الرئيسيةبحث

التعليم الفني ( Technical education )



مراكز التدريب على الحاسوب تنتشر في جميع مدن المملكة العربية السعودية.
التعليم الفني نوع من التعليم يُعنى بتزويد الدارسين بمهارات حرفية، تقوم على الممارسة أكثر من التنظير في مجالات الميكانيكا، والكهرباء، والإلكترونيات، والحدادة، والبرادة والنجارة، وأعمال التشييد، كتشييد المنازل وتزيينها، وإنشاء الطرق. كل ذلك يتم تزويد الدارسين به وفق قواعد علمية معينة.

نشأته:

بدأت جذوره في أوروبا مع حدوث الثورة الصناعية. وانتقل منها إلى سائر بلاد العالم. وكان هدفه إعداد القوى العاملة القادرة على التعامل الكفء مع الآلات والأجهزة ومتطلبات المهمات الجديدة في مجموعة من المهن أو الحرف أو الوظائف.

وقد أنشئت مدارس التعليم الفني ـ أساسًا ـ لتقديم برامج خاصة، تجمع بين قدر من المواد الدراسية الأكاديمية والتدريب المهني، لتخريج من يعملون في الوظائف الوسطى في الصناعة والزراعة والتجارة، أو لمتابعة تدريب مهني في مستوى أعلى، دون أن يؤدي النجاح في برامجه إلى الالتحاق بالجامعة.

أهدافه وخصائصه:

يقدم، عادة، في مستوى المرحلة الثانوية بعد استكمال التعليم الأساسي. يُركز فيه على التدريب العملي لتنمية المهارات المطلوبة لأداء الحرف المختلفة في قطاعات الصناعة والزراعة والتجارة والخدمات مثل: السباكة والحدادة والنجارة والمعادن والكهرباء والإلكترونيات والطباعة والسيارات والتمريض وخدمات الفنادق، وغيرها. وتشمل مناهج التعليم ثلاثة جوانب متميزة هي: أ- مواد وأنشطة لاستكمال الإعداد الفكري والثقافي والاجتماعي مثل: اللغات، التربية الدينية، المواد الاجتماعية. ب- مواد وأنشطة تتعلق بمجال أو مجالات في التخصص الفني: كالكهرباء، الصناعات الغذائية، التدفئة والتبريد، أعمال النسيج. ج- تدريب عملي تطبيقي في الورش والمختبرات داخل المؤسسات التعليمية وخارجها في المصانع والشركات والمؤسسات العامة والخاصة. تكلفة تعليم الطالب الواحد فيه ـ بوجه عام ـ أعلى من تكلفة تعليم الطالب في التعليم الثانوي العام.

تبعيته:

ليس هناك نمط واحد للهيئة المركزية التي يتبعها التعليم الفني والتقني ؛ ففي بعض البلاد تتبع مدارس التعليم الفني وزارة التربية والتعليم، وفي بعضها الآخر تكون مدارسه تابعة للوزارات ذات العلاقة به مثل: الصناعة والزراعة والصحة، وهكذا. وفي بلدان أخرى أنشئت هيئة مستقلة للتعليم الفني والتدريب المهني، وعهد إليها بالإشراف على تخطيط هذا التعليم، وتسيير مؤسساته، وتطوير برامج العمل فيه. وقد تتعدد في بعض الدول الجهات التي يتبعها التعليم الفني.

المعلمون:

أدى تمايز المواد والأنشطة التي تقدم في التعليم الفني إلى تعدد أنواع المعلمين فيه، وتفاوت كفاءاتهم ؛ فمعلمو المواد النظرية كاللغات والمواد الاجتماعية والعلوم يتم إعدادهم غالبًا في كليات جامعية، ومعلمو المواد والأنشطة العملية التطبيقية يمثلون خليطًا من المعلمين، فبعضهم أعد في مدرسة أو معهد فني متوسط في مستوى المرحلة الثانوية، وبعض آخر أعد في معاهد فنية أو تقنية أو كليات للمجتمع لمدة عامين بعد الثانوية العامة، وآخرون اقتصر إعدادهم على التدريب في بعض مراكز التدريب المهني. وقد أدى هذا التفاوت في إعداد المعلمين إلى تفاوت في أجورهم وفي مكانتهم الاجتماعية.

ورشة التدريب على أعمال الصيانة الكهربائية بكلية الجبيل الصناعية في المملكة العربية السعودية تستقطب اهتمام عدد من المتدربين.

التعليم الفني والصناعة:

يرجع الباحثون تقدم التعليم الفني في بعض الأقطار وتخلفه في أقطار أخرى إلى ظروف نشأة الصناعة وتطورها، وأثر ذلك في التعليم الفني. ففي الدول المتقدمة صناعيًا نشأ التعليم الفني مواكبًا للصناعة، وتكفلت المواقع الصناعية بإعداد الكوادر الفنية اللازمة له، في مستويات مختلفة. أما الدول النامية ـ وبينها كل الأقطار العربية ـ فإن نظم التعليم فيها قد سبقت الصناعة في النشأة وفي التطور على السواء ؛ إذ ماتزال الصناعة في تلك الأقطار تعاني ندرة في الأطر الفنية والتقنية، هذا بالإضافة إلى أن التعليم الفني بموارده الضئيلة في الدول النامية لا يستطيع جذب الكفايات اللازمة لتسييره وترشيد مسيرته، وتطويرها وفقًا لأحدث منجزات العصر في التقدم العلمي وثورة التقنيات.

حجم التعليم الفني في الدول العربية:

بذلت معظم الدول العربية ـ في العقود الثلاثة الأخيرة ـ محاولات شتى لتطوير التعليم الفني كمًا ونوعًا. وتشير بيانات نشرت في أواخر الثمانينيات إلى أن مجموع المقيدين في التعليم الفني في الوطن العربي كان 920 ألف طالب، وأن مجموع المقيدين في التعليم الثانوي العام كان 2,1 مليون طالب. وتشير أيضًا إلى تفاوت كبير بين الدول العربية في نسبة المقيدين بالتعليم الفني ومجموع المقيدين بالتعليم الثانوي بنوعيه، وذلك على الوجه التالي:

* في جمهورية مصر العربية والجمهورية العربية السورية وفي دولة البحرين كانت نسبة القيد في التعليم الفني إلى مجموع المقيدين بالمرحلة الثانوية أكثر من 50%.
* في تونس والعراق وليبيا ولبنان تراوحت النسبة بين 20 -30%.
* في الأردن وجيبوتي والسودان والصومال وفلسطين واليمن الديمقراطية (آنذاك) كانت النسبة بين 10 -20%.
* في الجزائر والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان والجمهورية العربية اليمنية (وقتذاك) تراوحت النسبة بين 5 -10%.

في الإمارات العربية المتحدة وقطر والمغرب وموريتانيا كانت النسبة أقل من 5%.

هذا ويحتل التعليم التجاري في الدول العربية مساحة كبيرة من حجم التعليم الفني، يليه التعليم الصناعي، ثم التعليم الزراعي. هذا ومما يلفت النظر بشدة أن نسبة التعليم الفني الزراعي في مصر وفي العراق، وهما بلدان زراعيان، كانت حوالي 10% من مجموع طلاب التعليم الفني.

أزمة التعليم الفني في الدول العربية:

يعاني التعليم الفني في معظم الدول العربية من أزمة تتمثل أعراضها فيما يلي: 1- الأغلبية الساحقة فيمن يلتحقون به يكونون عادة من ذوي المعدلات المنخفضة في امتحان الشهادة المتوسطة (الإعدادية). وينتمي معظمهم إلى أسر تتسم بالفقر اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا في الريف وفي المدن وفي البادية. 2- تدني أداء الطلاب الملتحقين به في مواد اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات والعلوم، وهي مواد أساسية في التعليم الفني والتقني. 3- يواجه التعليم الفني في معظم الدول العربية طريقًا مسدودًا، إذ لا يتاح لخريجيه متابعة الدراسة الجامعية أو العليا إلا نادرًا. 4- تدني نظرة المجتمع إلى خريجي التعليم الفني، وعزوف الآباء عن إلحاق أبنائهم به، وتفضيلهم التعليم الأكاديمي الذي يؤهل لأعمال ذات مكانة اجتماعية عالية في المجتمع. 5- زيادة نسبة البطالة بين خريجي التعليم الفني في بعض الدول العربية. 6- ضعف الارتباط بين التعليم الفني واحتياجات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. 7- ضعف خدمات التوجيه والإرشاد المهني في التعليم الفني، وندرة البحوث العلمية في مجالاته المختلفة، وندرة قواعد المعلومات الخاصة به التي تتصف بالدقة والموضوعية والحداثة. 8- قلة المخصصات المالية التي ترصد له في بعض الدول. 9- ضعف الارتباط بين مدارس ومعاهد التعليم الفني وقطاعات الإنتاج والخدمات، وهي الجهات المستفيدة من خريجي هذا التعليم. 10- ضعف كفايات عدد كبير من المعلمين في أداء مسؤولياتهم، بسبب سوء الإعداد وضعف الحوافز المادية والمعنوية المتاحة لهم.

مركز التدريب والتطوير المهني ـ دولة قطر. يبدو في الصورة أحد المتدربين وهو يقوم بالتدريب على أعمال اللحام بالأكسجين.
التدريب على الأعمال الأساسية في اللحام، وأعمال الصاج، والآلات والمعادن والبرادة بمراكز التدريب الفني.

زيادة فاعلية التعليم الفني في الدول العربية:

قضية تهتم بها منظمات دولية مثل: منظمة العمل الدولية، منظمة التعاون الدولي ومؤسسات إقليمية مثل: المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة، منظمة العمل العربية، الاتحاد العربي للتعليم الفني. وهو ـ أيضًا ـ موضع عناية كثير من الدول العربية، بوصفه أداة فعالة في إحداث التنمية الاقتصادية. وفيما يلي عدد من التوصيات المقترحة لزيادة فاعليته في الدول العربية: 1- أن تتغير نظرة المجتمع الدونية إلى العمل اليدوي بعامة وإلى التعليم الفني بخاصة. 2- أن يكون التعليم الفني جزءًا من نسج التعليم الأساسي ؛ وذلك بتعريف الطلاب بأهمية ومبادئ التكنولوجيا. 3- ضرورة أن يعتمد التعليم الفني على أساس متين من التعليم العام، فلا يبدأ فيه إلا بعد نهاية المرحلة المتوسطة (الإعدادية). 4- فتح قنوات تسمح بالانتقال من التعليم الفني إلى التعليم العام ومن التعليم العام إلى التعليم الفني. 5- تعديل شروط القبول في التعليم الفني، والعدول عن معيار الدرجة الكلية لامتحان الشهادة المتوسطة، إلى أعمال معيارية أخرى هي: أ- حرية الطالب في اختيار نوع التعليم. ب- استعداده وإنجازه التعليمي في المواد الأساسية والأنشطة التي تتضمنها مناهج التعليم الفني. 6- التوسع في أهداف التعليم الفني، وتوزيع مؤسساته للوفاء بواحد أو أكثر مما يلي: أ- إمكان الانتظام في التعليم الفني إلى جانب الالتحاق بالعمل أو التدريب. ب- تهيئة الطالب لمزاولة مهنة أو البدء في مشروع حرفي مستقل به. ج- الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي والجامعي لإنجاز مستويات فنية وتقنية عليا. 7- مراجعة بنية برامج التعليم الفني ومناهجه، بصفة دورية لملاحقة التقدم العلمي والتغير التكنولوجي المتسارع، وإعمالهما في سد حاجات المجتمع المحلي والوطني والقومي. 8- أن تسهم مواقع ومؤسسات الإنتاج بطريقة فعالة في إعادة بناء التعليم الفني سواء في ذلك أهدافه، وهياكله، ومحتويات التعليم والنشاطات فيه، وأساليب التعليم والتدريب والتقويم. وهذا يقتضي أن يتم تبادل المواقع والأدوار بين العاملين في مؤسسات الإنتاج ونظرائهم العاملين في مدارس التعليم الفني. وهذا يشير إليه مصطلح ·التوأمة· أو المؤاخاة بين المصانع ومدارس التعليم الفني. 9- تأسيس معاهد عليا للتعليم الفني ؛ تضطلع بتقديم برامج قصيرة الأجل لغير المتفرغين من الطلاب، وبرامج طويلة الأجل للطلاب المتفرغين بهدف تعميق الدراسات والممارسات ذات العلاقة بالتخصصات المهنية المختلفة. 10- إتاحة التعليم الفني في كافة أنواعه وفي مختلف مستوياته للذكور وللإناث على السواء. 11- زيادة المخصصات المالية للتعليم الفني في ميزانيات الدول، ودعوة مؤسسات الإنتاج والخدمات إلى الإسهام في تمويل التعليم الفني، وإلى إتاحة فرص التدريب العملي فيها لطلاب التعليم الفني. 12- استحداث نماذج لإعداد معلم التعليم الفني تتصف بتكامل جوانب الإعداد الثقافي والتخصصي والمهني العملي. 13- دعوة مراكز البحث العلمي إلى زيادة العناية بالبحوث العلمية المنضبطة في كل مجالات التعليم الفني من حيث: أهدافه، وبناء الهيكلية ومناهجه، واستراتيجيات التعليم والتدريب ووسائل التقويم. 14- إحكام الصلات بين البنية الاقتصادية في قطاعاتها المختلفة وبين التعليم الفني لتلافي الهدر، وتجنب البطالة، وسرعة تلبية مطالب العمل في القطاعات المختلفة.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية