زياد بن أبي سفيان ( Ziyad ibn- abi- Sufyan )
زياد بن أبي سفيان (8- 57ه، 629- 676م). من أشهر ولاة بني أمية على العراق، وقد عرف أيضًا باسم زياد ابن أبيه.
عرف عن زياد الذكاء والفطنة ورجاحة العقل، مما جعله يصبح وهو في سن مبكرة كاتبًا في خدمة ولاة العراق الأولين. واستعمله عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، على بعض صدقات البصرة، وقيل بل كتب لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه. ورووا أن عمر أرسله إلى اليمن في إصلاح فساد، فرجع وخطب خطبة بليغة، أعجب بها فصحاء العرب ودهاتهم من أمثال عمرو بن العاص.
استعمله عليّ على فارس، فحمى وجبى، وفتح، وأصلح، وكان يوفده في عظائم الأمور. وكاتبه معاوية يريد الاستفادة من مواهبه لخدمة دولته، فلم يفلح في بادئ الأمر، إلا أنه في سنة 44هـ، 664م، أي بعد وفاة علي بنحو أربع سنوات، نصَّبه واليًا على البصرة، التي كانت معسكرًا رئيسيًا للجنود المجاهدين لإتمام الفتوح في المشرق. وزوج معاوية ابنته من محمد بن زياد.
ظلت خطبة زياد التي ألقاها في مسجد البصرة عند قدومه إليها واليًا من روائع الأدب العربي، وتسمى البتراء ؛ لأنه لم يبدأها بالبسملة على عادة خطباء الإسلام. ★ تَصَفح: الخطابة، فن. وكشف في هذه الخطبة عن برنامجه في الحكم، وأعلن عن الإجراءات الصارمة التي قد يلجأ إليها إذا دعته الحال. وقد ثبت أن تهديداته لم تكن مجرد أقوال. واستطاع بصرامته أن ينشر النظام في البصرة، وهذا ما عجز عنه أسلافه من الولاة، ولذا ضم إليه الخليفة ولاية الكوفة، مركز نفوذ العلويين، فنجح في إدارتها أيضًا. وقبض على زعماء الشيعة بالكوفة، وعلى رأسهم حُجر بن عدي، وأرسلهم إلى معاوية بالشام، فقتل منهم ستة، وأولهم حُجر بن عدي، بسبب خلعهم طاعة الخليفة وولاته، ودعوتهم إلى الثورة على الحكم الأموي. وعمد إلى نقل السكان من مكان إلى آخر لإضعاف مقاومة الشيعة العلويين والقبائل العربية العراقية.
وعدّه بعض المؤرخين أحد أربعة من دهاة العرب، وقال الشعبي: دُهاة العرب أربعة: معاوية للأناة، وعمرو بن العاص للمعضلات، والمغيرة بن شعبة للبديهة، وزياد بن أبيه للصغير والكبير. ومن إصلاحاته أنه أمر بفرش الحصى في مسجد الكوفة، ليقوم مقام الحصير، وقسّم جند الشرطة في الكوفة إلى أربعة أقسام تمثل القبائل المختلفة في كل قسم منها دون أن يكون على رأسهم رئيس القبيلة، بل رئيس تعينه الحكومة. وقسّم جند شرطة البصرة إلى خمسة أقسام، بالطريقة نفسها. ومن المرجح أنه صاحب أول مؤلف في المثالب، ويقال: إنه ألّفه ليكون أداة في يد أبنائه للدفاع عما يوجه إلى أصالتهم. وكان الكتاب متداولاً في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي)، وقرّظه الهيثم بن عدي (ت 206هـ، 821م)، وهذب نصه أبو عبيدة معمر ابن المُثنى (ت 208هـ، 823م)، ووردت بعض نصوصه في كتاب العرب لابن قتيبة. توفي زياد بالطاعون في الكوفة. ★ تَصَفح: الأموية، الدولة.