أباهل هل أنتم مغير لونكم
أباهل هل أنتم مغير لونكم المؤلف: الفرزدق |
أبَاهِلَ هَلْ أنْتُمْ مُغَيِّرُ لَوْنِكُمْ
وَمَانِعكُمْ أنْ تُجعَلوا في المَقاسِمِ
هِجاؤكُمُ قَوْماً أبُوهُمْ مُجاشِعٌ
لَهُ المأثُرَاتُ البِيضُ ذاتُ المكارِمِ
فَإنّي لأسْتَحْيِي، وَإني لعَابِىءٌ
لكُمْ بَعضَ مُرّاتِ الهِجاءِ العَوَارِمِ
ألمْ تَذْكُرُوا أيامَكُمْ إذْ تَبيعُكمْ
بَغِيضٌ وَتُعطي مَالكُمْ في المَغارِمِ
يُعَجِّلْنَ يَرْهَصْنَ البُطُونَ إليكمُ
بأعجازِ قِعدانِ الوِطابِ الرّوَاسِمِ
بَني عامِرٍ هَلاّ نَهَيْتُمْ عَبيِدَكُمْ
وَأنْتُمْ صِحاحٌ مِنْ كُلُومِ الجَرَائمِ
فإني أظُنّ الشِّعْرَ مُطّلِعاً بِكُمْ
مَنَاقِبَ غَوْرٍ عَامِداً للمَوَاسِمِ
وَإنْ يَطّلِعْ نَجْداً تَعضّوا بَنانَكُمْ
على حِينَ لا تُغْني نَدامَةُ نَادِمِ
وَما تَرَكَتْ منْ قَيس عَيلانَ بالقَنَا،
وَبالهُنْدُوَانِيّاتِ، غَيْرَ الشّرَاذِمِ
بَناتُ الصّرِيحِ الدُّهْمُ فَوْقَ مُتونِها
إذا ثَوَّبَ الدّاعي رِجالُ الأرَاقِمِ
أظَنّتْ كِلابُ اللّؤمِ أنْ لَستُ شاتماً
قَبائِلَ إلاّ ابْنَيْ دُخَانٍ بِدارِمِ
لَبئْسَ إذاً حامي الحَقِيقَةِ وَالّذِي
يُلاذُ بِهِ مِنْ مُضْلِعَاتِ العَظَائِمِ
وكَمْ من لَئِيمٍ قَدْ رَفَعتُ له اسمَهُ
وَأطْعَمتُهُ باسْمي وَلَيسَ بطاعِمِ
وَكانَ دقيقَ الرّهْطِ، فازْدادَ رِقّةً،
وَلُؤماً وَخِزْياً فاضِحاً في المَقَاوِمِ
أباهِلَ! إنّ الذّلّ بالّلؤمِ قَدْ بَنى
عَلَيكُمْ خِباءَ اللّؤمِ ضْربَةَ لازِمِ
أباهِلَ! هلْ منْ دونكُمْ إنْ رُدِدْتُمُ
عَبِيداً إلى أرْبابكُمْ مِنْ مُخاصِمِ
أبَاهِلَ! مَا أنْتُمْ بِأوّل مَنْ رَمَى
إليّ، وَإنْ كُنتُمْ لئامَ الألائِمِ
فإنْ تَرْجِعوني حيثُ كُنتُمْ رَدَدْتُمُ
فَقَدْ رُدّ بِالمَهْدِيِّ كُلُّ المَظَالِمِ
وَهَلْ كُنْتُمُ إلاّ عَبِيداً نَفَيْتُمُ
مُقَلَّدةً أعْنَاقُهَا بالخوَاتِمِ
إذا أنْتمَا يا ابْنَيْ رَبِيعَةَ قُمْتُمَا
إلى هُوّةٍ لا تُرْتَقى بِالسّلالِمِ
فَإيّاكُمَا لا أدْفَعَنّكُمَا مَعاً
إلى قَعْرِهَا بَعْدَ اعْترَاقِ المَلاوِمِ
وَإنّ هِجَاءَ البَاهِلِيّينَ دارِماً
لإحْدى الأمُورِ المُنكَرَاتِ العَظائِمِ
وَهَلْ في مَعَدٍّ مِنْ كِفَاءٍ نَعُدُّهُ
لَنَا غَيرَ بَيْتَيْ عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
ألسْنَا أحَقَّ النّاسِ حِينَ تَقايَسُوا
إلى المَجْدِ بالمُستَأثَرَاتِ الجَسايِمِ
وَإنْ تَبْعَثُوني بَعْدَ سَبْعِينَ حِجّةً
أكُنْ كَذابِ النّارِ ذاتِ الجَحائِمِ
وإنّ هِجائي ابْنْي دُخَانٍ، وأْنتُمَا
كَأمْلَسَ مِنْ وَقْعِ الأسِنّةِ سالمِ
فَلَمْ تَدَعِ الأيّامُ، فاستَمِعا التي
تُصِمّ وَتُعْمي بِالكِبَارِ الخَوَاطِمِ
وَقَدْ عَلِمَتْ ذُهْلاَ رِبِيعَةَ أنّكُمْ
عبِيدٌ، وَكُنْتُمْ أعْبُداً للّهَازِمِ
فَقَدْ كُنْتُمُ في تَغْلِبٍ بِنْتِ وَائِلٍ
عَبيداً لهمْ، يُعطَوْنَ خَرْجَ الدّرَاهمِ