الرئيسيةبحث

الغوص تحت الماء ( Diving, Underwater )



الغوص تحت الماء طريقة يصل الناس بوساطتها إلى عالم جميل وعجيب تحت سطح المحيطات والبحيرات والأنهار.كان الناس قديمًا يغوصون تحت الماء بحثًا عن الأسماك والحيوانات المائية الأخرى، والنباتات لأجل الغذاء. وقد تطورت الوسائل بالتدريب وصقل المهارات أو استخدام الأجهزة، وبدأت نشاطات مختلفة أخرى تُجرى تحت الماء.

وفي الوقت الحاضر يقوم الغوّاصون بإصلاح السفن، ويستعيدون الأشياء الثمينة، ويبنون ويصلحون نماذج مختلفة من التراكيب، ويُجرون الأبحاث. ويمكن أن يجري العمل في أعماق بعيدة، وخاصة باستخدام أجهزة غوص مزّودة بتقنيات عالية. يقوم الغطّاسون والغواصون الذين يعملون في خدمات الجيش بتنفيذ بعض المهام العسكرية. ويستمتع كثير من الناس برياضة الغوص تحت الماء. ويقوم بعضهم بالغوص لدراسة الأحياء المائية ولالتقاط الصور ولصيد حيوانات مائية أو لمجرد حب المعرفة والاستكشاف.

أنواع الغوص تحت الماء

هناك نوعان أساسيان من الغوص: 1- الغوص المكتنف والذي يتعرض فيه جــسم الغــواص لضغــط الماء المحيط به 2- الغوص بالمركبات التي تحمي الغواص من ضغط الماء.

معدات الغوص المزَّود سطحيًا. في هذا النوع من الغوص يلبس الغواص حُلَّة واقية من الماء، وخوذة على الرأس للوقاية ضد ضغط الماء، وينتقل الهواء أو غاز التنفس من خلال خرطوم متصل بمضخة هوائية موضوعة على زورق.

الغوص المكتنف:

يزداد ضغط الماء على الجسم كلما زاد عمق الماء. ويكون لهذا الضغط تأثير خطر على الغواص في المحيط. يتكون الغوص المكتنف من نماذج ثلاثة هي: 1- الغوص بحبس النفس، 2- الغوص بالرئة المائية (الغوص بأجهزة التنفس)، 3- الغوص بالتجهيز السطحي (مزود سطحيًا).

الغوص بحبس النفس أقدم وأبسط أشكال الغوص تحت الماء، ويسمى أيضًا الغوص الحر والغوص العاري والغوص بالأنبوبة. ولايستعمل غواص حبس النفس أية أجهزة بتاتًا، لكن أغلب أولئك يستعملون قناع الوجه، وزعـانــف الأرجــل وأنبــوبًا قــصيرًا للتنــفس يدعى قصبة التنفس (الشنركل). يساعد هذا الأنبوب الغواص على السباحة على السطح وكذلك ملاحظة ما تحت الماء قبل الغوص.

والغوص بحبس النفس معروف أكثر في الغوص الترفيهي. ويمكن لأكثر الغواصين بحبس التنفس أن يغوصوا إلى عمق حوالي 9 - 12م. ويجب أن يخرجوا إلى السطح للتنفس بعد أقل من دقيقة واحدة. ويمكن لبعض الغوّاصين المهرة أن ينزلوا إلى عمق 30م ويبقوا تحت الماء لمدة تصل إلى دقيقتين.

غوص الرئة المائية أو الغوص بأجهزة التنفس يعطي الغواصين قابلية كبرى للحركة ومجالاً أكثر من الغوص بحبس النفس أو غوص التجهيز السطحي. تشمل الرئة المائية على خزانات معدنية مملوءة بهواء مضغوط، أو مخلوط خاص من هواء التنفس. يتنفس الغواص من هذه الخزانات بوساطة خرطوم، وهناك جهاز مبتكر يسمى منظم الهواء يزود الغواص بحاجته المطلوبة من الهواء. ويستعمل غواص الرئة أيضًا القناع وزعانف الأرجل .

ومن النماذج الشائعة لجهاز الرئة المائية جهاز يسمى رئة الدورة المفتوحة. يتنــفس الغواص من الخزان، ثم يخرج هواء الزفير إلى الماء. أما جهاز الدورة المقفلة، وهو أيضًا يسمى إعادة التنفس فيستخدم الأكسجين أو خليط غاز الأكسجين مع غازات أخرى. وهو يرشح غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الضارة الأخرى من هواء الزفير إلى الخارج، وتضاف كمية أخرى من غاز الأكسجين تلقائيًا. وهذه العملية تمكّن الغواص من أن يتنفس الهواء نفسه مرات ومرات. ويستعمل جهاز الدورة المقفلة عادةالأكسجين بنسبة 100%.

غوص التجهيز السطحي (المزود سطحيًا) يستلزم ارتداء بدلة غوص غير منفذة للماء وخوذة. يحصل الغواص على الهواء أو غاز التنفس من خلال خرطوم متصل بمضخات هواء على قارب. وأغلب أنواع الغوص العميق من نوع التجهيز السطحي حيث يرتدي الغواصون أنواعاً عديدة من الخوذات والبدلات. يرتدي بعض الغوّاصين خوذات ثقيلة وبدلات من قماش التيل. تحل خوذات الزجاج الليفي الخفيف الوزن وأقنعة الغوص الخاصة محل الخوذات القديمة المصنوعة من النحاس. وبالإضافة إلى الخراطيم التي تزود بغاز التنفس هناك خراطيم أخرى وأسلاك للتزود بالماء الحار لتدفئة بدلة الغوص، وكذلك الكهرباء أو ضغط الهواء العالي لتوليد طاقة الآلات، والغازات المستعملة للِّحام المعدني.

الغوص في مركبات:

هناك أنواع عديدة من مركبات الغوص. هذه المركبـات تمنع ابتلال الغواصين، وتحافظ على دفئهم وبقائهم في مستوى ضغط مساوٍ للضغط الجوي السطحي.

يرتدي بعض الغواصين بدلة معدنية تسمى الدرع المزود بمفاصل. تغطي هذه البدلة الجسم كله وتقي من الضغط، كما أنها تمكن الغواص من الحركة بحرية أكثر. وبعض أنواع الدروع ذات المفاصل تسمح للغواص بالهبوط والصعود بدون مساعدة الأسلاك.

الغواصات مركبات كبيرة للغوص. وأغلبها سفن حربية تحمل أسلحة ضخمة. ولمعلومات أكثر ★ تَصَفح: الغواصة.

الغطاسات لها أجسام مفرطة في القوة، ويمكنها الهبوط أعمق بكثير من الغواصات. أما الغطاسات غير المأهولة، التي تعمل باستخدام كبلات، فتتمكن من الهبوط إلى نحو 6,100 م. في حين يمكن للغطاسات التي يكون فيها أشخاص أن تهبط إلى نحو 6,500م. وتستخدم الغطاسات لأغراض الأبحاث وغيرها.

كانت الغطاسات قديمًا ـ ومن بينها كرة الأعماق ومجهر أعماق البحر ـ غرف كروية الشكل لها فتحات (نوافذ) للرؤية. وكانت تتدلى من السفن باستخدام كبلات. أما الغطاسات الحديثة فلها محركات ومراوح ويمكنها القيام بمناورات عسكرية بصورة مستقلة. ويحصل بعضها على القدرة الكهربائية بوساطة كبلات من فوق سطح البحر إلا أنها تحمل احتياجاتها الضرورية من الهواء أو غاز التنفس. ولبعض هذه المراكب أذرع آلية خارجية تسمى المعالج البارع يمكنها التقاط الأشياء من قاع المحيط. وهي مزودة أيضا بآلات التصوير والمصابيح التي يمكن غمرها في الماء، حيث يتمكن العلماء بوساطتها من تصوير الأشياء والكائنات الحية في الأعماق التي لا يصل إليها ضوء الشمس أبدًا.

تزود بعض الغطاسات بخزانات للبترول والزيت أو رغوة مكونة من فقاعات صغيرة من الزجاج. مثل هذه المواد الخفيفة تســاعد على جعل المركب قابلاً للطفو. فالخزانات المليئة بالهواء، كتلك المستعملة في الغواصات قد تتحطم نتيجة للضغط الواقع عليها في الأعماق السحيقة.

ولتمكين المركبة المليئة بهذه المواد من الغوص فإنها، تُفرغ وتمُلأ بالماء، حيث يضيف الماء للمركب ثقلاً إضافيًا. ولكي تعلو المركبة تُخفف حمولتها بإسقاط قطع من الحديد المحمولة لهذا الغرض. يستعمل بعض أنواع الغطاسات كذلك المراوح عند الهبوط والصعود. تتكون الغطاسة المسماة غواصة الأعماق من كرة من الفولاذ ملحقة بأسفل جسم بشكل السيجار مملوء بالبترول. وفي سنة 1960م، قامت غواصة الأعماق ترايست بأعمق غوص سُجِّل حتى الآن، حيث هبطت إلى عمق نحو 10,910م في المحيط الهادئ. ★ تَصَفح : غواصة الأعماق.

مخاطر الغوص تحت الماء

يكون الضغط المؤثر تحت الماء أعلى مما هو على سطح الأرض. ويزداد الضغط حوالي 0,04 كجم/سم² لكل 30 سم من العمق. فعلى سبيل المثال، يكون الضغط الواقع على الغواص إلى عمق 10م تحت سطح الماء ضعف ضغط الهواء على سطح البحر. ربما يتضرر الغواص إذا لم يكن ضغط الرئتين وباقي الفراغات الهوائية في الجسم معادلاً لضغط الماء. يسمى مثل هذا الضرر بارتروما أي الرضح الضغطي أو الكبس.

يجب أثناء الصعود أن يكون الضغط في الرئتين متـناسبًا مع تناقص ضغط الماء. وإلاّ حدثت حالة خطيرة تسمّى الانصمام الهوائي. يتنفس الغواص جزيئات من الهواء تحت الماء أكثر مما يتنفسه على سطح الأرض. وذلك لكون هواء التنفس تحت الماء مضغوطًا. وحينما يعلو الغاطس على السطح، فإن الهواء في الرئتين يتمدد، وذلك لكون الضغط أقل. وإذا لم يتمكن من إخراج هواء الزفير، ربما يتسبب في تمزق الرئتين، وتندفع فقاعات الهواء إلى الدم. ويمكن لهــذه الفــقاعات أن تســد مجرى الدم، وتتسبب في شلل أو موت الغواص. ويمكن تجنب الانصمام الهوائي بممارسة التنفس الطبيعي والصعود التدريجي.

هناك حالة تعرف بشلل الغواص (التحني) أو تفقع الدم ويسمى أيضاً داء الغواص، وتحـــدث عندما تتكون فقاعات النيتروجين في الدم. ويكوِّن النيتروجين أكثر من ثلاثة أرباع هواء التنفس الطبيعي للإنسان. ويمتص الغواص الذي تنفس الهواء المضغوط كمية كبيرة من النيتروجين الذي ينفذ إلى الدم. ويخرج النيتروجين الزائد بوساطة الزفير أثناء صعود الغواص. ولكن في حالة صعود الغواص بصورة سريعة تتكون فقاعات النيتروجين في الدم. ويمكن لفقاعات النيتروجين أن تسد مجرى الدم، ومن ثم تسبب الشلل أو تقضي على حياة الغواص. ويمكن أن يتجنب الغواص حالة الشلل بالارتفاع التدريجي بحيث يسمح للنتروجين الزائد بالخروج من خلال التنفس.

هناك جدول يسمى جدول إزالة الضغط، ويمكن أن يتصرف الغواص على أساس هذه اللوحة طوال المدة التي يمكنه البقاء خلالها في عمق معّين دون أن يمتّص كمية خطرة من النيتروجين. وكذلك معرفة طريقة الصعود ببطء، حتى يتجنب الإصابة بشلل الغواص. ويجب أن يوضع الشخص الذي يعاني من انصمام وعاء دموي هوائي أو شلل الغوص في حجرة إزالة الضغط مباشرة. وفي هذه الحجرة يعود الغواص إلى الضغط الذي يجعل الفقاعات تتكثّف بحيث يذوب الغاز مرة أخرى في الدم. ثم يتناقص الضغط في تلك المرحلة.

يمكن أن يسبب تنفس الغواص للهواء في الأعماق المفرطة نوعاً من التأثير المخدر يسمى خدر النيتروجين. تسبب هذه الحالة فقدان القدرة على التفكير. ويحدث الخدر النيتروجيني غالبًا في الأعماق المفرطة. ولتجنب تلك الحالة، يجب على الغوّاصين أن يتنفســوا هواءً مخلوطــًا بالهيليوم بدلاً من النيتروجين.

وربما يعاني الغواص الذي يتنفس الهواء المكون من الأكسجين بنسبة 100% في الأعماق تسمم الأكسجين، حيث يصاب الغواص بدوار ويتقيأ، وربما تحدث له تشنجات. ويمكن لخليط الهواء المحتوي على نسبة عالية من الأكسجين أن يسبب كذلك تسمم الأكسجين.

نبذة تاريخية

حجرات الغوص عام 1800م استُعملت لإزاحة الصخور من الأنهر والصورتان تعكسان الصخرة المثبتة في حجرة الغوص والتي تم رفعها إلى السطح. لجرس الغوص فتحة في أسفله. ويعمل ضغط الهواء الذي يحتويه الجرس على إبعاد الماء.
كان الغواصون بطريقة حبس التنفس يغوصون للحصول على الأصداف في البحر الأبيض المتوسط في بدايات 4500 ق.م. وقد بحث قدامى الإغريق والرومان عن اللآلئ والإسفنج والأصداف.

استخدم الغواصون في الخليج العربي مناظير للوقاية، مصــنوعة من الذبل (ظهور السلاحف) بعد صقلها وتصفيتها، وذلك لتوضيح الرؤية داخل الماء في أوائل القرن الرابع عشر الميلادي. أصبح الغواص الأمريكي غاي جيلباتريك في أوائل عقد الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي أول من استعمل المنظار المطاطي بالعدسات الزجاجية، ثم جرى استخدام الأقنعة وزعانف الأرجل والشنركل (قصبة التنفس) في منتصف ذلك العقد.

كانت الأجهزة الأولى التي مكّنت الناس من التنفس تحت الماء تسمى حجرات الغوص . استخدمت هذه الأجسام وهي غرف جرسية الشكل منذ الأزمنة القديمة. وقد كانت تُفتح نحو الماء من أسفلها ويصلها الهواء من السطح خلال خرطوم. ويُحفظ ضغط الهواء داخل الغرفة دون أن يؤثر عليه الماء خارج الجهاز.

صمم الغواص الإنجليزي جون ليثبردج سنة 1715م بدلة غوص من الخشب والجلد واستعملت للإسهام في عمليات الإنقاذ. صنعت بدل الغوص المستعملة الآن على أساس بدلة الغوص التي بدأ استخدامها عام 1837م من قِبل أوغسطوس زيبي، الألماني الذي عاش في إنجلترا.

ظهرت أجهزة التنفس المستقلة للغوص في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين، فاختُرع جهاز آمن وبسيط هو الرئة المائية، وذلك سنة 1943م بوساطة الفرنسيين ضابط البحرية جاك إيف كوستو، والمهندس إميل جاجنان.

أدى تطــوير مراكب الغوص المقفلة إلى توسيع مدى النشاطات التي تجري تحت الماء. قام الأمريكي أوتس بارتون بتصميم كرة الأعماق، ثم قام بمصاحبة عالم التاريخ الطبيعي الأمريكي وليم بيب سنة 1930م بأول عملية غوص بها. وقام عالم الفيزياء السويسري أوجست بيكارد بتصميم أول غواصة للأعماق في سنة 1948م.

طورت مواطن التشبع التجريبي تحت الماء في الستينيات من القرن العشرين الميلادي. وتتكون هذه المحطات المأهولة من مبنى أو أكثر من المباني القائمة في قاع المحيط. وقد جربت بنجاح على أعماق مداها من تسعة أمتار إلى180م. مُلئت المقصورات داخل المباني بهواء التنفس المضغوط. ويمكن للغواصين أن يعيشوا هناك لأسابيع، وهم يغادرون المحطة يوميًا للاستكشاف أو العمل. ويتجنب الغواصون معاناة إزالة الضغط كل يوم بالبقاء تحت الماء. بنى كوستو أول موطن للتشبع على ساحل فرنسا سنة 1962م، ثم انتشر بناء هذه المواطن في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية