تبوك، غزوة ( Tabuk, Battle of )
تبوك، غزوة. غزوة تبوك دارت وقائعها في رمضان من العام التاسع الهجري بين المسلمين بقيادة الرسول محمد ﷺ والروم بالشام. ذُكر من أسبابها أن هرقل ـ ملك الروم ـ جمع جموعاً من الروم وقبائل العرب الموالية له لحرب المسلمين، فعلم بهم رسول الله ﷺ فخرج إليهم في نحو ثلاثين ألفاً، في سنة مجدبة وحرّ شديد. ورجع عبد الله بن أُبَيّ من الطريق. وتخلّف نحو ثمانين من المنافقين كفرًا وعنادًا. وتخلّف عُصاة، مثل: مرارة بن الربيع وكعْب بن مالك وهلال بن أمية، وهم المسمون في القرآن الكريم في سورة التوبة بالثلاثة الذين خُلِّفوا، وقد تاب الحق تبارك وتعالى عليهم بعد ذلك بعد أن اعتذروا.
عندما وصل النبي إلى تبوك هابه الروم فتفرقوا، فلم يتوغل الرسول ﷺ في أرض الروم، ورجع بعد أن صالح يُحَنَّة بن رؤبة صاحب أيلة، وأُكيدر دومة الجندل، وقذف الرعبَ في قلوب الروم. وكان رجوعه منها في رمضان.
وكان لهذه الغزوة أعظم أثر في بسط نفوذ المسلمين وتقويته على جزيرة العرب، فقد تبين للناس أنه ليس لأي قوة من القوات أن تعيش في بلاد العرب سوى قوة الإسلام، وبطلت بقايا آمال كانت تتحرك في قلوب بقايا الوثنيين والمنافقين الذين كانوا يتربصون بالمسلمين الدوائر، وكانوا قد عقدوا آمالهم بالروم، ولكنهم استكانوا بعد هذه الغزوة. ونزل القرآن ليفضح نوايا هؤلاء وخاصة المنافقين، الذين أمر الله بالتشديد عليهم، ونهى عن قبول صدقاتهم، وعن الصلاة على من مات منهم، وعن الاستغفار لهم والقيام على قبورهم، وأمر بهدم مسجدهم (مسجد الضرار) الذي بنوه وكرًا لدسائسهم. وتتابع قدوم الوفود على الرسول ﷺ وتكاثر إلى أن بلغ القمة بعد هذه الغزوة، لتجديد البيعة أو إعلان إسلام أقوامهم.
وصالح الرسول ﷺ في هذه الغزوة القبائل وسكان مناطق الحدود الشمالية بين الحجاز وأرض الشام، فَأَمَّنُوا بذلك قاعدة متقدمة أمامية لعملياتهم المقبلة باتجاه الروم في أرض الشام.