النابغة الذبياني ( an- Nabighah adh- Dhubyani )
النابغة الذبياني (ت نحو 604م). زياد بن معاوية، ينتهي نسبه إلى سعد بن ذبيان بن بغيض. وأمه عاتكة بنت أنيس من بني أشجع الذبيانيين، فهو ذبياني أبًا وأمًا، وكان يكنى بأبي أمامة وأبي ثمامة، وله ابنة تُسمى عقرب وربما كني بها أيضًا. ويلقب بالنابغة وبهذا اللقب عرف واشتهر. واختلف الرواة في تعليل هذا اللقب، فقالوا: لُقِّب به لقوله: ¸فقد نبغت لنا منهم شؤون·، أو لأنه لم يقل الشعر حتى صار رجلاً، أو لنبوغه في الشعر وتفوقه فيه.
من أعلام الشعراء الجاهليين أصحاب المعلقات ومطلع معلقته:
|
والمعلومات حول فترة طفولته وشبابه شحيحة. وقد اكتفى الرواة بالقول: إن النابغة كان من أشراف ذبيان وبيوتاتهم، وكان معاصرًا لحرب داحس والغبراء التي دارت رحاها بين قبيلته وقبيلة عبس بين عامي (568 و 608م). ولعله لم يشهد نهايتها، إذ لم يرد في أشعاره أي شيء يتصل بانتهائها.
والنابغة عند بعض الرواة من الشعراء الأشراف. وفد على النعمان بن المنذر أمير الحيرة (580 و 602م)، فلزمه ومدحه بكثير من غرِر قصائده. وفي هذه الفترة حقق النابغة شهرته الأدبية ومكانته الاجتماعية المتميزة، فقد كان يضرب له في سوق عكاظ قبة فتأتيه الشعراء، فتعرض عليه أشعارها. ★ تَصَفح: أسواق العرب.
غادر النابغة بلاط أبي قابوس في الحيرة، وتوجه إلى بلاط الغساسنة في الشام، ونزل بكنف عمرو بن الحارث الأصغر ملك الغساسنة، فمدحه ومدح أخاه النعمان، ولم يزل مقيمًا مع عمرو حتى مات، وخلفه النعمان أخوه. ويجمع الرواة على أن النابغة تقرب من الغساسنة لحماية قبيلته ذبيان وحلفائهم من بني أسد. فقد أوقع الملك الغساني عمرو بن الحارث ببني ذبيان وحلفائهم وسبى كثيرًا من نسائهم، فتوسّط النابغة لقومه ونجحت سفارته في ذلك، فعفا الملك عن الأسرى، ورد عليهم سباياهم.
بعد موت الملك الغساني رغب النابغة في العودة إلى النعمان بن المنذر ملك الحيرة، فأخذ ينظم فيه القصائد، ويبعثها إليه معتذرًا له. واستطاع النابغة أن يزيل ما وقر في صدر النعمان من الحقد عليه. وقد اعتبرت هذه القصائد الاعتذارية من أروع قصائده فنًا وإبداعًا، وأرهفها حسًا وشعورًا، وأكثرها تصرفًا في الألفاظ والمعاني. ومن أشهرها بائيته التي مطلعها:
|
رجع النابغة بعد موت النعمان بن المنذر سنة 602م إلى ديار قبيلته وأمضى فيها بقية حياته. وقد تبوأ النابغة قمة الشعر في عصره ؛ فقد أحله النقاد العرب منزلة رفيعة، فهو يعد من شعراء الطبقة الأولى.
ورأى الأقدمون في شعره رونقًا وجزالة ؛ يصدر فيه عن طبع وصدق. أما المحدثون فقد عدّوه من الشعراء الذين يتميزون بقوة الحس، وأنه كان يتخذ الشعر فنًا وصناعة، ولا يندفع فيه مع سجيته.
وفي شعر النابغة رقة وفصاحة في اللفظ، وعذوبة وسهولة في التراكيب، وبعد عن الإغراب. ومع شدة اتصاله بمراكز الحضارة في العراق والشام ؛ فإن شعره مع ذلك ظل شديد الأسر قويّ المتن رصينًا متينًا، حظ الشدة فيه أكثر من حظ اللين.
ومن أجمل صوره الشعرية تلك التي رثى فيها حصن ابن حذيفة موحيًا بالحالة النفسية وشعور الجزع الذي عرا الناس بموته. فجمال الأبيات في إيحائها الفني وعمق تصويرها للموقف الشعوري:
|
وللنابغة اعتذارية عينية تجري مجرى اعتذاريته البائية، وقد جاء فيها:
|
ومن أجمل ماورد فيها قوله:
|
★ تَصَفح أيضًا: الشعر ؛ أيام العرب ؛ أسواق العرب ؛ العربي، الأدب.