الرئيسيةبحث

أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا

أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا

أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا
المؤلف: أبو فراس الحمداني



أبَتْ عَبَرَاتُهُ إلاّ انْسِكَابَا
 
و نارُ ضلوعهِ إلا التهابا
و منْ حقِّ الطلولِ عليَّ ألا
 
أُغِبَّ مِنَ الدّموعِ لهَا سَحابَا
وَمَا قَصّرْتُ في تَسْآلِ رَبْعٍ،
 
و لكني سألتُ فما أجابا
رأيتُ الشيبَ لاحَ فقلتُ: أهلاً!
 
وودعتُ الغواية َ والشبابا
وَمَا إنْ شِبتُ من كِبَرٍ، وَلكِنْ
 
رأيتُ منَ الأحبة ِ ما أشابا
بعثنَ منَ الهمومِ إليَّ ركباً
 
و صيرنَ الصدودَ لها ركابا
ألَمْ تَرَنَا أعَزَّ النّاسِ جَاراً
 
و أمنعهمْ؛ وأمرعهمْ جنابا؟!
لَنَا الجَبَلُ المُطِلُّ على نِزَارٍ
 
حَلَلْنَا النّجْدَ مِنهُ وَالهِضَابَا
تفضلنا الأنامُ ولا نحاشى
 
و نوصفُ بالجميلِ؛ ولا نحابى
و قد علمتْ " ربيعة ُ" بلْ " نزارٌ "
 
بِأنّا الرأسُ والناسَ الذُّنابى
فلما أنْ طغتْ سفهاءُ" كعبٍ"
 
فَتَحْنَا بَينَنا لِلْحَرْبِ بَابا
مَنَحْنَاها الحَرَائِبَ غَيرَ أنّا
 
إذا جَارَتْ مَنَحْنَاها الحِرَابَا
و لما ثارَ " سيفُ الدينِ" ثرنا
 
كَمَا هَيّجْتَ آسَاداً غِضَابَا
أسِنّتُهُ، إذا لاقَى طِعَاناً،
 
صوارمهُ، إذا لاقى ضرابا
دعانا - والأسنة ُ مشرعاتٌ -
 
فكنا، عندَ دعوتهِ، الجوابا
صَنَائِعُ فَاقَ صَانِعُهَا فَفَاقَتْ،
 
وَغَرْسٌ طابَ غَارِسُهُ، فَطَابَا
و كنا كالسهامِ؛ إذا أصابتْ
 
مراميها فراميها أصابا
 
و نكبنَ " الصبيرة َ " و" القبابا"
و جاوزنَ " البدية َ " صادياتٍ؛
 
يلاحظنَ السرابَ؛ ولا سرابا
عبرنَ " بماسحٍ " والليلُ طفلٌ
 
وَجِئْنَ إلى سَلَمْيَة َ حِينَ شَابَا
فما شعروا بها إلا ثباتاً
 
دوينَ الشدِّ نصطخبُ اصطخابا
 
بهِ الأرواحُ تنتهبُ انتهابا
تنادوا، فانبرتْ، منْ كلٍِّ فجٍ،
 
سوابقُ ينتجبنَ لنا انتجابا
وَقادَ نَدي بنُ جَعْفَرَ من عُقيلٍ
 
شعوباً، قدْ أسلنَ بهِ الشعابا
فما كانوا لنا إلا أسارى
 
و ما كانت لنا إلا نهابا
كأنَّ " ندي بنَ جعفرِ" قادَ منهمْ
 
هدايا لمْ يرغْ عنها ثوابا
وَشَدّوا رَأيَهُمْ بِبَني قُرَيْعٍ،
 
فخابوا - لا أبا لهمُ - وخابا
و لما اشتدتِ الهيجاءُ كنا
 
أشَدَّ مَخَالِباً، وَأحَدَّ نَابَا
و أمنعَ جانباً؛ وأعزَّ جاراً؛
 
و أوفى ذمة ً؛ وأقلَّ عابا
سقينا بالرماحِ بني " قشيرٍ"
 
ببطنِ " الغنثرِ " السمَّ المذابا
و سقناهمْ إلى " الحيرانِ " سوقاً
 
كما نستاقُ آبالاً صعابا
و نكبنا " الفرقلسَ " لمْ نردهً
 
كَأنّ بِنَا عَنِ المَاءِ اجْتِنَابَا
وَمِلْنَ عَنِ الغُوَيْرِ وَسِرْنَ حتى
 
وردنَ عيونَ " تدمرَ" و" الحبابا "
و أمطرنَ " الجباة َ " بمرجحنَّ
 
وَلَكِنْ بِالطِّعَانِ المُرِّ صَابَا
وَجُزْنَ الصَّحصَحانَ يخدِنَ وَخداً
 
و يجتبنَ الفلاة َ بنا اجتيابا
قرينا " بالسماوة ِ" من " عقيلٍ"
 
سِبَاعَ الأَرْضِ وَالطّيرَ السِّغَابَا
و " بالصباحِ " و" الصباحُ " عبدٌ
 
قتلنا، منْ لبابهمُ اللبابا
تركنا في بيوتِ بني " المهنا"
 
نوادبَ ينتحبنَ بها انتحابا
شَفَتْ فِيهَا بَنُو بَكْرٍ حُقُوداً
 
و غادرتِ " الضبابَ " بها ضبابا
وَأبْعَدْنَا لِسُوءِ الفِعْلِ كَعْباً
 
و أدنينا لطاعتها " كلابا"
وَشَرّدْنَا إلى الجَوْلانِ طَيْئاً
 
و جنبنا " سماوتها " جنابا
سَحَابٌ مَا أنَاخَ عَلى عُقَيْلٍ
 
و جرَّ على جوارهمُ ذنابا
وَمِلْنَا بِالخُيُولِ إلى نُمَيرٍ
 
تجاذبنا أعنتها جذابا
 
يعزُّ على العشيرة ِ أنْ يصابا
وَمَا ضَاقَتْ مَذاهِبُهُ، وَلَكِنْ
 
يُهَابُ، مِنَ الحَمِيّة ِ، أنْ يُهابَا
و يأمرنا فنكفيهِ الأعادي
 
هُمَامٌ لَوْ يَشَاءُ كَفَى وَنَابَا
فلما أيقنوا أنْ لا غياثٌ
 
دعوهُ للمغوثة ِ فاستجابا
و عادَ إلى الجميلِ لهمْ؛ فعادوا
 
وَقَدْ مَدّوا لِصَارِمِهِ الرّقَابَا
أمَرّ عَلَيْهِمُ خَوْفاً وَأمناً
 
أذَاقَهُمُ بِهِ أرْياً وَصَابَا
أحَلّهُمُ الجَزِيرَة َ بَعدَ يَأسٍ
 
أخُو حِلْمٍ إذا مَلَكَ العِقَابَا
 
و أرضهمُ اغتصبناها اغتصابا
وَلَوْ شِئْنَا حَمَيْنَاهَا البَوَادِي
 
كما تحمي أسودُ الغابِ غابا
أنا ابنُ الضاربينَ الهامَ قدماً
 
إذا كَرِهَ المُحَامُونَ الضّرَابَا
ألَمْ تَعْلَمْ؟ وَمِثْلُكَ قالَ حَقّاً:
 
بأني كنتُ أثقبها شهابا‍!