ذكر تخريب الكعبة ، شرفها الله ، على يدي ذي السويقتين الأفحج الحبشي .
وروينا عن كعب الأحبار في " التفسير " عند قوله تعالى : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج [ الأنبياء : 96 ] أن أول ظهور ذي السويقتين في أيام عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وذلك بعد هلاك يأجوج ومأجوج ، فيبعث إليه عيسى ابن مريم طليعة ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة ، فبينما هم يسيرون إليه إذ بعث الله ريحا يمانية طيبة ، فتقبض فيها روح كل مؤمن ، ثم يبقى عجاج من الناس ، يتسافدون كما تتسافد البهائم . ثم قال كعب : وتكون الساعة قريبة حينئذ . قلت : وقد تقدم في الحديث الصحيح أن عيسى عليه السلام يحج بعد نزوله إلى الأرض .
وقال الإمام أحمد : حدثنا سليمان بن داود الطيالسي ، حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن عبد الله بن أبي عتبة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله ﷺ : " ليحجن هذا البيت ، وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج " . انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه عن أحمد بن حفص بن عبد الله ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن حجاج - هو ابن حجاج - عن قتادة بن دعامة به . قال : تابعه أبان وعمران ، عن قتادة . وقال عبد الرحمن ، عن شعبة ، عن قتادة : " لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت " . قال أبو عبد الله : والأول أكثر . انتهى ما ذكره البخاري .
وقد رواه البزار ، عن محمد بن المثنى ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن أبان بن يزيد العطار ، عنقتادة ، كما ذكره البخاري . ورواية عمران بن داود القطان قد أوردها الإمام أحمد ، كما رأيت .
وقال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثناعبد العزيز ، حدثنا شعبة ، عن قتادة; سمعت عبد الله بن أبي عتبة يحدث ، عن أبي سعيد الخدري ،عن النبي ﷺ قال : " لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت " . ثم قال : وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي سعيد ، عن النبي ﷺ إلا بهذا الإسناد .
قلت : ولا منافاة في المعنى بين الروايتين; لأن الكعبة يحجها الناس ويعتمرون بها ، بعد خروجيأجوج ومأجوج وهلاكهم ، وطمأنينة الناس وكثرة أرزاقهم في زمان المسيح ، عليه السلام ، ثم يبعث الله ريحا طيبة ، فيقبض بها روح كل مؤمن ومؤمنة ، ويتوفى نبي الله عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، ويصلي عليه المسلمون ، ويدفن بالحجرة النبوية مع رسول الله ﷺ ، ثم يكون خراب الكعبة على يدي ذي السويقتين بعد هذا ، وإن كان ظهوره في زمن المسيح ، كما قال كعب الأحبار ، والله سبحانه أعلم .