وصليت بهم التراويح بعدن فدعوت بعد السلام فتعجبوا من ذلك، وأمر ابن حازم وابن جابر أن أحضر مسجديهما فافعل ذلك. أكثر ما يوقدون مصابيحهم بالصيفة وهو دهن السمك، يحمل من مهرة، ونورتهم سوداء مثل الماخالقة، وباليمن يلزقون الدروج ويبطنون الدفاتر بالنشاء، وبعث إلي أمير عدن مصحفاً أجلده، فسألت عن الاشراس بالعطارين فلم يعرفوه ودلوني على المحتسب وقالوا عساه يعرفه، فلما سألته، قال: من أين أنت، قلت: من فلسطين، قال: أنت من بلدة الرخاء لو كان لهم أشراس لأكلوه عليك بالنشاء.

ويعجبهم التجليد الحسن ويبذلون فيه الأجرة الوافرة وربما كنت أعطى على المصحف دينارين. ويزينون بعدن السطوح قبل رمضان بيومين ويضربون عليها الدبادب، فإذا دخل رمضان اجتمع رفق يدورون عند السحر يقرأون القصائد إلى آخر الليل، فإذا قرب العيد جبوا الناس، ويتخذون في النيروز قباباً يدورون بها على المباشرين ومعهم الطبول فيجمعون مالاً جزيلاً، وبمكة تنصب القباب ليلة الفطر ويزين السوق بين الصفا والمروة، ويضربون الدبادب إلى الصباح، وإذا صلوا الغداة أقبلن الولائد مزينات بيدهن المراوح يطفن بالبيت، ويرتبون خمسة أئمة في التراويح يصلون ترويحة ويطوفون أسبوعاً، والمؤذنون يكبرون ويهللون ثم يضرب الفرقاعيات كما تضرب عند الصلوات فيتقدم الأمام الآخر، يصلون العشاء إذا مضى من الليل الثلث ويفرغون إذا بقى الثلث، ثم ينادى بالسحور على أبي قبيس، ولا يرى أحسن من مزي أهل مكة في خروجهم إلى الحج في أن أحدهم ينوبه في ذلك ما ينوب العراقي.

ومياه هذا الإقليم مختلفة، ماء عدن وقناة مكة وماء زبيد ويثرب خفيف، وماء غلافقة قاتل، وماء قرح وينبع ردي، وسائر المياه متقاربة، وحججت سنة -56- فرأيت ماء زمزم كريهاً، ثم عدت سنة 67 فوجدته طيباً، وأكثر مياه السواحل عذيبيات. فإن قال قائل ومن أين علمت خفة المياه وثقلها قيل له بأربعة أشياء أحداهن: أن كل ماء يبرد سريعاً فهو خفيف، وما رأيت أسرع برودة من ماء تيماء وأريحا، وهما أخف مياه الاسلام، فمن هذا أستنبطت هذا الوجه، ثم صح لي بكثرة التجارب. والثانية أن الماء الخفيف يبطئ تحلبه، ومن شرب ماءً ثقيلاً أسرع بوله. والثالثة الماء الخفيف يشهي الطعام ويهضمه، والرابعة إذا أردت أن تعرف ماء بلد فاذهب إلى البزازين والعطارين، فتصفح وجوههم فإن رأيت فيها الماء فاعلم خفته على قدر ما ترى من نضارتهم، وأن رأيتها كوجوه الموتى ورأيتهم مطامنى الرؤوس فعجل الخروج منها.

والمضار بمكة باذنجان يمرض، وبالمدينة كراث يتولد منه خروج عرق المديني.

المعادن اللؤلؤ في هذا الإقليم بحدود هجريغاص عليه في البحر بازاء اوال وجزيرة خارك، ومن ثم خرجث درة اليتيم يكترى رجال يغوصون فيخرجون صدفاً، اللؤلؤ وسطها، وأشد شيء عليهم حوت يثب إلى عيونهم وفائدة من تعاطاه بينة. ومن أراد العقيق أشترى قطعة أرض بموضع بصنعاء ثم حفر فربما خرج له شبه صخرة وأقل وربما لم يخرج شيء. بين ينبع والمروة معادن ذهب. العنبر يقع على حافة البحرمن عدن إلى مخا ومن وجه زيلع أيضاً، كل من وجد منه شيئاً قل أو كثر حمله إلى صاحب السلطان ودفعه إليه وأخذ شقة وديناراً، ولا يقع إلا وقت هبوب ريح الآيب ولم يصح لي ما العنبر. ودم الاخوين قبال الجحفة.

يقع عصبيات بين الخياطين وهم شيعة والجزارين وهم سنة، بمكة عصبيات وحروب، وبين الحماحميين والملاحيين بعدن عداوات وحروب، وبين السنة والشيعة بينبع وبين البجة والحبوش والنوبة بزبيد تقع العجائب، وبين الجزارين والأعراب باليمامة وقد بلغ من أمرهم أن اقتسموا الجامع ويقولون، للغريب كن من أينا شئت وإلا فاخرج.

والمشاهد بمكة مولد النبي ﷺ في المحامليين، ودار الاربعين بالبزازين، ودار خديجة خلف العطارين، غار ثور على فرسخ أسفل مكة، وحراء من نحو منى، وغار آخر خلف أبي قبيس، جبل قعيقعان محاذي أبي قبيس، وبالحرم قبر ميمونة على طريق جدة، وفي الثنية قبر الفضيل وسفيان بن عيينة ووهيب بن الورد. بين المسجدين عدة مشاهد للنبي وعلي، مسجد الشجرة بذي الحليفة، وشجرة بقبا وحجر فاطمة. قبر هود عم بالاحقاف على الساحل.

الموضع الذي يخرج منه النار بعدن جبل في البحر، وخلف البلد مسجد أبان، مخلاف معاذ خلف مخا، ثم مسجد البئر المعطلة والقصر المشيد في مخلاف البون وفي مخلاف مرمل، من مخلاف صنعاء خرجت النار التي أحرقت جنة المقسمين. بئر عثمان على طريق الشام. عند العرج جبل قالوا أن جبريل شق فيه للنبي ﷺ وقت هجرته طريقاً إلى المدينة. وقعت نار بين المروة والحوراء فكان يقد كما يقد الفحم. بيوت الفارهين بالحجر عجيبة على أبوابها عقود وطروح ونقوش. الطاغية مدينة خربة خلف خيم أم معبد. بالسروات قلاع عجيبة. كمران جزيرة في البحر فيها مدينة ولهم ماء حلو تسمى العقل بها حبوس ملك اليمن.

وفي أخلاق أهل مكة جفاء، ولا ظرف لأهل اليمن. أهل عمان يطففون ويخسرون ويفسقون. الزنا بعدن ظاهر. أهل الاحقاف نواصب غتم، والحجاز بلد فقير قحط.

والقبائل تأخذ من السروات نحو الشام فتقع في أرض الأغر بن هيثم ثم تخرج إلى ديار يعلى بن أبي يعلى ثم إلى سردد ثم ألى ديار عنز وائل في بني غزية ثم تقع في ديار جرش والعتل وجلاجل ثم إلى ديار الشقرة بها خثعم ثم في ديار الحرث بلد يقال له ذنوب وإسم ساحلها الشرى ثم في شكر وعامر ثم في بجيلة ثم في فهم ثم في بني عاصم ثم في عدوان ثم في بني سلول ثم في مطار وبها معدن البرام ثم في بلاد برمة منها الأبرقة وحصن المهيا ثم أنت بالفلج. وولايات هذا الإقليم متقطعة أما الحجاز أبداً فلصاحب مصر لأجل الميرة، واليمن لآل زياد وأصلهم من همدان، وابن طرف له عثر، وعلى صنعاء أمير غير أن ابن زياد يحمل اليه أموالاً ليخطب اليه وربما أخرجت عدن عن أيديهم، وال قحطان في الجبال وهم أقدم ملوك اليمن، والعلوية على صعدة يخطبون لآل زياد وهم أعدل الناس، وعمان للديلم، وهجر للقرامطة وعلى الأحقاف أمير منهم.

والضرائب والمكوس يؤخذ بجدة من كل حمل حنطة نصف دينار وكيل من فرد الزاملة، وعلى سفط ثياب الشطوي ثلاث دنانير، ومن سفط الدبيقي ديناران، وحمل الصوف ديناران، وبعثر على كل حمل دينار، وعلى سلة الزعفران دينار، وكذلك على رؤوس الرقيق هذا ممن خرج، وكذلك بالسرين على من أجتاز، وبكمران أيضاً، وبعدن يقوم الأمتعة بالزكاوية ثم يؤخذ عشرها عثرية، وقدروا أنه يصل إلى خزانة السلطان ثلث أموال التجار، وثم تفتيش صعب، ومكس بلدان السواحل هين إلا غلافقة.

والمراصد البرية من قلود جدة بالقرين وبطن مر نصف دينار نصف دينار، وعلى باب زبيد من حمل المسك دينار ومن حمل البز نصف دينار، وبقية المراصد تعطى درهماً علوية، وصاحب صعدة لا يأخذ ضريبة من أحد وإنما يأخذ ربع العشر من التجار.

والجزيرة عشرية يؤخذ بعمان من كل نخلة درهم. ووجدت في كتاب ابن خرداذبة خراج اليمن ستمائة ألف دينار فلا أدري ما أراد بذلك ولم أر ذلك في كتاب الخراج بل المعروف أن جزيرة العرب عشرية، وكانت ولاية اليمن في القديم مقسومة على ثلاثة أعمال: واالٍ على الجند ومخاليفها وآخر على صنعاء ومخاليفها والثالث على حضرموت ومخاليفها. وذكر قدامة بن جعفر الكاتب أن ارتفاع الحرمين مائة ألف دينار، اليمن ستمائة ألف دينار، واليمامة والبحرين خمسمائة وعشرة آلاف دينار، وعمان ثلاثمائة ألف دينار.

وأهل هذا الإقليم أصحاب قناعة ونحافة يتقوتون باليسير من الطعام ويتجوزون بالخفيف من الثياب، وقد أكرمهم الله تعالى بخير الثمار وسيدة الأشجار التمر والنخل. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن احمد بقصبة أرجان، قال: حدثنا القاضي الحسن بن عبد الرحمان بن خلاد، قال: حدثنا موسى بن الحسين، قال: حدثنا شيبان بن فروخ، قال: حدثنا مسرور بن سفيان التميمي عن الأوزاعي عن عروة بن رويم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:قال رسول الله ﷺ أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم، وليس من الشجر شجرة تلقح غيرها، واطعموا نساءكم إذا ولدن الرطب فإن لم يكن رطب فالتمر الحديث.

وأما المسمافات فاعلم أن الواو للجمع، وثم للترتيب، وأو للتخيير. فإذا قلنا إلى فلانة وفلانة فإنهما في موضع واحد مثل خليص وأمج ومزينان وبهمن أباذ، فإن قلنا ثم أردنا العطف على الذي قبله كقولنا إلى ا بطن مر ثم إلى عسفان إلى غزة ثم إلى رفح، فإن قلنا أو فقد رجعنا إلى الذي قبل هذا الآخر كقولنا من الرملة إلى إيليا أو إلى عسقلان، من شيراز إلى جويم أو إلى صاهه. وقد جعلنا المراحل ستة فراسخ وسبعة فإن زادت نقطنا على الهاء نقطتين فإن جاوزت العشرة نقطنا تحت اللام نقطتين فإن نقصت عن الستة نقطت ا فوق الهاء نقطة. تأخذ من مكة إلى بطن مر مرحلة ثم إلى عسفان مرحلة ثم إلى خليص وأمج مرحلة ثم إلى الخيم مرحلة ثم إلى الجحفة مرحلة ثم إلى الأبواء مرحلة ثم إلى سقيا بني غفار مرحلة ثم إلى العرج مرحلة ثم إلى الروحاء مرحلة ثم إلى رويثة مرحلة ثم إلى يثرب مرحلة. وتأخذ من مكة إلى يلملم مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى السرين مرحلة. تأخذ من مكة إلى بستان بني عامر مرحلة ثم إلى ذات عرق مرحلة ثم إلى الغمرة مرحلة. وتأخذ من مكة إلى قرين مرحلة ثم إلى جدة مرحلة ومن بطن مر إلى جدة مرحلة. وتأخذ من الجحفة إلى بدر مرحلة ثم إلى الصفراء والمعلاة مرحلة ثم إلى الروحاء مرحلة. وتأخذ من بدر إلى ينبع مرحلتين ثم إلى رأس العين مرحلة ثم إلى المعدن مرحلة ثم إلى المروة مرحلتين. ونأخذ من بدر إلى الجار مرحلة ثم إلى الجحفة أوينبع مرحلتين مرحلتين. وتأخذ من جدة إلى الجار أو السرين أربعاً أربعاً. وتأخذ من يثرب إلى السويدية أو الى بطن النخل مرحلتين مرحلتين ومن السويدية إلى المروة مثلها ومن بطن النخل إلى معدن النقر ة مثلها. فإن أردت جادة مصر فخذ من المروة إلى السقيا ثم إلى بدا يعقوب ثلاثاً تم إلى العونيد مرحلة. وإن أردت الشام فخذ من السقيا إلى وادي القرى مرحلة ثم إلى الحجر مرحلة ثم إلى تيماء ثلاث مراحل. وإن أردت مكة في جادة الكوفة فخذ من زبالة وهي عامرة واسعة الماء إلى الشقوق 21 ميلاً ثم إلى البطان 29 ميلاً ثم إلى الثعلبية 29 ميلاً هي ثلث الطريق عامرة كثيرة البرك بها آبار عذيبية ثم إلى الخزيمية 32 ميلاً ثم إلى أجفر 24 ميلاً ثم إلى فيد 36 ميلاً مدينة بحصنين عامرة واسعة الماء، ثم إلى توز وهي نصف الطريق 31 ميلاً ثم إلى سميراء 20 ميلاً برك وماءٌ واسع ومزارع والماء عذيبي ثم إلى حاجر 33 ميلاً ثم إلى معدن النقرة 34 ميلاً بها حصن وماءٌ ضعيف وموضع وحش، ثم إلى المغيثة 33 ميلاً ثم إلى الربذة 24 ميلاً ماءٌ زعاق وموضع خراب، ثم إلى معدن بني سليم 24 ميلاً ثم إلى السليلة 26 ميلاً ثم إلى العمق 21 ميلاً بها آبار عجيبة والماء غير واسعٍ، ثم إلى الأفيعية 32 ميلاً ثم إلى المسلح 34 ميلاً بها برك والماء واسع، ثم إلى غمرة 18 ميلاً الماء واسع. وإن أردتها من البصرة فخذ من البصرة إلى الحفير 18 ميلاً ثم إلى الرحيل 28 ميلاً ثم إلى الشجي 27 ميلاً ثم إلى حفر أبي موسى 26 ثم إلى ماوية 32 ثم إلى ذات العشر 29 ثم إلى الينسوعة 23 ثم إلى السمينة 29 ثم إلى القريتين 22 اثم إلى النباج 23 ثم إلى العوسجة 29 ثم إلى رامة. ثم إلى إمرة 27 ثم إلى طخفة 26 ثم إلى ضرية 18 ثم إلى جديلة 32 ثم إلى فلجة 32 ثم إلى الدثينة 26 ثم إلى قبا 27 ثم إلى الشبيكة 27 ثم إلى وجرة 40 ثم إلى ذات عرق 27 الجميع سبعمائة ميل. وأما جادة الغرب فتأخذ من ويلة إلى شرف ذي النمل مرحلة ثم إلى مدين مرحلة ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى منزل مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين ثم إلى البيضاء ثم إلى وادي القرى. والطريق المستعمل اليوم من شرف ذي النمل إلى الصلا ثم إلى النبك ثم إلى ضبة ثم إلى العونيد ثم إلى الرحبة ثم إلى منخوس ثم إلى البحيرة ثم إلى الأحساء ثم إلى العشيرة ثم إلى الجار ثم إلى بدر. وإن أردتها من عمان فخذ من صحار إلى نزوة ثم إلى عجلة 30 ميلاً ثم إلى عضوة 24 ميلاً هوحصن ثم إلى بئر السلاح 30 ميلاً ثم إلى مكة 21 يوماً فيها أربع مياه وثمان في رملة. وإن أردتها من هجر فخذ من الأحساء إلى.ومن أرادها من صنعاء أخذ إلى الريدة مرحلة ثم إلى أثافت ثم إلى خيوان ثم إلى الأعمشية ثم إلى صعدة ثم إلى غرفة ثم إلى المهجرة ثم إلى شروراح ثم إلى الثجة ثم إلى كثبة ثم

إلى يبنبم على 8 أميال من جرش ثم إلى بنات جرم مرحلة ثم إلى جسداء ثم إلى بيشة ثم إلى تبالة ثم إلى رنية ثم إلى كدى ثم إلى صفر ثم إلى تربة ثم إلى الفتق ثم إلى الجدد ثم إلى الغمرة وطريقها القاصدة على الطائف ولم أسلكها. ومن مكة إلى الطائف طريقان تأخذ من بئر ابن المرتفع مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى الطائف مرحلة والاخرى على عرفات مرحلتين في الجبل. ومن أرادها من ويلة وهي طريق حجاج الغرب كلها طرق عدة، أما طريق الساحل فتأخذ من ويلة إلى شرف البعل مرحلة ثم إلى الصلا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى ضبه مرحلة ثم إلى عونيد مرحلة ثم إلى الرحبة مرحلة ثم إلى منخوس مرحلة ثم إلى البحيرة مرحلة ثم إلى الاحساء مرحلة. ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين مرحلة ثم إلى البيضاء مرحلة ثم إلى قرح مرحلة ثم إلى سقيا يزيد مرحلة. وأما طريق اليمن فلا أكاد أضبط مراحلها كغيرها من الكور غير أني أذكر ما عرفت وأجمل ما سمعت فمن صنعاء إلى صداء 42 فرسخاً، ومن صنعاء إلى حضرموت 74 فرسخاً، ومن صنعاء إلى ذمار 16 فرسخاً، ثم إلى نسفان وكحلان مرحلة ثم إلى حجر وبدر25 فرسخاً، ثم إلى عدن 24 فرسخاً، ومن ذمار إلى يحصب مرحلة ثم إلى السحول مرحلة ثم إلى الثجة مثلها ثم إلى الجند مثلها ومن صنعاء إلى الجند 48 فرسخاً، ومن صنعاء إلى العرف مرحلة ثم إلى ألهان 15 فراسخ ثم إلى جبلان 14 ثم إلى زبيد 12، ومن صنعاء إلى شبام مرحلة ومن صنعاء إلى عثر 10 مراحل ومن عدن إلى أبين 3 فراسخ.لى يبنبم على 8 أميال من جرش ثم إلى بنات جرم مرحلة ثم إلى جسداء ثم إلى بيشة ثم إلى تبالة ثم إلى رنية ثم إلى كدى ثم إلى صفر ثم إلى تربة ثم إلى الفتق ثم إلى الجدد ثم إلى الغمرة وطريقها القاصدة على الطائف ولم أسلكها. ومن مكة إلى الطائف طريقان تأخذ من بئر ابن المرتفع مرحلة ثم إلى قرن مرحلة ثم إلى الطائف مرحلة والاخرى على عرفات مرحلتين في الجبل. ومن أرادها من ويلة وهي طريق حجاج الغرب كلها طرق عدة، أما طريق الساحل فتأخذ من ويلة إلى شرف البعل مرحلة ثم إلى الصلا مرحلة ثم إلى النبك مرحلة ثم إلى ضبه مرحلة ثم إلى عونيد مرحلة ثم إلى الرحبة مرحلة ثم إلى منخوس مرحلة ثم إلى البحيرة مرحلة ثم إلى الاحساء مرحلة. ثم إلى الاعراء مرحلة ثم إلى الكلاية مرحلة ثم إلى شغب مرحلة ثم إلى بداً مرحلة ثم إلى السرحتين مرحلة ثم إلى البيضاء مرحلة ثم إلى قرح مرحلة ثم إلى سقيا يزيد مرحلة. وأما طريق اليمن فلا أكاد أضبط مراحلها كغيرها من الكور غير أني أذكر ما عرفت وأجمل ما سمعت فمن صنعاء إلى صداء 42 فرسخاً، ومن صنعاء إلى حضرموت 74 فرسخاً، ومن صنعاء إلى ذمار 16 فرسخاً، ثم إلى نسفان وكحلان مرحلة ثم إلى حجر وبدر25 فرسخاً، ثم إلى عدن 24 فرسخاً، ومن ذمار إلى يحصب مرحلة ثم إلى السحول مرحلة ثم إلى الثجة مثلها ثم إلى الجند مثلها ومن صنعاء إلى الجند 48 فرسخاً، ومن صنعاء إلى العرف مرحلة ثم إلى ألهان 15 فراسخ ثم إلى جبلان 14 ثم إلى زبيد 12، ومن صنعاء إلى شبام مرحلة ومن صنعاء إلى عثر 10 مراحل ومن عدن إلى أبين 3 فراسخ.