الرئيسيةبحث

المغرب، فتح ( al- Maghrib, Conquest of )


المغرب، فتح. المقصود بفتح المغرب ضم بلاد المغرب إلى الدولة الإسلامية. توقفت الفتوح في السنين الأخيرة من خلافة عثمان بن عفان لانشغال المسلمين بأحداث الفتنة التي أدت إلى مقتل عثمان ثم الحرب بين المسلمين في معركتي الجمل وصفين. وعندما استقر الأمر لمعاوية قرّر معاودة ما بدأه من فتح المغرب، فأمدَّ قائده عقبة بن نافع بعشرة آلاف مقاتل، فبدأ تقدمه سنة 62هـ، 681م من سرت نحو فزان، ثم إلى بياض، وفتح بعدئذ غدامس وقفصة وقسطيلية.

وضع عقبة خطّة محكمة لفتح المغرب، حيث قسمها إلى شطرين، أولهما إنشاء قاعدة حربية متقدّمة في قلب إفريقية (تونس) لتعسكر بها الحاميات المسلمة ولتوُجّه منها الحملات إلى أنحاء المغرب بدلاً من الانطلاق من مصر البعيدة. وثانيهما القضاء على مركز المقاومة في إفريقية (تونس) بغزو البربر في عقر دارهم والتوغل في الصحراء بدلاً من الاكتفاء بغزو المدن الساحلية.

نفّذ عقبة الشِّطر الأول من خطته، بأن اختط مدينة القيروان، ولم يتمكن من تنفيذ الشطر الثاني من خطته، لأنه عُزل عن ولاية إفريقية عام 55هـ الموافق 674م لعدم رضا والي مصر عنه. وضُمَّت إفريقية (تونس) إلى مصر تحت ولاية مسلمة بن مخلد الأنصاري، الذي ولّى أمر إفريقية لمولاه دينار أبي المهاجر.

انتهج البربر سياسة جديدة في حرب المسلمين، وهي التحالف مع الروم، مما حمل أبا المهاجر إلى اتباع سياسة الملاينة مع البربر أيضًا. وأفلح بهذا في كسب ودِّ زعيم البربر كسيلة واعتناقه الإسلام، مما كان له أثره في نشر الإسلام بين البربر.

وانحاز البربر إلى أبي المهاجر عام 59 هـ الموافق 678م، فحاربوا معه الروم في قرطاجنة. وصالحه الروم في قرطاجنة وتنازلوا له عن شبه جزيرة شريك.

لم يحلّ عام 62هـ الموافق 681م حتى عُزل أبو المهاجر عن الإمارة وأعيد إليها عقبة، وكان في عهد الخليفة يزيد بن معاوية عقب وفاة مسلمة بن مخلد والي مصر. فواصل عقبة تنفيذ الشطر الثاني من خطته، فوصل في تقدمه إلى شاطئ المحيط، على الرغم مما لقيه من مقاومة عنيفة من الروم والبربر. وقُتل عقبة عند حصن تهودة في طريق عودته إلى القيروان، وقُتل معه أبو المهاجر، وذلك لسوء سياسته. وخشي المسلمون بالقيروان على أنفسهم فأخلاها حاكمها زهير بن قيس عام 65هـ الموافق 684م، وانسحب إلى برقة، فدخلها كسيلة، وأمَّن من بقي بها من المسلمين.

ومكث زهير في برقة أربع سنوات ينتظر المدد لمحو الآثار السيئة لمعركة تهودة. وعندما وصلته إمدادات الخليفة عبد الملك بن مــروان وأمره بالتقدم مرة أخرى إلى المغرب عام 69هـ الموافق 688م، تحرك ليصطدم بقوات كسيلة المنسحبة من القيروان لتتحصن بـ ممس. ودارت معركة رهيبة، انتهت بهزيمة البربر، وقْتل كسيلة. ولكن لم يجْن زهير ثمرة نصره، لأنه أخطأ في تأمين ظهره عندما توغّل في داخل البلاد، فباغته الروم في طريق عودته إلى برقة، وقضْوا على جنده، واستُشهد زهير بنفس الطريقة والسبب اللذين استشهد بهما عقبة.

حَرص عبد الملك بعد مصرع زهير على إتمام فتح المغرب محافظةً على هيبة الدولة الإسلامية، فولى عليها حسان بن النعمان عام 76هـ الموافق 695م، وحشد له أربعين ألف مقاتل.

سار حسان إلى المغرب، مجتازًا برقة وطرابلس حتى وصل إلى سهل تونس، حيث انضم إليه عدد كبير من البربر، فقصد بهم قرطاجنة ـ عاصمة الروم ـ فحاصروها ثم افتتحها، وترك بها حامية صغيرة، وانصرف إلى القيروان. وثارت المدينة من خلفه، فعاد إليها وافتتحها عنوة وخَّرب حصونها.

وواجه حسان خطرًا آخر، وهو تجمع البربر خلف امرأة منهم يعتقدون فيها السحر والكهانة، عُرفت باسم الكاهنة، وتمكنت الكاهنة من هزيمة جيش حسّان، ورده إلى برقة مرة أخرى. وخَّربت البلاد ظنًا منها أن سبب مجيء المسلمين هو الغنائم. فضاق بها البربر ذرعًا، واستنجدوا بحسان. وتقاسمت الكاهنة قرطاجنة مع الروم .

قرر حسان إنهاء هذا الأمر، فأعانه البربر، فقضى على الكاهنة. وفي عام 83هـ الموافق 702م، افتتح قرطاجنة، وأجبر الروم على مغادرة إفريقية إلى الأبد، ودانت المغرب للمسلمين بعد صراع امتد لأكثر من ستين عامًا بين العرب من جهة والروم والبربر من جهة أخرى.

★ تَصَفح أيضًا: عقبة بن نافع ؛ المغرب، تاريخ ؛ الفتوح الإسلامية.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية