لما فرغ خالد من الأنبار استخلف عليها الزبرقان بن بدر وسار إلى عين التمر وهي قلعة على حدود الصحراء على مسيرة ثلاثة أيام غرباً، وبها مِهران بن بهَرام جُوبين في جمع عظيم من العجم وعقَّة بن أبي عَقَّة في جمع عظيم من العرب وتغلب وإياد وغيرهم، فلا سمعوا بخالد، قال عَقَّة لمِهران «إن العرب أعلم بقتال العرب فدعنا وخالداً» قال : «صدقت فأنتم أعلم بقتال العرب وإنكم لمثلنا في قتال العجم» فخدعه واتقی به وقال «إن احتجتم إلينا أعنّاكم» فلامه أصحابه من الفرس على هذا القول فقال لهم «إنه قد جاءكم من قتل ملوككم وفل
حدکم فاتقيته بهم. فإن كانت لهم على خالد فهي لكم. وإن كانت الأخرى لم يبلغوا منهم حتى يهنوا فنقاتلهم ونحن أقوياء وهم ضعفاء» فاعترفوا بفضل الرأي. وسار عقة إلى خالد فعبأ خالد جنده، وبينما كان عقة يقيم صفوفه حمل عليه خالد بنفسه فاحتضنه وأخذه أسيراً کما احتضن هُرْمُز من قبل في موقعة ذات السلاسل. فانهزم الفرس من غير قتال وأكثر المسلمون فيهم الأسر فسألوه الأمان فأبی فنزلوا على حكمه، فأخذهم أسرى وقتل عَقَّة ثم قتلهم أجمعين وسبي كل من في الحصن وغنم ما فيه. ووجد في بيعتهم[2] أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل على مذهب نسطور[3]. وكان عليهم باب مغلق فكسره عنهم وقسمهم بين القواد. وكان منهم أبو زياد مولي ثَقِيف ونُصَير أبو موسى بن نصير، وأرسل الوليدَ بن عقبة إلى أبي بكر بالخبر والأخماس.
هامش