عيون الأخبار ( Oyun al- Akhbar )
عيون الأخبار من أمهات كتب الأدب ومن أقدمها. ألّفه أبوعبدالله محمد بن مسلم بن قتيبة الدينورِي (ت276هـ، 889م)، الذي عاصر الجاحظ، وكان لأهل السُّنة مثل الجاحظ للمعتزلة. له مصنّفات جليلة في علوم القرآن والحديث واللغة.
وهذا المؤلَّف غزير المادة، سيطر ابن قتيبة عليه فجاء به كتابًا صرفًا في الأدب ولم يخلطه بشيء من اللغة والنحو والصرف. وقد حوى الكتاب أخبارًا قيمة ونصوصًا رائعة، أمضى المؤلف زمنًا طويلاً يجمعها ويؤلف بينها حتى أخرجها للناس كتابًا.
والكتاب كغيره من كتب الأدب اهتم فيه صاحبه بالجمع والتدوين ولم يعمد، في الغالب، إلى نقد مرويّاته وفحصها والتعليق عليها. ولو أراد ذلك لأمكنه، لأنا نعرف عقل ابن قتيبة المتّقد وفكره المتحرر الذي يظهر في مقدمة الكتاب وفي مقدماته المعروفة بقيمتها الأدبية. وقد جاء في خطبة هذا الكتاب قوله: "إن هذا الكتاب وإن لم يكن في القرآن والسُّنة وشرائع الدين وعلم الحلال والحرام، دالٌ على معالي الأمور، مرشد لكريم الأخلاق، زاجر عن الدناءة، ناهٍ عن القبح، باعث على صواب التدبير، وحسن التقدير، ورفق السياسة، وعمارة الأرض. وليس الطريق إلى الله واحدًا ولا كل الخير مجتمعًا في تهجّد الليل وسرد الصيام وعلم الحلال والحرام".
تميّز كتاب ابن قتيبة بالتنظيم والتبويب، وهو أمر خلت منه مصنّفات معاصريه، إلا أقلّها. وقد جاء هذا الترتيب مقصودًا، وهو منهج رسمه المؤلّف في مقدمته حيث يقول: "هذه عيون الأخبار صنّفتها أبوابًا، وقرنت الباب بشكله والخبر بمثله والكلمة بأختها حتَّى يسهل على المتعلم علمها وعلى الدارس حفظها وعلى الناشد طلبها…".
وهذه الأبواب التي ذكرها تصلح كتبًا مستقلة وهي: كتاب السلطان وهو مايتعلق بالراعي والرعيّة، وكتاب الحرب وما يتصل بآدابها وآلتها وأخبار الجبناء والشجعان، وكتاب السؤدد أي الشرف والمجد وما يتصل بذلك من الحلم والغضب، وكتاب الطبائع والأخلاق، وكتاب العلم والبيان، وكتاب الزهد، وكتاب الإخوان، وكتاب الحوائج، وكتاب الطعام، وكتاب النساء.
وابن قتيبة في كل هذه الأبواب لا يلتزم الدقة المفرطة، بل كان يستطرد، كغيره من معاصريه، طلبًا لنادرة طريفة أو فطنة لطيفة أو كلمة معجبة وأخرى مضحكة ليروّح بذلك على القارئ من كد الجد وإتعاب الحق فإن الأذن مجَّاجة، كما قال. طبع الكتاب عدة طبعات واختصره بعضهم. ★ تَصَفح: ابن قتيبة الدينوري ؛ الشعر والشعراء.