مسرحية مصرع كليوباترا من أجمل المسرحيات التي كتبها أمير الشعراء أحمد شوقي وهي مسرحية شعرية تدور حول الأيام الأخيرة في حياة الملكة كليوبترا في الإسكندرية وموقعة أكتيوم البحرية.
مقتطف منها
تندحر جيوش مارك أنطونيوس أمام أكتافيوس قيصر الظافر، وتأبى سفن كليوبترا المصريةالمضيّ لنجدة حليفها أنطونيوس، فتشعر ملكة مصر بقرب نهايتها، وأنها سوف تصبح أسيرة روما، فتأبى عليها كرامتها الرضوخ. وهاهي تدخل معبد الكاهن الأكبر أنوبيس تستشيره فيوحي اليها بالإنتحار أو يحبّذه صيانة لتاج مصر.
«يدخل جنديّ من حرس الملكة»
- الجندي: مولاي ذات الجلالة
- أنوبيس: الملكة الآن عندي
«تدخل كليوبترا في حاشيتها»
مُري بما شئت يكن
|
|
وإن تحدّى قدرتي
|
أبي!أعلمت أنّ الجيش ولّى
|
|
وأنّ بوارجي أبت المُضيّا
|
علمت. وكان ذلك في حسابي
|
|
وذا "حابي" به أفضى إليّا
|
وهل نبّاك عن أنطونيوس
|
|
وكيف جرت هزيمته عليّا
|
وما أدري أأردوه قتيلا
|
|
صباح اليوم أو أخذوه حيّا؟
|
أبي ذهب الجليفُ فكُن حليفي
|
|
فقد أصبحت لا أجد الوليّا
|
أنوبيس: لا تراعي
|
|
لباةُ النّيل ليس تخاف شيّا
|
أبي لا العزل خفت ولا المنايا
|
|
ولكن أن يسيروا بي سبيّا
|
أيوطأ بالمناسم تاج مصر
|
|
وثمّت شعرة في مفرقيّا
|
لِتأت المقادير أو فلتذر
|
|
تعالي كليوبترا ألقي النظر
|
أفاعٍ؟ أبي، نحّها،أخفها!
|
|
أعوذ بإيزيس من كلّ شرّ
|
فماذا تريد بإحرازهن
|
|
وهل يقتني عاقل ما يضُرّ
|
أتيت بهنّ لدرس السموم
|
|
ولم أخلُ في علمها من نظر
|
أداوي بها أو بترياقها
|
|
محبّ الحياة أو المنتحر
|
كليوبترا «وكأنّما تحدّث نفسها»
|
|
محب الحياة أو المنتحر
|
كفى أيّا الشيخ! بل هات زِد
|
|
فما بي خوف ولا بي خور
|
وإن تك بي خشية في النساء
|
|
فلي جُرأة الملكات الكُبَر
|
تكلّم! فليست سموم الأرقم
|
|
في الخبث دون سموم البشر
|
فيا رُبّ صفوِ سقيتُ الرجال
|
|
فلمّا تروّوا سقوني الكدَر
|
قِصار وهُنّ سهام المنون
|
|
وليس يعيب السهام القِصر
|
تمسّ الفريسة مسّ السِّنان
|
|
وتمضي مضاء الحُسام الذّكر
|
وكلّ الذي لمستَ مقتل
|
|
ولو أنشبت نابها في ظُفر
|
إذا جرحت لم تقم عن دم
|
|
كذلك يجرح سهم القدَر
|
ومائِتُها لا يحسّ المنون
|
|
كَمَن مات في النوم لا يُحتضر
|
- كليوبترا: «مردّدة قوله في صوت خافت»
ومائِتُها لا يحسّ المنون
|
|
كَمَن مات في النوم لا يُحتضر!
|
ولكن أبت هل يُصان الجمال؟
|
|
|
«أنوبيس:» لا بل يُضيء
|
|
كما رفّ بعد القطاف الزهر
|
وهل يُبطل الموتُ سحرَ الجفون
|
|
ويُبلى الفتور ويُفني الحوَر
|
كعهد العيون بطيف الكَرَى
|
|
إذا الجفنُ ناء به فانكسر
|
«أنوبيس:» لواقي الذبول
|
|
لَكَما احتضر الأقحوان النضِر
|
وما الموت أقسى عليها فمًا
|
|
ولا قبلة من عوادي الكبر
|
«أنوبيس:» وخزٌ أخفّ
|
|
وأهون من وخزات الإبر
|
زعمتِ ابنتي الموت شخصا يُحسّ
|
|
وعظّمت من خطبه ما صغُر
|
وما هو إلا انطفاء الحياة
|
|
وعصف الرّدى بسراج العُمر
|
وليس له صورة في العيون
|
|
على قبح صورته في الفكر
|
إذا جاء كان بغيض الوجوه
|
|
وإن جيء كان حبيب الصُوَر
|
اذن هذه الرّقط في ذمّتي
|
|
فصُّها وأحسِن عليها السّهر
|
وأقسم لتأتِ إليّ بهنّ
|
|
ولو أنّ دوني الظُّبا والسّمُر
|
يمينا بإيزيس احملهنّ
|
|
إليكِ ولو في سلال الخُضر
|
اذا بات خطر تاج مصر
|
|
سبقتُ إليك بهنّ الخطر
|
أتجعل لي يا أبي آية
|
|
أميزُ الرّسول بها إن حضر
|
هو التّين أبعث "حابيَ" به
|
|
وبالرّقط بين غضون الثّمر
|
* * * * * * *
ابنتي ذلك محرابي
|
|
ادخُليه للصلاة
|
واسكُبي الدّمع عسى
|
|
أن يقبل الدّمع الإله
|
هو ذو المُلك الذي
|
|
يبقى ويفنى ما سِواه
|