الرئيسيةبحث

المصري، عزيز علي ( al- Masri. 'A. 'A: )


المصري، عزيز علي (1298 - 1385هـ، 1880 - 1965م). عزيز علي المصري قائد عسكري مشهور من طلائع رجال الحركة العربية في أوائل القرن العشرين الميلادي، ولد في القاهرة. ومات أبوه وهو في السادسة، وماتت أمه وهو في الحادية عشرة، فكفلته شقيقته. التحق بالكلية الحربية بتركيا عندما حصل على شهادة البكالوريا، بهدف الإسهام في طرد الإنجليز من بلاده ؛ فقد عاش مطالع شبابه في ظل الاحتلال البريطاني لمصر، وصادف ذلك نفسًا حرة أبية. وعندما تخرج عام 1322هـ، 1904م في مدرسة أركان الحرب بالقسطنطينية، عمل في هيئة أركان حرب الجيش التركي في مقدونيا. لمع اسمه من خلال عمليات حربية متعددة. انضم إلى جماعة تركيا الفتاة السرية التي تشكلت من ضباط الجيش، ثم تحولت إلى جمعية الاتحاد والترقي، وكان من أهدافها المطالبة بدستور للدولة العثمانية. صدر الدستور عام 1326هـ، 1908م. وكان لعزيز دور بارز في هذا. قبض عليه مع آخرين عندما حاول السلطان عبدالحميد الثاني إلغاء الدستور. وكان ذلك علامة على نهاية حكم السلطان عبد الحميد الذي عزل عام 1327هـ، 1909م. كان عزيز أحد الذين اشتركوا في تنحية السلطان عبدالحميد. وعندما تحولت جمعية الاتحاد والترقي للدعوة إلى العنصرية التركية باسم الجامعة الطورانية في محاولة لتتريك العناصر العربية في الدولة العثمانية، رأى عزيز أن الاتحاديين خطر على العرب وخصوم للوحدة العربية التي يدعو لها. ولذا أخذ يعمل للدعوة إلى اللامركزية لينال العرب استقلالهم عن الدولة العثمانية. فكون جمعية عربية خالصة لهذا الهدف، هي الجمعية القحطانية. وكان إذ ذاك أستاذًا في كلية أركان الحرب. وأتيح له في هذه الفترة أن يقوم بعملين كبيرين: الأول أنه استطاع أن يقنع إمام اليمن بتسوية خلافاته مع الحكومة العثمانية، سنة 1329هـ، 1911م، مما زاد هيبته في أعين العرب ؛ لأن هذه التسوية اعترفت بالاستقلال الداخلي للإمام. والثاني قيامه بدور إيجابي في الدفاع عن بُرْقة عقب نزول الإيطاليين إلى البر عند درنة عام 1329هـ، 1911م، وأنزل بهم خسائر فادحة.

وعندما ظهر اتجاه الاتحاديين إلى إقصاء الضباط العرب المقيمين في العاصمة إلى الحاميات البعيدة، استقال من منصبه، وكوّن جمعية سرية سنة 1332هـ، 1914م، تتألف من ضباط الجيش العرب، وسميت بـجمعية العهد. اكتشف الاتحاديون أمر هذه الجمعية، فاعتقلوا عزيزًا، واتهموه بالسعي لإقامة مملكة عربية في شمالي إفريقيا، وتسليم برقة للإيطاليين وإساءة التصرف في أموال الجيش. فحكموا عليه بالإعدام، ثم عدلوا عن ذلك إلى السجن خمسة عشر عامًا نتيجة للاحتجاجات القوية في الوطن العربي، وأقسم الضباط العرب على الثأر له إذا أُعدم. لم يلبث كثيرًا في السجن، فقد أُفرج عنه، فسافر إلى مصر حيث استقبل بحفاوة بالغة باعتباره بطلاً قوميًا.

وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، ودخلتها تركيا في صف الألمان ضد الإنجليز وبقية الحلفاء، سارعت بريطانيا فعزلت عباس حلمي وعينت حسين كامل سلطانًا، كما أعلنت نهاية السيادة العثمانية. هناك أرسل عزيز رسالة قوية إلى زعماء جمعية العهد، طالبهم فيها بعدم القيام بأي عمل ضد تركيا، لأن اشتراك تركيا في الحرب سيعرض ولاياتها العربية للاحتلال الأجنبي، وكان من رأيه الحصول من تركيا على ضمانات قاطعة تحميهم من الأطماع الأوروبية. وظن أن الحرب فرصة لاستقلال العرب. وعندما وقع الاتفاق بين الشريف حسين ـ سلطان مكة ـ والإنجليز على معاونة العرب للحلفاء مقابل مساعدتهم لنيل استقلالهم بعد الحرب، اتصل عزيز بالشريف ليحذره من وعود بريطانيا التي تمليها عليها ضرورة الحرب، ثم لا تلبث أن تنقضها من بعد.

وعندما أعلن الشريف حسين الثورة على تركيا مع الحلفاء اختير عزيز لقيادة الجيوش العربية، فكون نواة جيش عربي مدرب، ثم اختلف مع الشريف حسين، فتخلى عن القيادة، عندما فطن إلى أن الإنجليز يريدون القضاء على العرب والأتراك معًا. وعندما وضعت الحرب أوزارها تأكدت لعزيز وغيره نوايا الإنجليز، حين نقضوا عهدهم مع العرب فخرج عزيز إلى أسبانيا، ثم تحول إلى ألمانيا عام 1337هـ، 1918م، ثم عاد إلى مصر عام 1344هـ، 1925م، ليعمل مديرًا لمدرسة الشرطة والإدارة. ثم اختاره الملك فؤاد مرافقًا لابنه فاروق إلى لندن، فأخذ يوجهه وجهة وطنية، فاصطدم بموجهي فاروق الآخرين، فتركه وعاد إلى مصر، وشغل نفسه بقضية استقلال مصر. وعين مفتشًا عامًا للجيش المصري عام 1356هـ، 1937م فرئيسًا لهيئة أركان حربه. وعندما صرح بأن لاضرورة لوجود البعثة العسكرية البريطانية في الجيش المصري، منحوه إجازة مفتوحة ولفقوا له تهمًا لسجنه خلال الحرب العالمية الثانية. كان يقبض عليه في كل حادث يحدث بمصر.كان عمله الحقيقي في هذه الفترة وإلى أن توفي هو توجيه الشباب نحو الانخراط في حركات التحرر الوطني ضد الإنجليز وأسرة محمد علي باشا.

المصدر: الموسوعة العربية العالمية