أتتني وأعلاها قناع مزعفر
أتتني وأعلاها قناع مزعفر المؤلف: إبراهيم بن قيس |
أتتني وأعلاها قناع مزعفر
وفي فرعها الميال عطر مبخر
مخلخلة خطارة في رياضها
وحلتها والدمع كالطل يقطر
تعاتبني في هجر دار هجرتها
وصرم لذاذات الشباب وتزجر
فقلت لها يا خود ما فيك معتب
ومثلك لا يقلى ويجفى ويحقر
ولكن لدى الرحمان آي وهل أتى
تبكي بوصف القاصرات المفكر
وما قاصرات الطرف عن قصر طرفها
ولكن عنها الطرف بالنور يقصر
وإن قيل هن الزاهرات فإنما
لزهرتهن الشمس تكبو وتحسر
وإن قيل يحكين الشموس وبدرها
ومثل نجوم الليل فالحور أنور
وقد قال كالياقوت ذو العز والعلا
وكاللؤلؤ المكنون واللّه أكبر
وفيهن نضرات النعيم وريه
كذلك من في روضة الخلد يحبر
تسورن والأزواج فيها أساوراً
وهل في جنان الخلد إلا مسور
وعاليهن الحلي فيها وسندس
واستبرق من فاخر الخز أخضر
إِذا خطرت منهن رجراجة زهي
لخطرتها المحبور إِذ هي تبختر
ويلحقها لحظ العيون صبابة
إذا طلعت فوق الأرائك تنظر
وإن قعدت فوق الأرائك واتكت
على سرر العقيان والوجه مسفر
وعانقها المحبور ثم بلذة
وشرخ شباب دائم لا يتبر
ونازعها كاسا هناك يزينها
من الخمر والألبان والأري جوهر
ومن سلسبيل والرحيق ختامه
مع الروح والريحان مسك مكفَّر
وأنهارها تجري فتسقي رياضها
عيون بنضاخ لديها تفجر
وثم قوارير وأكواب فضة
وثم صحاف التبر كل مصور
وفيها فنون الفاكهات كثيرة
ومما اشتهوا من لحم طير تخيروا
يطوف بهذا ثم هذا مخلد
عليهم من الولدان بالحسن يفخر
ومد عليهم ظل نعمى وذللت
عليهم قطوف الروض والروض مزهر
إذا ما اشتهوا شيأ دعوا ثم دعوة
بسبحانك اللهم صوتاً فيحضر
وفي الجنة الزهراء ما لم تحط به
عيون وآذان ولا الفكر يخطر
ولم يبن فيها من سرير وغرفة
سوى كن فكانت فهي بالنور تزهر
وإن لم تكن من فضة وزبرجد
وتبر ومسك فهي أبهى وأنور
بها البشر والانعام والملك والبقا
وكل سرور صفوه لا يكدر
وليس بها غلّ وبؤس وشقوة
وسقم وتنغيص وموت ومحشر
كمثل حياة الدهر تخدع من بها
وتصرع من يهوى هواها وتسخر
ومن لم يتبرها ويبدر بها بدت
بتتبيره والكيس الطب يبدر
وما هي إِلا ساعة لمعرج
فيربح فيها أو يخيب ويخسر
فإن تعذري للهجر ألفاً موالفاً
فللعاشق المشتاق للحور أعذر
إذا اقتحم الحرب العوان بنفسه
وكرّ كما كرّ الهمام الغظنفر
سويد الفتى الجلد الذي لم يكن له
إذا اشتدت الهيجاء عنها تأخر
سلي عنه في وادي بذوقة هل سطا
وكان له بطن المسيلة محضر
وهل كرَّ بين الصف والصف جانح
فغادر من لاقاه في الدم يعثر
وكيف سطا في الأربعين عشية
على عسكر لم يلقه قط عسكر
يكاد يذم الخلق عند اختبارهم
ويحمد ذاك المرتضى حين يخبر
وما ابن يمين أن يفوز بنجدة
وإن عظمت أسبابها يتكبر
هو الطيب الطب الرضي الطاهر الذي
يجلي دجاها أيها المتخير
فيا ابن يمين أنت أنت ستانها
ومعقلها الصعب المنيع الموعر
فثق واستعن باللّه ذي العرش واعتصم
وقم عجلاً قد حان حان المثور
ولا تتخذ غير المهيمن ناصراً
فليس سوى الرحمان بالنصر يقدر
إذا شاء للاسلام عزاً أتى به
وأنف الذي لا يصحب الحق أصغر
فشمّر لها واعلم بأنك مقبل
وأن الذي يهوى خلافك مدبر
حويت بها الدارين طراً وما حوى
سوى النار والعار التي سوف تسعر
وما أنت إلا قد أويت بعروة
من العز وثقى والمهيمن ينصر
ودونك مثل التاج تاجاً من العلا
ولكن تاج اللبس يفنى ويدثر
تنحلَّها طبّ مهمّ مصممّ
أشمّ ممرّ مستمر مشمر
له عزمة في الحق تغدو حياته
وإن طال عمر النفس والعمر أقصر
ولم يلق من حرب العدا عشر عشر ما
لقي المصطفى الهادي النذير المبشر
وصلى عليه اللّه ذو المجد والعلا
مدى الدهر ما نادى المنادي المكبر
صلاة وتسليماً أرجي ثوابه
إذا ما قبور العالمين تبعثر