أبقى ويرفض حولي عقد خلاني
أبقى ويرفض حولي عقد خلاني المؤلف: جبران خليل جبران |
أبقى ويرفض حولي عقد خلاني
أشكو غلى الله آلامي وأحزاني
يا يوم سمعان هل أبقيت لي سكنا
يحبب العيش أوي غري بسلوان
فجعتني في أخ كانت مودته
دنيا تحت من النعمى بألوان
نشأت ارعاه إكبارا وأكرمه
وطل يكرمني لطفا ويرعاني
إرحم محبيك يا من كنت ارحمهم
لكن هجرت ولم تعمد لهجران
هذا خليلك لو تدري بموقفه
والروح مهتزة في شبه جثمان
أأنت شاهده والوجد عامده
سقي ثراك بدمع منه هتان
معاذ حقك عندي أن يضيعه
على ملفاخر إعوالي وإرناني
قلت جزاء دموع جد فانية
وأنت مخلد مجد ليس بالفاني
يا ملهم الشعر هب لي منك مسعدة
لا تغلبين على الإلهام أشجاني
ويا قريضي دعا داعي الوفاء إلى
رعي المذمام فكن لي خير معوان
في كل جانحة مني وجارحة
لسان صدق وهذا وقت تبيان
فأطلق القول في تأبين مرتحل
مستكمل الزاد من فضل وإحسان
نهاك بالمس عن مدح يصاغ له
فاليوم لا تك للناهي بمذعان
واذكر صروحا لسمعانط مشيدة
لم يبنها من عصور قبله باني
وحدث الشرق والأقوام مصغية
عما أجد له فيها من الشان
ألم يك الشرق مهد الفخر أجمعه
في كل فن أخذناه وعرفان
تجاهلت قدرة الدنيا وما جهلت
لكن كل قديم رهن نسيان
تلك القوىلم تزل في القوم كامنة
وإن طوتها الليالي منذ أزمان
هي الكنوز التي لو قومت لبت
نفاسة كل تقويم بأثمان
ظل الجمود على أبوابه رصدا
حتى تجلت ففقات كل حسبان
أمجد بسمعان إذ ابدى روائعها
ورد حجة من ماري ببرهان
فقد أماط حجاب الريب عن همم
إن أطلقت سبقت في كل ميدان
وسار في طلب العلياء سيرته
لا يرتضي بمقام دون كيوان
فعز في شمله والشمل عز به
ورب فرد به بعث لوطان
فتح التجارة مذ خطت صحيفته
عنوانه اسم سليم واسم سمعان
سليم العلم الفرد الذي بعدت
به النوى وهو في آثاره دان
ألحازم العازم المرهوب جانبه
والمانح الصافح المحبوب في آن
في دوحة الصيدناوي التي بسقت
إلى العنان هما في النبل صنوان
كانا لزيمين حال البين بينهما
حتى تلاقى اللزيمان الوفيان
لكن أصلين قد حلت محلهما
تلك الفروع الزواكي لا يزولان
من كل ريان ذي ظل وذي ثمر
صلب على الدهر إن يعصف بحدثان
سمعان لو دامت النعمى ودمت لها
لكنت أولى بها من كل إنسان
عمر مديد تقضى في مجاهدة
شريفة بين تأثيل وبنيان
سلسلته في كتاب كله غرر
من المحامد لم توصم بأدران
يزيدها في طريق المجد ما أخذت
عن محتد بقديم المجد مزدان
تسوس شأنك فيه دائبا فطنا
بعزم أدرب لا ساه ولا وان
وتمحض البلد الحب الخليق به
وتحفظ اليد في سر وإعلان
وتوسع الضعفاء البائسين جدى
بأريحية سمح غير منان
وتقبل العذر ممن جاءمعتذرا
وتغفر الوزر للمستغفر الجاني
إليك باسم جموع كنت كافلهم
من حاسبين وكتاب وأعوان
وباسم آلاف أطفال تقومهم
على مباديء تهذيب وعرفان
وباسم شتى جماعات تؤازرها
على تباين أجناس وأديان
وباسم أرباب عيلات عصمتهم
من الإتضاح ببذل طي كتمان
وباسم طائفة كنت العميد لها
وكنت حصنا لها من كل عدوان
وباسم من لا يكاد العد يحصرهم
فيمصر والشرق من صحب وأخدان
أهدي أكاليل تبقى في نضارتها
لا كالكاليل من ورد وريحان
أزهارها خالدات بهجة وشذا
لا يجتنى مثله من كل بستان
جناتها مهج أنمى نداك بها
أزهى الأفانين من ود وشكران
فاذهب وحسبك تبجيلا وتكرمة
أن عشت لم يختلف في فضلك اثنان
وأن بيتك ما مرت به حقب
حليف نجح وغقبال وعمران
يعز منك بتذكار يتوجه
ومن بنيك بأعضاد وأركان
لا فرق في ابن إذا عدوا ولا ابن أخ
وهل هم غير انداد وإخوان
أي الأمور تولوه فإن لهم
فيه تصرف إبداع وإتقان
هم الشباب الأولى تعتز أمتهم
بهم إذا أمم باهت بفتيان
جئنا نلطف تبريح المصاب بهم
إن لطف البث نيرنا بنيران
وإن أخلق مفجوع بتعزية
تلك التي بان عنها شطرها الثاني
تلك الفريدة في الأزواج إن ذكرت
دار تقاسم فيها البر زوجان
عفيفة النفس إلا عن تزيدها
من الفضائل ما كر الجديدان
رعتب بنيها ولم تغفل كرائمها
فنشأتهم على تقوى وغيمان
وشرفت كل عرس أسعدت رجلا
وكل والدة برت بولدن
يا من نودعه قسرا ونودعه
قبرا وليس الفدى منا بإمكان
فز بالرضى في جوار الله وارث لنا
فنحن نشقى وأنت الناعم الهاني