الرئيسيةبحث

الفيتوري ( al- Fayturi )


الفيتوري (1930 - ). محمد مفتاح الفيتوري شاعر سوداني ولد في بلدة الجنينة الواقعة على حدود السودان الغربية. والده الشيخ مفتاح رجب الفيتوري، وكان خليفة خلفاء الطريقة العروسية الشاذلية الأسمرية أو الطريقة الأسمرية.

عرفت أسرته الهجرة غير مرة إذ هاجر والده من ليبيا إلى غربي السودان قبيل الحرب العالمية الأولى. وكانت أسرة أمه قد هاجرت أيضًا إلى هناك. ومن غربي السودان هاجرت الأسرة إلى الإسكندرية حيث نشأ الشاعر وترعرع في منطقة القباري والتحق بمدرستها الأولية وحفظ القرآن الكريم تأهبا لدخول الأزهر الشريف كما قضت بذلك رغبة والديه، إذ نذراه خادمًا لكتاب الله العزيز.

وفي عام 1944م، عندما اشتدت وطأة الحرب العالمية الثانية، اضطرت أسرته للهجرة إلى الريف المصري ليتابع دراسته في المعهد الابتدائي حتى عام 1947م. التحق بعد ذلك ولمدة سنتين بمعهد رأس التين الديني التابع للأزهر حتى عام 1949م. ثم التحق بالمعهد الديني الثانوي في القاهرة. ثم عاد إلى الأزهر الشريف حتى عام 1953م. ومن الأزهر وفي العام الدراسي 1953 - 1954م انتقل الفيتوري إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، فرع الآداب والدراسات الإسلامية حيث قضى فيها سنتين ثم تركها دون أن ينال شهادتها، منصرفًا إلى دنيا القلم والصحافة. وفي أثناء دراسته في كلية دار العلوم، نشر ديوانه الأول أغاني إفريقيا (1955م)، فأقامت له الكلية حفلاً تكريميًا تشجيعًا واعتزازًا بطالب استطاع أن يهز الأوساط الأدبية بالقضية التي تناولها في هذا الديوان ودفاعه عنها ألا وهي القضية الإفريقية.

نشأ الفيتوري وفي نفسه إحساس دائم بالغربة والحزن وحب الانطواء. يقول واصفًا نفسه:

فقيرٌ أجل .. ودميم دميم بلون الشتاء .. بلـون الغيـوم
يسير فتسخر منه الوجـوه وتسخر حتى وجوه الهمـوم
فيحمل أحقاده في جنون ويحضن أحزانه في وجــوم

يمتاز شعر الفيتوري بشعور الغربة والضياع، ومعاناة حادة تجاه البيض الذين يحتقرون آدمية الإنسان، فيستنفر أبناء جلدته لكي يستيقظوا ويخرجوا من سراديبهم وأكواخهم وأقبيتهم الرطبة ويثأروا لكرامتهم، في قصيدة عنوانها أغاني إفريقيا:

يا أخي في الشرق في كل سكن يا أخي في الأرض في كل وطن
أنا أدعوك .. فهل تعرفني! يا أخًا أعرفه رغم المحن
إنني مزقت أكفان الدجى إنني هدمت جدران الوهن
لم أعد مقبرة تحكي البلى لم أعد ساقية تبكي الدمن
لم أعد عبد قيودي لم أعد عبد ماض هرمٍ عبد وثن

تغير مزاج الفيتوري في دواوينه اللاحقة وترك الصور والتعابير القاتمة السوداء التي يضج بها ديوانه أغاني إفريقيا وديوانه الثاني عاشق من إفريقيا، وأصبح شعره أكثر إشراقًا وتخليًا عن اليأس وشكوى الزمن، وصار يرى الدنيا باسمة جميلة.

كانت الأرض عذراء
والفجر لم يشتعل بعد ..
فليبق وجهك مشتعلاً بالجمال

وللفيتوري تجربة صوفية عبَّر عنها من خلال ديوانه معزوفة لدرويش متجول. والتجربة الصوفية كما يقول الشاعر جزء من كيانه. فقد كان والده من كبار رجالاتها، لذلك فهو لايفسر لجوءه إليها لجوءًا طارئًا أو مفتعلاً أو لجوءًا ثقافيًا لمجرد البحث عن أفق جديد. ويصف موقفه بأنه موقف إنساني إيجابي واع مدرك وليس موقف الدرويش المنجذب إلى مجموعة من الأفكار المشوشة والأفكار التجريدية العمياء.

للفيتوري مجموعات شعرية ومسرحية هي: أغاني إفريقيا ؛ عاشق من إفريقيا ؛ اذكريني يا إفريقيا ؛ أحزان إفريقيا ؛ معزوفة لدرويش متجول ؛ سولارا ؛ البطل والثورة والمشنقة ؛ أقوال شاهد إثبات ؛ ثورة عمر المختار ؛ ابتسمي حتى تمر الخيل.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية