أجدر وأخلق أن ترن عوائدي
أجدر وأخلق أن ترن عوائدي المؤلف: البحتري |
أجدر وأخلق أن ترن عوائدي
ويساء خلصاني، ويشمت حاسدي
ورد الفراق علي يتلف مهجتي،
يا برح قلبي بالفراق الوارد
ضاقت علي له البلاد بأسرها
حتى خلت الأرض كفة صائد
أيشط من أهوى سليما وادعاً
وأروح في ثوب السليب الفاقد؟
تالله أبقى والأسى بجوانحي
للبين يسقيني بسم أساود
يا ظبية الخيمات من ذات الغضا
صدق الوعيد فأين صدق مواعد؟
ماذا يضرك لو بردت حرارة
بين الحشا برضاب ثغر بارد؟
لو بت تخلجك الهموم أويت لي،
ولكان ليلي منك ليل الراقد
يا حادييها لبثا، لا تعجلا
عني بظبيكما النوار الشارد
قولا له يردد فؤاد متيم
إن كان ليس إلى الوصال بعائد
واها لعينيه اللتين تصدتا
فانصاع إذ رعناه غير معاند
يا دهر هل تدني إلي ديارها
من بعد تعذيبي بطول تباعد
يا دهر، كم قد سؤتني فوجدتني
لا أشتكي السوأى، ولست بجاحد
حتام لا أنفك منك تسومني
خسفاً، وتعسفني بسطوة حاقد
وإذا اضطربت فعن لي وجه الغنى
أسرعت في منعي انسراع محارد
كم قد سموت بجاهل وبخامل
لما حططت أخا حجى ومحاتد
أسعدت في كل الأمور جدودهم
إذ كنت للأحرار غير مساعد
عجباً لأقوام وصلت حبالهم
ورعيت غيبتهم بكل مشاهد
وسترت عيبهم وكنت مجاهدا
من رام نقصهم بكل تجاهد
فرأيت غش صدورهم بعيونهم،
والعين في الحالات أعدل شاهد
فعرفت ذاك، ولم أدع إدناءهم
والحلم بين أقارب وأباعد
حتى سمعت عن الضغائن قولهم
وفعالهم فعل الظلوم الحاسد
فلزمت نفسي لا أكشف غيبهم
وكففت عنهم ناصحي ومعاضدي
فرأوا جميل العفو ضعفاً بعد ما
كفروا جميل الطول كفر الجاحد
فهناك أمضيت الهوان مشمراً
فيهم، ولم أكذب بقول زائد
فوسمت أوجههم سمات ذللت
أعناقهم للخلق بعد قلائد
وأبنت نوكهم بقول صادق
في نثر منثور ونظم قصائد
وجعلتهم ضحك المجالس دهرهم
وتنزهاً لمفجع ولسامد
فإذا رأوني مقبلاً أبصرتهم
سفع الوجوه، بليغهم كالجامد
وإذا تقلبت ادروا بشناعة
مرذولة عند اللبيب الناقد
كل يود لي الردى لو ناله
بالأم يفقد شخصها والوالد
والله أنصر للمسالم ذي الحجى،
والله أخذل للمسيء العاند
قد قلت، لو قبل المقال، ألا احذروا
ليثاً يقضقضكم بأعبل ساعد
فمضوا على غل الصدور، فغودروا
مثل الهشيم لخابط ولصائد
إن كنت تنكر ما أقول، فجارهم
تعرف خزايتهم بيوم واحد
إن الكريم إذا رأى ذا خسة
صدف المودة عنه صدف الطارد
لا تعدون أهل المودة والتقى
تظفر بخير مؤازر ومعاقد