نفح الطيب ( Nafh- at- Tiyb )
نَفْحُ الطِّيْبِ من عيون مؤلفات المكتبة الأندلسية ؛ وعنوان الكتاب الكامل هو: نَفْح الطِّيب من غُصن الأندلس الرَّطِيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب. ومؤلفه أبو العباس، أحمد بن محمد بن أحمد المقرِّي التلمساني الملقب بشهاب الدين. وقد صار الكتاب علمًا لمؤلفه كما أصبح المؤلف علمًا لكتابه ؛ فلذلك كثيرًا ما يكتفى بالقول: نفح الطيب للمقري. وهو ارتباط بين المؤلف وكتابه يعيد إلينا أمجاد عيون المؤلفات في المكتبة العربية كابن عبدربه وعقده وابن بسام وذخيرته وابن حزم وطوقه ومن إليهم في المكتبة الأندلسية.
ولد المقري عام 986 هـ، 1578م بتلمسان وتوفي عام 1040 هـ 1630م بالقاهرة. وكان شديد الإعجاب بشخصيَّة الوزير الغرناطي العالم والأديب لسان الدين بن الخطيب، ومن ثم كان غرضه من هذا المؤلف أن يتناول شخصية ابن الخطيب في كل جوانبها.
ينقسم الكتاب قسمين، وكل قسم في ثمانية أبواب:
فالقسم الأول بأبوابه الثمانية يختص بالأندلس، فيصفها في عمرانها وعاصمتها قرطبة وجامعها والزهراء الناصرية والعامرية، ثم يفرد حديثًا عن الخلافة الأموية بالأندلس وعن قوة الإسلام وسلطانه في شبه الجزيرة الأندلسية.
ونجد في هذا القسم تعريفًا بأعلام الشخصيات الأندلسيه، التي رحلت إلى المشرق لإكمال دراستها أو تلقي العلم. وكانت الرحلة إلى المشرق من متطلبات التكوين العلمي والأدبي لأهل الأندلس، كما يذكر أولئك المشارقة الذين وفدوا على الأندلس من أعلام الأدباء والمفكرين. وهذا القسم مليء بالأخبار الطريفة والأشعار الكثيرة، كما تتنوع تراجم الشخصيات الأندلسية فيه بين ملوك وأمراء وقواد ووزراء وشعراء وكتاب وقضاة وفقهاء وزهاد وغيرهم. وأهم ما يميز هذا القسم غلبة الطابع الأدبي عليه.
أما القسم الثاني بأبوابه الثمانية فمخصص لابن الخطيب، يتحدث فيه المَقَّري عن أصله ونشأته وثقافته ومناصبه ورحلاته، كما يعرض لتلاميذه ومريديه وأصدقائه وندمائه وحاسديه وأعدائه.
وأهمية هذا القسم أنه حفظ قدرًا طيبًا من تراث ابن الخطيب النثري، كما حفظ شعره وموشحاته وأزجاله.
وتعد مقدمة الكتاب من معالم النثر الأدبي للمَقَّري. فهي أقرب ما تكون إلى ما عرف بأدب الرحلة، إذ يتحدث فيها عن رحلته من المغرب إلى مصر، برًا وبحرًا، ويصف ماعاناه من أهوال الرحلة ثم زيارته للبيت الحرام ووصوله بعد ذلك إلى مصر. وخلال كل ذلك يصف ما اعتراه من شوق وما عاناه من وجد وهو بعيد عن بلده يصطلي بالحنين إليها.
كما تحفل المقدمة بطائفة من الشعر له ولغيره في وصف الوطن وحرقة البعد عنه، حتى أضحت المقدمة سفرًا قيمًا في أدب الرحلة وأدب الديار.
وأسلوب النفح مشرق وجذاب، وإن غلب عليه السجع، ذلك أن المقري كان يتشبه في أسلوبه بلسان الدين ابن الخطيب. كما كانت الاستطرادات، لكثرتها، مشتتة لذهن القارئ، بجانب أن بعض الأخبار تتكرر في أكثر من موضع. ومن إيجابيات الكتاب اعتماد المقري أسلوب الرواية فيما يورده من أخبار، فيرجع كل خبر إلى أصله وكل شعر إلى مصدره. ويعد نفح الطيب من آخر الموسوعات العربية الكبرى والمتخصصة في التراث الإسلامي الأندلسي ؛ لعنايته بالجانب التاريخي السياسي وبأدب الرحلة والبلدان والترجمات وذكر الحروب، كما عكس الأسى والأسف لضياع الأندلس إذ أن الكتاب كتب ومايزال الجرح نازفًا.
وقد طبع الكتاب عدة طبعات.
★ تَصَفح أيضًا: المقري، أبو العباس.