آ في طيِّ الصّبا نشرُ التّصابي
آ في طيِّ الصّبا نشرُ التّصابي المؤلف: ابن معتوق |
آ في طيِّ الصّبا نشرُ التّصابي
فقدْ نفختْ بنا روحُ الشّبابِ
وهلْ طرقتْ مجرَّ ذيولِ ليلى
فقدْ جاءتْ معطّرة َ الثّيابِ
وهلْ رشفتْ ثناياها فأمستْ
تحدّثُ عنْ رحيقٍ مستطابِ
تَمُرُّ بِنَا فَتَثْنِينَا سُكَارَي
كَأنَّا لاَ نُفِيقُ مِنَ الشَّرَابِ
كأنَّ نسيمها شكوى مشوقٍ
أخي أَدَبٍ تَلَطَّفَ بالْعِتَابِ
سلوها هلْ لها وجدٌ بنجدٍ
فرقّتْ رقّة َ الصّبِّ المصابِ
سقى نجداًوأهليهِ ملثٌّ
يحاري رعدهُ طولَ انتحابي
ولا برحَ الزّمانُ بهِ ربيعاً
يُطَرّزُ زَهْرُهُ حُلَلَ الرَّوابِي
زكيٌّ لا تملُّ لهُ انتشاقاً
كأنَّ هناهُ أنفاسُ الكعابِ
بموردهِ لصادي القلبِ ريٌّ
كأنَّ بمائهِ بردَ الرّضابِ
إذا بربوعهِ حزناً مزجنا
لجينض الدّمعِ بالذّهبِ المذابِ
تَسِيرُ جُسُومُنَا فَوْقَ الْمَطَايَا
وَأَنْفُسُنَا تَسِيلُ عَلَى التُّرَابِ
فَكَمْ مِنْ فَاقدٍ فِيهِ فُؤَاداً
وَوَاجِدِ مُهْجَة ٍ ذَاتِ الْتِهَابِ
إِلَى نَخْلِ النَّخِيلِ تحِنُّ شَوْقاً
وَتَرْزُمُ تَحْتَنَا خُوصُ الرِّكَابِ
وَنْلثِمُ مِنْ ثَنَايَا الجِذْعِ بَرْقاً
فنحسبهُ ثغورَ بني حسابِ
بنفسي أسرة ٌ أسروا رقادي
وحلّوا بينَ قلبي والذّهابِ
ثَنَايَاهَمْ عَلَى نَسَقِ الْحَبَابِ
بريشِ النّبلِ بيضاتِ العقابِ
تَهُزُّ أَكُفُّهُمْ حَيَّاتِ لُدنٍ
وتمرحُ خيلهمْ بأسودِ غابِ
إذا لبسوا الدّروعَ حسبتَ فيها
نُجُومَ اللَّيْلِ غَرْقَى فِي الْسَّرابِ
فَكَمْ فِيْهِمْ تَرَى قَمَرَاً تَجَلَّى
وَشَمْسَ ضُحى ً تَوَارَتْ فِي حِجَابِ
وصبحَ طلاً تستّرَ في خمار
وآخرَ قدْ تنفّسَ في نقابِ
وَرَاحَاتٍ بِدَمْع أَوْ نجِيع
مضرّجة ً وأخرى في خضابِ
وَكَمْ بِخُدُودِ نِسْوَتِهِمْ وَأَيْدِي
فوارسهمْ توقّدَ منْ شهابِ
حَوَتْ أَفْوَاهُهُمْ خَمْراً فَصِيغَتْ
فَاحْدَثَ فِي الوَرَى نِعَماً وَبُؤْساً
كَأنَّ بِهِ إِلى رُؤْيَاكَ مَا بِي
إِذَا مِنْهَا تَرَشَّفَ بِاللُعَابِ
كَأَنَّهُمُ إِذَا سَطَعَتْ عَلْيهِمْ
مَجَامِرُهُمْ شُمُوسٌ فِي ضَبَابِ
تحنّث السّاجعاتُ إذا تثنّوا
فَتُؤْثِرُهُمْ عَلَى القُضُبِ الْرِّطَابِ
همُ راحي وريحاني وروحي
وجَنَّاتِي وَإِنْ كَانُوا عَذَابِي
وَعَافِيَّتِي وَأَمْرَاضِي وَبُرْئي
وَأَفْرَاحِي وَحُزْنِي وَاكْتِئَابِي
تولّوا والصّبا معهمْ تولّى
فهلْ لهمْ إلينا منْ إيابِ
إلامَ أطالبُ الأيّامَ فيهمْ
فَلَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ تَرْدُدْ جَوَابِي
أعوذُ منَ الزّمانِ ومنْ نواهمْ
بربِّ المجدِ والمولى المهابِ
أخي الشّرفِ الرّفيعِ أبي حسينٍ
عَلَيَّ المَجْدِ ذِي الشِيَمِ الْعُجَابِ
مُبِيدُ المَالِ فِي بيدِ الَعَطَايَا
مجلّي السّبقِ في يومِ الطّلابِ
زكيُّ النّفسِ محمدُ السّجايا
مصانُ العرضِ ممدوحُ الجنابِ
قديرٌ ذو قدررٍ راسباتٍ
تُقَابِلُهَا جِفَانٌ كَالْجَوَابِي
فَصِيحٌ مَا لِمنْطقِه شَبِيهٌ
لو حملتْ بهِ أمَّ الكتابِ
شِهَابٌ فِي الثُّغُورِ عَلَيْهِ تَثْني
بِيَوْمِ الحَرْبِ أَلْسِنَة ُ الْحِرَابِ
تَسِيرُ جُيُوشُهُ فَتَكَادُ رُعْباً
تميدُ الرّاسياتُ منَ الهضابِ
تُقَابِلُهُ البَوَارِقُ مُغْمَدَاتٍ
وتصحبهُ السّحائبُ في القبابِ
بهِ يدري الخميسُ إذا رآهُ
سيخشرهُ بأحشاءِ الذّئابِ
وَيَعَتْقِدُ الْهِزَبْرُ إِذَا الْتَقَاهُ
بِأَنَّ رِجَامَهُ جَوْفُ الغُرابِ
إِذَا هَزَّ المُثَقَّفَ خِلْتَ فِيهِ
جرى منْ بأسهِ سمُّ الحبابِ
كريمٌ صاغَ من بيضِ الأيادي
خَوَاتِمَهُ وَأَطْوَاقَ الرِّقَابِ
وَحَسَّنَ بِالنَّدَى وَجْهَ الْمَعَالي
وَوَرَّد خَدَّهَا بِدَمِ الضِّرَابِ
ومنْ مسكِ الغبارِ أثارَ سحباً
مُخَضبَّة َ المَبَارِقِ بِالْمَلاَبِ
مَكَارِمُهُ تَسِيرُ بِكُلِّ أَرْضٍ
كأنَّ يمينهُ حوضُ السّحابِ
وأنعمهُ تعلّمنا القوافي
فهذا الدّرُّ منْ ذاكَ العبابِ
حلتْ منهُ الطّباعُ فعزَّ بأساً
فأصبحَ وهوَ منْ شهدٍ وصابِ
فأحدثَ في الورى نعماص وبؤساً
كذلكَ شيمة ُ الغيمِ الرّبابِ
يَسُوقُ إِلَى الوَلِيّ وَلِيَّ فَضْلٍ
وَنحْوَ عِدَاهُ صَاعِقَة َ العِقَابِ
يرى عقبانَ راياتِ الأعادي
إِذَا خَفَقَتْ كَأَجْنِحَة ِ الذَبابِ
يفوقُ أبا السّحابِ أباً وجوداً
إذا ماقيلَ ذَ ابنُ أبي ترابِ
تزفُّ جيادهُ العزماتُ منهُ
زفافَ النّملِ أجنحة َ العقابِ
لهُ عضبٌ بليلِ الخطبِ فجرٌ
وَنَابٌ فِي النَّوَائِبِ غَيْرُ نَابِ
تَصِيدُ نِمَالُهُ الأُسْدَ الضَّوَارِي
ويقتنصُ الجوارحَ بالذّبابِ
وآرَاءٌ كَأَسْهُمِهِ نَفَاذاً
مفوّقة ٌ لإدراكِ الصّوابِ
وَآثَارٌ عَلَى دُهْمِ اللَّيَالي
حَكَتْ غُرَرَ المُسَوَّمَة ِ العِرَابِ
اَلاَ يَا ابْنَ الأُولَى شَرُفوَا وَسادُوا
عَلَى الدُّنْيَا بِفَضْلٍ وَانْتِسَابِ
لقدْ فلّقتَ هاماتِ الرّزايا
وقدتَ أبيّة َ النّوبِ الصّعابِ
وَأَثْكَلْتَ الْخَزَائِنَ فَهْيَ تَنْعَى
على الولدِ المقرّطِ بالجرابِ
خلتْ دارُ النّدى فظهرتُ فيهِ
ظهورَ الكنزِ في البلدِ الخرابِ
ليهنكَ سيّدي عيدٌ شريفٌ
يبشّرُ عنْ صيامكَ بالثّوابِ
فَقَابِلْ بِالْمَسَرَّة ِ وَجْهِ فِطْرِ
تَبَسَّمَ عَنْ ثَنَايَاهُ الْعِذَابِ
تَعَطَّفَ زَائِراً بَعْدَ اجْتِنَابِ
وَجَلَّى رَوْنَقُ الْبُشْرَى هِلاَلاً
تصدّى كالحسامِ بلا قرابِ
هلالاً شقَّ جيبَ الهمِّ عنّا
بِمِخْلَبِهِ وَضَرَّسَهُ بِنَابِ
أَخَا كَلَفٍ إِذَا رَامَ انْصِرَافاً
ثناهُ الشّوقُ وهوَ إليكَ صابي
أتاكَ على النّوى نضواً طليحاً
كأتَّ بهِ إلى رؤياكَ مابي
فَدُمْ بِالْمَجْدِ مَا حَنَّتْ قُلُوبٌ
إلى الأوطانِ في دارِ اغترابِ
ولا برحتْ أكفُّ نداكَ تجري
بِنَثْرِ الَدُّرِّ مَنْظُوْمَ الْخِطَابِ
وَلاَ زَالَتْ لَكَ الأَقْدَارُ تَقْضِي
بما تهوى إلى يومِ الحسابِ